تحتفل الأسرة الملكية الشريفة، ومعها الشعب المغربي قاطبة، اليوم الثلاثاء (8 ماي)، بالذكرى التاسعة لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ في لحظة تاريخية يجدد فيها المغاربة وفاءهم وتشبثهم بعمق التلاحم القائم بين العرش والشعب، ويجددون من خلالها العهد على الوفاء والإخلاص لقائد الأمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وتعكس احتفالات الشعب المغربي٬ بمختلف فئاته وشرائحه٬ بهذه الذكرى، بحق، أبلغ صور التعلق والاهتمام الطبيعي والتاريخي الأصيل للشعب المغربي بأفراح الأسرة الملكية٬ ذلك٬ أن هذا الحدث السعيد أضحى عنوانا للتلاحم القوي بين الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد٬ كما يبين تشبث الشعب بنظامه وحبه الصادق للأسرة الملكية الشريفة والتعهد بالسير معا للنهوض بالبلاد. ففي ثامن ماي من سنة 2003، زف الخبر السعيد لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن من أبيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ومن أمه صاحبة السمو الملكي الأميرة للاسلمى، حيث عمت الأفراح والحفلات رحاب القصر الملكي وأرجاء المملكة. وينطوي تخليد ذكرى ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ على رمزية تاريخية وعاطفية بالغة الدلالة٬ فهو تعبير عن الاستمرارية٬ التي تطبع تاريخ الدولة العلوية الشريفة٬ التي حافظ ملوكها طيلة أزيد من ثلاثة قرون على القيم والمبادئ٬ التي تأسست من أجلها٬ ألا وهي الدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله وصيانة مقدساته٬ المجسدة في شعار المملكة "الله الوطن الملك". وبالاحتفال اليوم بهذه الذكرى التاسعة٬ يستحضر الشعب المغربي الاحتفالات البهيجة، التي أعقبت الإعلان عن ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ بدءا بإطلاق المدفعية 101 طلقة احتفاء بالمولود السعيد٬ والتدفق التلقائي للمواطنين المغاربة على ساحة المشور السعيد بالقصر الملكي بالرباط، لمباركة هذا الحدث الكبير٬ وصولا إلى حفل العقيقة، الذي أقيم في 15 ماي 2003، وجرى الاحتفال به في كافة مدن المملكة. وطبقا للتقاليد المغربية٬ والأعراف الدستورية٬ يحمل المولود البكر للملك لدى ولادته لقب ولي العهد٬ وهو بالنسبة للمغرب والمغاربة٬ أكثر من حدث عاد٬ إذ يعتبر الأمر صلة وصل بين الماضي والمستقبل٬ ومنطلقا جديدا للاستمرارية التي يتميز بها المغرب بين عدد من الأنظمة الإقليمية والدولية. من هنا٬ فإن الاحتفال بهذه الذكرى يجسد أروع صورة لتمسك الأمة، بمختلف مكوناتها، بمبدأ الوفاء للعرش العلوي المجيد، والحرص على استمراريته، من خلال نظام التوارث والبيعة الشرعية لملك البلاد، أمير المؤمنين حامي حمى الوطن والدين. فهذا الاحتفال، يعد مناسبة يحتفل من خلالها٬ العرش والشعب٬ برموز المملكة وثوابتها التاريخية وركائزها الراسخة٬ والإيمان الثابت بالخلف الصالح والسلف الصالح، واستحضار الأمجاد والملاحم التاريخية للدولة المغربية عبر عصورها الزاهرة٬ وربط ماضيها المجيد بحاضرها المليء بالمنجزات والتحديات٬ والمتطلع إلى الغد النير المشرق والسعيد. ولعل ما يؤكد أهمية الاحتفال بهذه الذكرى السعيدة٬ ما لمؤسسة ولاية العهد من أهمية جليلة داخل أركان الدولة ونظام الحكم٬ ذلك أن ولاية العهد تعد من النظم الإسلامية العريقة٬ حيث تتلخص مقاصدها الشرعية في التأكيد على ضمانة استمرار الدولة في شخص الملك واستمرار مقومات الدين في شخص أمير المؤمنين. كما تشكل هذه المناسبة لحظة تاريخية٬ يستعيد فيها المغاربة ذكرى مولد ولي العهد٬ الابن البكر للملك محمد السادس٬ الذي اختار له اسم "الحسن"٬ الذي يحفل بالدلالات الرمزية والتاريخية الكبرى لدى الأسرة العلوية الشريفة. ذلك أن إطلاق اسم مولاي الحسن على ولي العهد٬ ربط للماضي بالحاضر وتيمن بمناقب وخصال ملكين عظيمين من ملوك الدولة العلوية، هما المولى الحسن الأول والحسن الثاني قدس الله روحيهما٬ واللذان كرسا حياتيهما لتوحيد المغرب وحماية حدوده الحقة وإعلاء شأنه بين الدول عزة وحضارة ونماء٬ كما أن هذا الأمر يعد تجسيدا لاستمرارية العرش واستقرار البلاد وتماسكها عبر التاريخ. من جهة أخرى٬ تزامنت الذكرى التاسعة لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ هذه السنة٬ مع أنشطة ثقافية ودينية وسياسية٬ شارك فيها سموه بالحضور إلى جانب صاحب الجلالة الملك محمد السادس. تجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى الحضور البارز لولي العهد في الخطاب التاريخي مارس ٬2011 الذي أعلن فيه صاحب الجلالة عن إصلاحات سياسية وديمقراطية مهمة جرى تتويجها باعتماد دستور جديد٬ في إشارة قوية لحمل المشعل ومواصلة الإصلاحات وتأكيد استمرارية المغرب في ظل توحد العرش والشعب. كما تتمثل الأهمية الكبيرة التي تحظى بها مؤسسة ولاية العهد من خلال الحرص الموصول على تنشئة سموه في ظل أحسن الظروف ووفق برامج مخصصة للتربية والتكوين. هكذا٬ فإن صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ الذي التحق بالمدرسة الأميرية في التاسع من أكتوبر 2008، ينهل من إطار شمولي في مختلف التخصصات الدينية منها والعلمية٬ وبأحدث التقنيات ضمن برامج دراسية حافلة٬ وتربية دينية جيدة. وسبق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أن أعرب عن أمله في أن يحصل سموه على تربية مثل التربية التي حصل عليها "حصلت شقيقاتي وشقيقي وأنا على تربية تميل إلى الصرامة مع برنامج دراسي حافل٬ وتلقينا تربية دينية جدية في الكتاب القرآني بالقصر٬ وأنا حريص على أن يتلقى ابني القواعد التربوية نفسها". وأضاف جلالته في السياق نفسه "إنني لا أرغب في أن تكون شخصيته مطابقة لشخصيتي، ولكن أن تكون له شخصيته الخاصة٬ وكان والدي يحب القول عند الحديث عني٬ "له شخصيته ولي شخصيتي٬ الأسلوب هو الرجل". إن إحياء ذكرى ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن٬ مناسبة يؤكد فيها المغاربة تعلقهم بالعرش٬ باعتباره ضامن وحدة البلاد وتماسكها واستقرارها٬ في ظل الجهود٬ التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس٬ من خلال الأوراش الكبرى المفتوحة اقتصاديا واجتماعيا٬ لبناء مغرب الغد٬ مغرب الأمل والتنمية والرفاه. كما أنها حدث سعيد يحتفل به كل مكونات الشعب المغربي٬ وتعبر من خلاله عن مشاطرة الأسرة الملكية الشريفة أفراحها ومسراتها٬ وتجدد بالمناسبة آيات الولاء والإخلاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ وتشبثها بأهداب العرش العلوي المجيد وتمسكه المتين بجلالة الملك محمد السادس٬ سيرا على النهج الذي دأب عليه الأجداد منذ عقود.