أثبت المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بما لا يدع مجالا للشك، بأنه بلد متشبث بجذوره الإفريقية، وأنه يضع قضايا القارة الإفريقية ضمن أولوياته. ويتضح من خلال ما أسفرت عنه الزيارات الملكية السابقة لمختلف الأقطار الإفريقية، وما تسفر عنه الجولة الإفريقية الحالية، التي انطلقت قبل أكثر من أسبوع بزيارة السينغال المحطة الأولى، ثم تواصلت بزيارة كوت ديفوار، في انتظار زيارة الغابون، (يتضح) أن المغرب مخلص لتعاون جنوب جنوب، ويقدم الدليل على أنه متمسك بجذوره وماض في ترسيخ وتجديد المحبة الضاربة في عمق التاريخ بينه وبين أشقائه. محبة تفوح بعبق التاريخ وتتزيى بمظاهر التحضر، الذي بلغ ذروته في الألفية الثالثة. وسيسجل التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز للمغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة، نصره الله، الانفتاح على المحيط الإفريقي، والمواقف الثابتة لتمكين دول وسكان القارة من الدعم اللا مشروط للمملكة. ومثلما أكدنا غير ما مرة، فإن صدق النوايا المغربية، والبعد الإنساني الواضح، الذي يضيفه جلالة الملك على التعامل مع الأشقاء في القارة السمراء أرخى بظلاله على الزيارة الملكية إلى كل من السينغال وكوت ديفوار وسيمتد بإذن الله خلال الزيارة المرتقبة إلى الغابون. وهي في الواقع دروس مليئة بالعبر، التي تتطلب بذل جهد لفهمها، واتضح ذلك بجلاء من خلال الحفاوة المميزة التي طبعت استقبال جلالة الملك في المحطتين الأولى والثانية، حفاوة قدمت الدليل على أن أفارقة الألفية الثالثة انتقلوا من مرحلة الفهم والنضج ليصلوا إلى النبوغ بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهو ما ينبغي أن يهنئ كل منتم إلى القارة ومخلص لروح الأخوة نفسه عليه. إن ما يثلج الصدر هو التناغم بين بلد إفريقي في شمال القارة، وضعته الجغرافيا أقرب من غيره إلى أوروبا، ولم ينس جذوره، كما أن البعد لم يؤثر في حرارة المحبة الصادقة، والتعاون الذي صار قرارا واختيارا. وما يثلج الصدر، أيضا، الأصداء التي تصلنا من الغابون عن التحضيرات الجارية على قدم وساق للحدث التاريخي المهم المتمثل في استعداد هذا البلد الإفريقي العزيز لاستقبال قائد عظيم لبلد المغرب العظيم، بتاريخه وحاضره المشرف لقارة بأكملها. نعم تستعد جمهورية الغابون لاستقبال جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لأن اهتمام جلالته، بالسياسة الإفريقية باعتبارها جزءا مهما من السياسة الخارجية للمملكة، لم يعد خاف على أبناء الأقطار الإفريقية. وقد ضاعفت الزيارة الملكية محبة الأفارقة لجلالة الملك، وضاعفت افتخار أبناء المغرب في كل أنحاء العالم بحكمة وتبصر قائدهم الملهم. ينتظر الغابونيون ومغاربة الغابون قدوم جلالة الملك على أحر من الجمر، لأنها زيارة ستدخل الجميع التاريخ من بابه الواسع، فهي الخامسة لجلالة الملك منذ اعتلاء عرش أسلافه المنعمين عام 1999، لكنها الأولى في عهد الرئيس الغابوني الحالي علي بونغو أونديمبا. وهي الزيارة التي قال عنها بارتيلمي لبوسي، القائم بأعمال سفارة الغابون في المغرب، في حوار أجرته معه الزميلة "لوماتان" إن هذه الزيارة "تأتي اليوم لتشهد بأريحية على طبيعة علاقات وطيدة من الصداقة والتعاون، تجمع مختلف المسؤولين السياسيين، وبين الشعبين والدولتين. وبالفعل، فإن هذه الزيارة ستمكن من تعزيز وتوطيد امتياز علاقات الصداقة والأخوة العريقة، التي تجمع بين الرباط وليبروفيل". خطوط كثيرة فتحت وستظل مفتوحة بين عاصمة المملكة وعواصم إفريقية، وهو مسلسل ابتدأ كي لا ينتهي، بل سنكون خلال كل زيارة أو جولة مع إذكاء حرارة المحبة وتنشيط التعاون أكثر فأكثر، فاليوم خطوط الرباطدكار، والرباط ياموسوكرو، ثم الرباط ليبروفيل، وغدا وبعد غد خطوط أخرى لأن، الحكاية ابتدأت ونحن شعب يعترف أن البداية أصعب ما في الأمور، ومادمنا ابتدأنا فالخير أمام.