حذر بوعزة الخراطي، رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، الموجود مقرها بالقنيطرة، من إهمال دور المستهلكين وجمعياتهم في تحفيز التنمية الاقتصادية بالمغرب، واعتبر أنه من غير الممكن الحديث عن القوة الشرائية لدعم النمو الاقتصادي وإغفال الأهمية التي ينبغي أن تعطى للمستهلكº باعتباره فاعلا اقتصاديا. وعبر الخراطي، الذي تضم الفيدرالية التي يترأسها 20 جمعية بعدد من المدن المغربية، عن أسفه لكون "الحكومة لم تع بعد بالكامل الدور" الذي يمكن أن تضطلع به هذه الجمعيات، وكذا الأهمية التي ينبغي منحها للمستهلك الذي لا ينبغي اختزاله في مجرد آلة استهلاكية. وأثار المتحدث الانتباه، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن المستهلك في بلدان أخرى كالولايات المتحدةوفرنسا، يعتبر فاعلا اقتصاديا ضروريا للتنمية الاقتصادية، مسجلا أن الجمعيات الخاصة بالمستهلك التي تتمتع في فرنسا بصفة المنفعة العمومية، تحظى بدعم الدولة، ولها صلاحية الانتصاب كطرف مدني، والأمر نفسه في بلد كالصين "الاشتراكية ذات الاقتصاد الحر" التي منحت لجمعيات المستهلك¡ سنة 2010، حق رفع دعاوى دون قيد أو شرط، وذلك على خلاف ما هو عليه الأمر بالمغرب، على الرغم من أنه أحد البلدان الأوائل الموقعة على ميثاق الأممالمتحدة الخاص بحماية المستهلك. وبالنسبة للخراطي، فإن الإدارة، المسؤولة من الناحية القانونية عن حماية المستهلكين، لا تضطلع بدورها كما ينبغي، مشيرا إلى أن مؤسسة الحسبة، التي أدخل جلالة المغفور له الحسن الثاني تحديثات عليها سنة 1983 والتي تتمثل مهمتها في التحقق من جودة المنتجات وتسوية النزاعات بين المستهلكين والتجار بالاتفاق المباشر بمساعدة الأمناء، أصبح عملها اليوم يسير وفق وتيرة متباطئة أو لا يكاد يستشعر. واستحضر¡ في هذا الصدد، قضاء القرب الذي تم إحداثه لمعالجة القضايا التي تقل قيمتها المادية عن خمسة آلاف درهم، وقال "لقد رحبنا بإحداث هذه المؤسسة، التي أصبحت اليوم مشلولة، فمؤسسة قاضي القرب، التي أنشئت لتسوية المنازعات البسيطة، ومنها النزاعات الخاصة بالمستهلك¡ وجدت نفسها في مواجهة قضايا توجد مقاولات كبرى طرفا فيها". وعلى صعيد آخر¡ ذكر رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك بأن جمعيات المستهلك تقوم بدور الوساطة والتحسيس، ولكنها لا تمتلك صلاحية الانتصاب كطرف مدني أو إجبار مقدم الخدمة الاستجابة لتدخلاتها، في حين أن المحتسب يملك هذه الصلاحية، وله، إذا ارتأى من المفيد أو المناسب، أن يأخذ عينات أو يحجز مضبوطات بقصد إخضاعها للتحليلات المخبرية اللازمة، أو يلجأ إلى المحكمة، في حال فشلت مساعي الوساطة. وخلافا لما قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين، يضيف الفاعل الجمعوي، فإن مجال تدخل جمعيات المستهلكين لا يقتصر على المأكل والمشرب، بل يشمل كل ما يتصل بالشروط الجيدة للمعيش في أحسن الظروف، مضيفا أن المستهلكين يمتلكون وسائل ضغط قوية وقادرة على التأثير في عاملي الأسعار والجودة، إذا ما انتظموا في إطار جمعيات. وقال إنه بفضل عمل هذه الجمعيات، بدأ يتشكل اليوم في المغرب الوعي بثقافة المستهلك، وأن المؤشر الحقيقي عن نضج هذا الوعي، هو بلوغ المستهلك إلى درجة من الفاعلية تكون له فيها بادرة رفض هذا المنتج أو ذاك لسبب من الأسباب المضرة بسلامة المستهلك. وذكر بأن أول جمعية للمستهلك تأسست بالمغرب رأت النور بالدار البيضاء سنة 1994، ويوجد الآن، ما يقرب من 60 جمعية، أغلبها تنضوي إما في إطار الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلكين بوجدة، أو كونفدرالية جمعيات المستهلكين بفاس، أو الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلكين بالقنيطرة. وتتوفر الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلكين على شبابيك للاستشارة، وهي خلايا دائمة مكلفة باستقبال شكاوى المستهلكين ومعالجتها. ويتلقى شباك الاستشارة بالقنيطرة شكاوى بشكل مباشر، أو عن طريق البريد الالكتروني أو الهاتف. وتتفاعل هذه الخلية مع الطلبات المقدمة لها من خلال قاضية سابقة ومسؤول سابق عن الموارد البشرية بإحدى الإدارات العمومية، ومقتصدة وخبير في مجال التأمين، وبإمكانها عند الحاجة استدعاء كفاءات أخرى. وتتهيأ هذه الخلية للحصول على شهادة إيزو 9001 بفضل تأطير وزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، لكن طموح أعضائها، يتجه صوب تحقيق مزيد من الكفاءة، والحصول على صفة المنفعة العمومية التي تطالب بها الفيدرالية منذ 2009. وقد تلقت هذه الخلية هذه السنة 2400 شكاية من المستهلكين، عدد منها لم يحظ بالقبول بسبب عقود موقعة من قبل أفراد لم يكونوا على بينة من محتوياتها¡ وهي، بحسب الخراطي، مشكلة الكثير من المغاربة الذين يوقعون على عقود لا يتمعنون في قراءة محتوياتها بالكامل. وأشار إلى أن الفيدرالية التي لا تتلقى، حفاظا على استقلالها، أي دعم¡ ساهمت إلى جانب وزارة التجارة في صياغة مشروع أول قانون حول حماية المستهلك سنة 2000، وهو مشروع القانون الذي لم تتم المصادقة عليه إلا بعد مرور 11 سنة على صياغته. كمل أثار موضوع الشراكات التي تربط هذه الفيدرالية، العضو المؤسس للاتحاد العربي للمستهلكين، بهيئة التعاون الألماني لبرامج التكوين والاتحاد الأوروبي والفيدرالية التونسية للدفاع عن المستهلكين وجمعيات فرنسية لها نفس الاهتمام، مشيرا إلى أنها بصدد التحضير مع نظيرتها بتونس لإحداث (الاتحاد المغاربي لجمعيات المستهلكين).