تعد الدورة الثالثة للمناظرة الوطنية للصناعة، التي تنعقد اليوم بطنجة، مناسبة لتقيم حصيلة الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي. ويعقد الفاعلون الاقتصاديون والصناعيون آمالا كبيرة على هذه الدورة، التي تنعقد في ظرفية اقتصادية يطبعها الحرص على إنجاز العديد من المشاريع الطموحة، التي لها أبعاد تنموية وذات آفاق واعدة بالنسبة للاقتصاد الوطني، في إطار الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي (2009-2015). وفي سياق تقديمه لبعض نتائج الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي٬ أكد وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، عبد القادر اعمارة، في تصريح أدلى به، أخيرا، أن الميثاق أدى منذ انطلاقه إلى الزيادة في عدد مناصب الشغل بحوالي 7 في المائة سنويا٬ مما اعتبره الملاحظون مؤشرا على نجاح البرامج الرامية إلى النهوض بالقطاع ومبعث أمل لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل. وستتركز أشغال الدورة الحالية لمناظرة الصناعة أساسا على الإنجازات المسجلة، ومتابعة دينامية الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، ومؤهلات القطاع الصناعي المغربي من حيث الاستثمارات والصادرات، والعروض الكفيلة بتعزيز تنافسية المقاولات الصناعية، وآفاق الصناعة المغربية من خلال تفعيل التزامات جديدة. ويرسخ الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي٬ هو برنامج تعاقدي تم توقيعه تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2009، الالتزامات المتبادلة لكل من الدولة والقطاع الخاص من أجل تفعيل الاستراتيجية التنموية للصناعة بالمغرب. ويستند الميثاق إلى فكرتين محوريتين تتجلى الأولى في ضرورة تركيز الجهود على القطاعات التي يحظى فيها المغرب بمزايا تنافسية، والمعروفة بالمهن العالمية للمغرب. وتضم مهن صناعة السيارات، والطيران، والإليكترونيك، والصناعة الغذائية، والنسيج والجلد، وترحيل الخدمات. وتتمثل الفكرة الثانية في ضرورة تعزيز كل النسيج المقاولاتي، من خلال أربعة أوراش أفقية كبرى، هي دعم تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتحسين مناخ الأعمال، والتكوين، وتطوير المحطات الصناعية المندمجة. وكان وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، أكد بمناسبة اجتماع لجنة قيادة الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي تحت رئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، أن التقييم الأولي للميثاق منذ انطلاقه يبين أيضا، أن الصادرات نمت بأزيد من 10 في المائة بالنسبة للمهن العالمية، وبحوالي 9 في المائة بالنسبة لترحيل الخدمات. من جهته٬ قال بنكيران بالمناسبة نفسها، إنه رغم ما تحقق حتى الآن في إطار الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي وإمكانيات التطوير الكبيرة في هذا المجال، ماتزال هناك عراقيل تحول دون الانطلاقة المنشودة، مشددا على أن اجتماع لجنة قيادة الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي ينبغي أن يهتم أساسا بكيفية التوافق على معالجة الإشكاليات المطروحة عبر الالتقائية والتشاور والتحكيم واتخاذ القرارات الإدارية المناسبة في الوقت المناسب. ودعا رئيس الحكومة مختلف الفاعلين للقيام بدورهم على أكمل وجه لتجاوز التأخر الكبير القائم في مجال الصناعة، خاصة في ظل الظرفية الاقتصادية الوطنية الراهنة التي تحتم المزيد من اليقظة وتضافر الجهود٬ معربا عن استعداده للقيام بالتحكيم اللازم بشأن الصعوبات التي تواجه تفعيل الميثاق، سواء على مستوى العقار أو فض النزاعات التجارية والاجتماعية وغيرها. ومن هنا يأتي اختيار شعار الدورة الحالية٬ التي تنظم بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، "إقلاع، دينامية متواصلة". ويرمي التنظيم المشترك بين الدولة والقطاع الخاص إلى جعل هذا الأخير شريكا استراتيجيا لا محيد عنه في تحقيق الأهداف الإنمائية المرجوة٬ التي تتبلور من خلال تمكين المناظرة الوطنية الثالثة للصناعة، في إطار متابعة المهن المستهدفة في الميثاق، بتوضيح الرؤية من أجل مؤازرة الفاعلين الحاليين واستقطاب فاعلين جدد، وذلك بهدف جعل المغرب محطة صناعية حقيقية معترف بها عالميا. وسيتم خلال هذا الملتقى المهم استعراض حصيلة مرحلية للميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، التي ستسمح بالوقوف على المنجزات المسجلة بفضل انخراط وتعبئة كافة الأطراف المشاركة من القطاعين العام والخاص. وأكد بلاغ للوزارة أنه "منذ انطلاق تفعيل تدابير الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، ترسخت دينامية حقيقية، من خلال الإنجازات المسجلة بفضل الالتزام الثابت للأطراف المتدخلة، الذي يتعين المحافظة عليه بشكل متواصل من أجل تشييد صناعة الغد المغربية". وتحظى الدورة الحالية٬ بالنظر لأهمية الموضوع المطروح والآمال المعقودة على الشراكة الاستراتيجية بين القطاعات المعنية٬ باهتمام متميز من لدن الفعاليات الوطنية والدولية، حيث من المنتظر أن تعرف هذه التظاهرة مشاركة نحو 1500 فاعل وطني ودولي يمثلون٬ بالخصوص٬ مقاولات وجمعيات مهنية، والإدارات والوكالات المنخرطة في مسلسل التنمية الاقتصادية، والبعثات الديبلوماسية. وستمنح هذه التظاهرة للمستثمرين فرصة لإجراء لقاءات عمل، والإطلاع على مكونات العرض المغربي.