يناقش باحثون وخبراء خلال ندوة وطنية انطلقت أشغالها صباح اليوم الخميس بالرباط التحدي الذي تواجهه دولة الحق والقانون بالمغرب في إرساء حكامة أمنية تعالج قضايا الأمن في شموليتها٬ خاصة بعد الإصلاح الدستوري الأخير. وتتناول الندوة٬ التي تنظمها شعبة القانون العام والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية (جامعة محمد الخامس أكدال) بالرباط حول "الحكامة الأمنية ودولة الحق والقانون بالمغرب: من الدسترة إلى التفعيل"٬ الإطار القانوني للحكامة الأمنية من خلال مضامين الدستور الجديد ذات الصلة وكيفية تنزيلها على المستوى التشريعي. كما يتدارس المشاركون في الندوة٬ المنظمة بتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور٬ الحكامة الأمنية في مقارباتها القطاعية٬ من خلال الأمن البيئي والاقتصاد الأمني بالمغرب ومحاربة الجريمة المالية عبر الحكامة الاقتصادية٬ إلى جانب العلاقة الوثيقة لهذه الحكامة بقضايا حقوق الإنسان. وأوضح نائب رئيس جامعة محمد الخامس-أكدال جمال الدين الهاني٬ في افتتاح الندوة٬ أن الأمن تجاوز اليوم مفهومه التقليدي المرتبط بحماية استقرار الدولة واتسع ليشمل جوانب تتعلق بالإنسان والبيئة والاقتصاد والغذاء واحترام حقوق الإنسان٬ مما أضحى يتطلب تدخل عدة جهات للسهر على الأمن في بعده الشامل. ولتحقيق هذا الهدف٬ ينبغي على الدولة٬ حسب السيد الهاني٬ توظيف كل إمكانيات العمل المتوفرة وإشراك المعنيين بشكل مباشر وغير مباشر في الشأن العام للأمن٬ مما يستدعي المزيد من الشفافية واتخاذ إجراءات لتقريب القطاع الأمني من مختلف مكونات المجتمع. وأبرز أن الاعتبارات الأمنية تدخل ضمن انشغالات الحكامة الجيدة وأن الدستور الجديد "يرسخ الاتجاه نحو مصالحة المؤسسة الأمنية مع المجتمع". من جانبه٬ قال ممثل مؤسسة كونراد أديناور هيلموت ريفيلد إن جميع القضايا الأمنية تكتسي طابعا أساسيا ضمن السياسات القانونية٬ معتبرا أنه لا يمكن ضمان الأمن في ديمقراطية ما دون تحقيق الأمن خارجيا وداخليا. وأكد على أهمية إدماج القواعد الأمنية في بناء دولة الحق والقانون والمسارات التشريعية٬ مشيرا إلى أن دعم المؤسسة لهذه الندوة يأتي ضمن اهتماماتها بدعم مسارات الدمقرطة عبر العالم ودولة القانون والعلاقات العالمية بين المجتمعات المدنية. أما رئيس شعبة القانون العام المنظمة للندوة السيد أحمد بوجداد فعزا اختيار الحكامة الأمنية كموضوع لهذا اللقاء٬ الذي يعكس مواكبة الشعبة للنقاش العمومي بالمغرب٬ إلى أسباب تتعلق براهنيته وتوسع المجال الحقوقي بالمغرب وتزايد المخاطر والتهديدات الإقليمية وتزايد ظاهرة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة. وجاء في ورقة تقديمية للقاء أن تحدي الحكامة الأمنية يسائل٬ بحكم طبيعته المعقدة٬ كافة الفاعلين المغاربة (الحكومة وصناع القرار العمومي ومنظمات المجتمع المدني والباحثين وغيرهم)٬ وأن هذه الحكامة "تجد امتدادها العملي في الإصلاحات المنجزة أو في الأوراش الجاري تنفيذها من قبيل تحديث الإدارة السجنية والإصلاح القضائي وإعادة تأهيل مصالح الأمن الوطني كمصلحة عمومية في خدمة المواطن". كما أشارت الورقة إلى المبادرات الأخرى التي تم اتخاذها من أجل تحسيس المواطن (البرامج التلفزيونية المخصصة لقضية الأمن)٬ وتعبئة منظمات المجتمع المدني بغية تنسيق أفضل بين الأمن وحقوق الإنسان٬ والشروع في الأوراش القضائية الرامية لتطوير النصوص التشريعية واللوائح المتعلقة بقضايا الأمن وغيرها.