يخلد الشعب المغربي، وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، الذكرى الستين لأحداث سابع وثامن دجنبر 1952 والتي جسدت عمق البعد المغاربي للكفاح الذي خاضه العرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية والوحدة الترابية، وتضامن الشعب المغربي مع شقيقه التونسي غداة اغتيال الزعيم النقابي المغاربي فرحات حشاد (خامس دجنبر). وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير¡ في بلاغ بالمناسبة، بأن هذه الانتفاضة كانت تعبيرا من الشعب المغربي عن الروح النضالية وقيم التضامن ومشاعر التآزر التي جبل عليها أبناؤه في مواجهة الاحتلال الأجنبي، وحرصهم الأكيد على الذود عن وحدة الأوطان وعزتها والوفاء للمثل والمبادئ والمقومات التي تشكل الوجدان المغاربي الواحد والموحد على مر التاريخ. وأضافت أن قوات الاستعمار حاصرت العمال المتجمعين بمقر المركزية النقابية وعرضتهم لشتى أنواع التنكيل والتعذيب واعتقلت المئات منهم وزجت بهم في غياهب السجون وسخرت عصاباتها المدججة بمختلف أنواع الأسلحة لمواجهة المتظاهرين العزل والبطش بهم ومهاجمة مواكب جنائز الشهداء وجثامينهم الطاهرة في تحد سافر وخرق لأبسط التعامل الإنساني والأخلاقي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. وقالت إنه مرت على هذه الأحداث البطولية ستون سنة، "وكلما تم استحضارها عادت إلى الذاكرة صور التضامن القوي والتلاحم الوثيق بين الأشقاء بالمغرب العربي وتآزرهم واتحادهم في مواجهة الشدائد ومقارعة النوائب، إدراكا منهم لأهمية الكفاح المشترك كأداة لحماية مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية، وإيمانا من الشعوب المغاربية التواقة إلى التحرر والانعتاق بوحدة المصير واقتناعها الراسخ بأن قوتها تكمن في تكتل مكوناتها والتنسيق بين أقطارها". لم تستكن القوى الوطنية والفعاليات النقابية، تؤكد المندوبية، أمام حجم الفاجعة أو تتقهقر بفعل هول المصاب بل إن اغتيال المناضل فرحات حشاد كان بمثابة النقطة التي أفاضت كأس الاستياء في الأوساط الشعبية الغاضبة. وأبرزت المندوبية أن هذا المسار التحرري تكلل باضطلاع عدد من الأقطاب المتمرسين بالحركة النقابية بقيادة الكفاح المسلح ضد الاستعمار عند اندلاع ثورة الملك والشعب المباركة. وذكرت بأن الزعيم النقابي التونسي والمغاربي فرحات حشاد نذر حياته للنضال في سبيل إرساء دعائم العدالة الاجتماعية، وتثبيت الحقوق النقابية والسياسية، وضمان ممارستها بالمنطقة المغاربية، وتأسيس وتأطير اتحادات وتكتلات نقابية شهيرة، وانفتاحه على العالم الخارجي ومد جسور التواصل مع التنظيمات النقابية الكبرى إلى المستوى الذي أصبح معه مصدر إزعاج للسلطات الفرنسية التي قررت الحد من طموحات هذه الشخصية الفذة القوية بنضالها وديناميتها وإيمانها وإشعاعها ووزنها ومكانتها على الساحة النقابية محليا وجهويا وقاريا وعالميا، فكان أن ترصد الإرهاب الاستعماري لهذا الوطني الشهم صباح يوم 5 دجنبر 1952 في محاولة لإخماد أنفاسه. وتابعت أن "المستعمر توهم أنه بجريمته النكراء تلك سيتمكن من توجيه ضربة قاصمة لروح الوطنية والأفكار التحررية بالمنطقة المغاربية التي اهتزت شعوبها لهذا الفعل الشنيع، فعمت المظاهرات والانتفاضات ومظاهر الاستنكار حواضر وبوادي وربوع التراب، في ظل إجماع الشعب المغربي على التعبئة المستمرة تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس".