طالبت فرق الأغلبية في مجلس النواب بإصلاح صندوق المقاصة وفق مقاربة مندمجة، تشارك فيها الأحزاب والنقابات، وأرباب المقاولات وجميع تمثيليات المجتمع المدني، بينما أعلن الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة عن الانتهاء من إعداد تصور أولي لإصلاح المقاصة. جانب من اليوم الدراسي حول إصلاح نظام المقاصة (كرتوش) وشكل إجماع رؤساء فرق الأغلبية، أثناء مشاركتهم في يوم دراسي، أول أمس الثلاثاء بالرباط، تناول الإمكانيات المتاحة لإصلاح نظام المقاصة، الميزة الأساسية، إذ أعلنوا عن ضرورة إحداث إصلاح للصندوق "دون مزايدات ولا حسابات سياسيوية ضيقة، سواء من طرف بعض فرق الأغلبية أو المعارضة، مع الانتصار للمصلحة الوطنية والمساهمة في خدمة البلاد، لا الأحزاب التي ينتمون إليها". ودعا عبد الله باها، وزير الدولة، نيابة عن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إلى ضرورة انخراط مختلف الهيئات والفاعلين "لإغناء النقاش حول إصلاح صندوق المقاصة، باعتباره خطوة لامناص منها، بسبب ثقل التكلفة الاجتماعية، وبهدف تحقيق العدالة الاجتماعية". وقال باها إن "محاور الإصلاح ستتركز على التدرج في تقليص دعم المواد الأساسية ووضع برنامج للأسر الفقيرة، مع إقرار تدابير مواكبة للقطاعات المهنية، التي قد تتأثر سلبا بارتفاع الأسعار"، معتبرا أن نجاح إصلاح صندوق المقاصة دعم الاقتصاد التضامني بالمغرب. من جهته، كشف محمد نجيب بوليف، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، في اليوم الدراسي ذاته، الذي كان فرصة لتجتمع أحزاب الأغلبية لتدارس واحد من أكثر الملفات حساسية، عن انتهاء الحكومة من إعداد تصور أولي للإصلاح، عبارة عن أرضية تقنية أنجزت بالتشاور مع مختلف الهيئات الحكومية المعنية بإصلاح المقاصة. وقال الوزير إن "الأرضية ستناقش مع مختلف الفاعلين ومكونات المجتمع من أجل اتخاذ قرار سياسي بشأنها"، مشيرا إلى أن تكلفة دعم المواد الأساسية سنة 2012 بلغت 55 مليار درهم، وتحتم التعجيل بإصلاح صندوق المقاصة. وأوضح بوليف أن الإصلاح "سيكون متدرجا ومتكاملا، ولن يؤثر سلبا على البرامج الاجتماعية المطبقة حاليا"، مذكرا بالأهداف الرئيسية للإصلاح، وقال إنه "يرتكز على محاور تتعلق بالميزانية والحفاظ على تكلفة معينة، بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات المعوزة والمتوسطة". ومن الناحية الاقتصادية يتوخى الإصلاح الحفاظ على تنافسية المقاولات الوطنية، إذ ستأخذ أولويات الإصلاح بعين الاعتبار أهمية المواد المدعومة، مثل المحروقات، والدقيق، والسكر. من جانبه، شدد نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، على ضرورة الإصلاح، معلنا أنه "تفرضه عوامل عدة، أهمها ارتفاع نفقات الدعم بنسبة 6,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012، وتجاوز مخصصات صندوق المقاصة سنة 2012 لنفقات الاستثمار، والارتفاع المستمر لأسعار المحروقات والدقيق والسكر". ودعا بركة إلى تجاوز "المنظور المحاسباتي الضيق في عملية الإصلاح، والأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي، والمحافظة على البعد التنافسي للمقاولة المغربية ضمن محيطها الداخلي والخارجي، والحفاظ على الطلب الداخلي، للمساهمة في النمو الاقتصادي، وضمان "الاستقرار الاجتماعي، وفق منظور شمولي يسعى إلى محاربة الفقر، وتشجيع العمل، وتفادي الريع".