بتدشين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ أول أمس السبت بمدينة واد لاو٬المقطع الأخير من المدار الطرقي المتوسطي الرابط بين السعيدية وطنجة على طول 507 كيلومترات٬ يكون المغرب قد نجح في إنجاز إحدى أهم البنيات التحتية الطرقية الرامية إلى تحفيز النمو الاقتصادي للأقاليم الشمالية (ماب) إضافة إلى تحسين ظروف تنقل نحو 3 ملايين من السكان٬ والرفع من مستوى السلامة الطرقية وتيسير اندماج المراكز الحضرية التي يعبرها ضمن محيطها الجغرافي. ويعتبر المقطع الذي دشنه جلالة الملك٬ والرابط بين الجبهة وتطوان عبر واد لاو على مسافة 120 كلم٬ آخر حلقة ضمن المدار الطرقي المتوسطي الذي سيمكن الأقاليم الشمالية من تثمين موقعها الاستراتيجي الذي يمتاز بالقرب من أوروبا٬ علاوة على ما سيكون له من وقع هام على الإعداد الترابي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على المنظومة البيئية٬ فضلا عن كونه سيصبح المحور المفضل لحركة المسافرين ورواج البضائع بين شرق وغرب المملكة على مستوى الواجهة المتوسطية. وقد تولدت ضرورة إنجاز هذا الورش الطرقي المهيكل، الذي ينقسم إلى ثمانية مقاطع والذي تطلب تكلفة إجمالية قيمتها 7،2 ملايير درهم٬ بفعل صعوبة استعمال الطريق القديمة وانقطاعاتها المتتالية٬ لاسيما الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين تطوانوالحسيمة، مرورا بشفشاون وما تعرفه عادة من تساقطات مطرية وثلجية كثيفة٬ علاوة على وعورة التضاريس الجبلية التي تطبع المنطقة٬ بما كان يشكل حجر عثرة أمام جميع برامج النهوض الشامل بجهات الشمال. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إكراهات إنجاز هذا المقطع تتجلى في كونه يخترق بنية جبلية ذات طبيعة جيولوجية وجيو- تقنية معقدة وغير ثابتة ودائمة الانهيارات على غرار سلسلة جبال الريف٬ إلى جانب إكراهات المناخ الرطب الذي يتميز بتساقطات مطرية فيضانية٬ فضلا عن أن الأشغال أنجزت مع مراعاة الحفاظ على استمرارية حركة السير. وسيمكن هذا المسار الطرقي٬ المحاذي للبحر وقليل المنعرجات الضيقة، الذي يعد من بين أصعب المشاريع الطرقية في تاريخ المغرب٬ من تقليص زمن التنقل بما يقارب ثلاث ساعات وضمان السلامة الطرقية وتحقيق سلاسة السير٬ مع إمكانية الولوج المباشر إلى الحسيمةوالناظور والسعيدية دون عبور الطريق الوطنية رقم 2، بل وأكثر من ذلك٬ سيتيح إحداث ممر خاص بعربات الوزن الثقيل على مستوى مقاطع تتميز بمنحدرات صعبة. وبلغة الأرقام سيمكن المدار الساحلي المتوسطي من ربط 3 جهات و9 عمالات وأقاليم و8 مدن و44 جماعة قروية٬ كما سيتيح ربط السواحل والمواقع السياحية بالشبكة الطرقية وتطوير السياحة الجبلية والشاطئية٬ إضافة إلى تسهيل الولوج إلى حوالي 200 كلم من الشواطئ وربط 4 موانئ و7 مواقع سياحية٬ فضلا عن إنعاش أنشطة الصيد البحري عبر ربط 8 موانئ للصيد و5 نقط للصيادين٬ وكذا إنعاش المبادلات بربط موانئ الناظوروالحسيمة وطنجة والميناء المتوسطي. ومن وجهة نظر سياحية٬ تضاهي المواقع الطبيعية والبحرية والجبلية التي ستعبرها هذه الطريق مثيلاتها التي كانت وراء النجاح السياحي للسواحل الإسبانية المقابلة٬ علما بأن الممر سيمكن من معالجة بعض الاختلالات الترابية والتوجيه التدريجي للسكان نحو الساحل إلى جانب تمكين السكان من التمركز في إطار مراكز حضرية صغيرة على طول الطريق. كما سيمكن من ربط أزيد من 200 كلم من السواحل والخلجان والمواقع السياحية (خليج طنجة٬ والقصر الصغير٬ وبونتا سيريس٬ وريستينكا٬ والمضيق٬ وكابونيغرو٬ ومارتيل٬ وواد لاو٬ وترغة٬ وبواحمد٬ وجنان نيش٬ والجبهة٬ وشاطئ قزح٬ وتزاغين٬ وبحر سيدي دريس٬ وقرية اركمان٬ وراس كبدانة٬ والسعيدية). وهكذا٬ فإن هذه المنشأة الطرقية الوازنة، التي تأتي لتعزيز مختلف مشاريع التأهيل الحضري والعمراني التي تشهدها حواضر الجهة وفي مقدمتها مدن تطوان والمضيق والفنيدق٬ ستمكن من تعزيز الجاذبية الاقتصادية للجهة ككل٬ من خلال توفير الأرضية المناسبة للاستثمار في شتى القطاعات٬ لاسيما في الفلاحة والصناعة والسياحة، وبالتالي خلق مناصب شغل إضافية يستفيد منها أبناء المنطقة في المقام الأول٬ إلى جانب توفير إطار عيش مناسب قوامه بنية تحتية جيدة وذات أداء تنافسي.