أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، أمس٬ صلاة الجمعة بمسجد الخليل بالدارالبيضاء. (ماب) وذكر الخطيب في مستهل خطبة الجمعة بأن الله تعالى كلما أنعم علينا بنعمة إلا وجب علينا الإكثار من الشكر والعمل بمقتضى الحرص عليها٬ مبرزا أن من النعم الربانية السابغة نعمة نزول المطر، الذي يأتي بالماء الذي هو أهم مادة حيوية بعد الهواء. وأوضح أن الماء٬ الذي هو ينبوع الحياة وسر الوجود وروح الحضارة وسيد الشراب ومعجزة ربانية وعنصر أساسي في تكوين الكائنات الحية، وعامل جوهري لكل نشاط اقتصادي٬ يشكل حجر الزاوية لكل تنمية اجتماعية واقتصادية للبلاد٬ إذ هو الذي يحيي البلد الميت٬ فيسري في العود ويشيع في الجو ويدب في الأجسام وينشأ عنه بعث ونشور. وأشار إلى أن لفظ "الماء" في القرآن الكريم٬ ورد في ثلاثة وستين موضعا٬ معظمها ذكر في السور المكية في نحو ثمانية وأربعين موضعا٬ مما يشكل دليلا على أهمية الماء في جدل القرآن مع مخالفيه٬ مشيرا إلى أن الفقه الإسلامي اعتنى اعتناء كبيرا بموضوع الماء٬ إذ تناول الفقهاء كثيرا من القضايا المتعلقة به، سواء في ما يخص أنواع المياه، ومدى إمكانية تملكها والتصرف فيها والقواعد المتعلقة باستعمالها والانتفاع منها. غير أنه من أهم الأمور في موضوع الماء٬ يضيف الخطيب٬ أخلاق التعامل الفردي مع الماء، إذ تقوم القاعدة الأساس في هذه الأخلاق على ضرورة تجنب التبذير٬ لاسيما أن المؤمن يتميز بضمير حي حاضر يحاسبه في كل وقت٬ مبينا٬ على سبيل المثال٬ أن الإكثار من صب الماء في الوضوء مكروه. وقال الخطيب إن من فيض نعم الله تعالى ومنه على هذا المغرب أن ملأ سهوله وجباله ووهاده أودية وأنهارا٬ مما جعله بلدا فلاحيا بامتياز٬ حيث انصرف اهتمام المسؤولين إلى العناية بهذه الثروة الطبيعية الهامة٬ موضحا أنه مباشرة بعد استقلال المملكة، وضع جلالة المغفور له محمد الخامس٬ سنة 1956، حجر الأساس لتشييد سد "قليلة" على نهر ملوية٬ إيمانا منه٬ رحمة الله عليه٬ بأهمية الماء والري في بلده٬ ثم جاء خلفه ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني فجعل من بناء السدود حجر الزاوية لسياسته الفلاحية، وأعلن عن قراره سقي مليون هكتار٬ مع ما صاحب ذلك من تدابير وإجراءات تحضيرية في المجال الفلاحي٬ منها إحداث المجلس الأعلى للماء والمناخ سنة 1995، الذي أنيطت به مهمة صياغة التوجهات العامة للسياسة الوطنية في مجال الماء والمناخ. وأكد أن خليفة الحسن الثاني ووارث سره٬ صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ أعزه الله٬ يواصل اليوم تلك السياسة الرشيدة والتدابير القويمة بإيلاء الماء خاصة، والفلاحة عامة، بالغ اهتمامه وفائق عنايته حرصا وتتبعا٬ وتوجيها وإرشادا٬ ودعما وتشجيعا٬ لتحقيق استثمار أفضل٬ واستغلال أكبر للثروات الطبيعية الهائلة التي حبا الله بها المملكة٬ أراضي وأنهارا٬ وميزها عن غيرها بما أودعه في سكانها من تعلق بالأرض وشغف كبير باستصلاحها وتنميتها٬ مشددا على أن الماء يعد من أعظم وأجل نعم الله على خلقه ٬ فذهابه انتهاء للحياة٬ وتبذيره سلوك مذموم٬ وخزنه أمر مطلوب٬ وترشيد استعماله واجب ومحمود. وابتهل الخطيب٬ في الختام٬ إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين٬ جلالة الملك محمد السادس٬ نصرا عزيزا يعز به الإسلام ويجمع به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته ورضوانه الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.