في موكب جنائزي رهيب، وفي أجواء طبع الحزن والألم معالمها، شيعت ظهر أول أمس السبت، بمقبرة الشهداء في الدارالبيضاء، جنازة الراحلة أسية الوديع، فبعد صلاة الظهر (الصديق) ووري جثمان الفقيدة الثرى، مخلفة لوعة حارقة في قلوب كل من عرفها أو صادقها أو تعامل أو سمع عنها أو تعرف عليها حتى عبر شاشات التلفزيون، أو صفحات الجرائد. كان الموكب جنائزيا بكل المعاني والمقاسات، حرقة الفراق ودموع الألم كانت على الوجوه ترسم أخاديد بلون العشق لامرأة وهبت حياتها لنصرة القضايا العادلة، امرأة أغدقت بسخاء نادر من حنانها وعطفها الوارف، ليس فقط على إخوانها وأفراد عائلتها، بل على كل من كان في لحظة من حياته في حاجة إلى الحنان. شيع جثمان الراحلة والمناضلة الحقوقية أسية الوديع، إلى مثواه الأخير، وسط حضور غفير كان عبارة عن تشكيلة حقيقية للمجتمع المغربي، إذ كانت كل الأطياف السياسية حاضرة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكان الموكب يتشكل من مسؤولين كبار وفعاليات المجتمع المدني، وممثلي وممثلات كل الهيئات السياسية والجمعوية والحقوقية، ولم يتخلف عن حضور مراسيم الدفن المهيبة سجناء سابقون، وأمهات العديد من النزلاء، الذين عاقهم وجودهم خلف القضبان حضور جنازة "ماما أسية" وتشييعها إلى مثواها الأخير، بل حرس عدد كبير من المفرج عنهم على الحضور، وحمل بعضهم جثمان الفقيدة والدموع تذرف ألما وحسرة على فقدان امرأة كانت من طينة الحنان والعطف والسخاء. حضر مراسيم الدفن وزراء سابقون وحاليون، وفنانون من مختلف التخصصات، سينمائيون، وتشكيليون، ومسرحيون، ونقابيون ونقابيات، ورجال أعمال، قدموا من عدة مدن مغربية، ليقدر عدد الذين شيعوا أسية الوديع بالآلاف، ما يعكس الحب والتقدير الذي ظلت تحظى به، والإشعاع الذي خلفه عملها الإنساني النبيل في الدفاع عن حقوق الأطفال والشباب في أوضاع صعبة. وأمام هذا المصاب الجلل، وإثر فقدان المغرب لواحدة من بناته المعطاءات الماجدات، نجدد تعازينا الحارة لابنيها يوسف وغسان الشهبي، ولأختيها أسماء ووفاء، وإخوانها صلاح وخالد وجمال والعربي وعزيز وتوفيق، ولكافة أفراد عائلتها ولأصدقائها ومعارفها، ولكل أولائك المستضعفين الذين فقدوا برحيل أسية الوديع الدعم والمساندة والحنان الوارف الظلال.