أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، محمد لوليشكي٬ أن المملكة المغربية قبلت، منذ سنوات الانخراط في مسلسل للمفاوضات بشأن حل سياسي مقبول لتسوية نهائية للنزاع حول الصحراء المغربية. وأضاف لوليشكي٬ أول أمس الثلاثاء، في تدخل بمناسبة مناقشة مجلس الأمن الدولي لقضية الصحراء المغربية٬ أن مسلسل المفاوضات، الذي جرت مباشرته بفضل مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب "يظل الإطار الوحيد الكفيل بإيجاد حل سياسي مقبول من قبل جميع الأطراف". وأشار إلى أن مسلسل المفاوضات، الذي جرى الانخراط فيه يقتضي "إرادة سياسية وروح للتوافق والواقعية والتزاما قويا من أجل إنجاحه"٬ موضحا أن هذا المسلسل "يدعمه سياق إقليمي ودينامية لانطلاقة جديدة للعلاقات الثنائية لبلدان المنطقة المغاربية الخمسة". وأوضح الديبلوماسي المغربي أن "قضية الصحراء ليست قضية يرتبط مصيرها بتعديل مهمة المينورسو٬ إن الاعتقاد بذلك ينم عن جهل كبير بالحقائق السوسيولوجية والجيو-استراتيجية، ليس فقط بالصحراء، ولكن، أيضا، بمجموع المنطقة٬ لأن قضية الصحراء لها تاريخ مرتبط بشكل وثيق بتاريخ المنطقة المغاربية "، مبرزا أن "السعي من أجل حجب هذه الحقيقة لن يسهم إلا في تأخير مآل هذا النزاع مع التركيز على الجانب الشكلي على حساب ما هو أساسي. ويرى لوليشكي أن "حل النزاع حول الصحراء لن يكون إلا سياسيا وهو الحل، الذي يفرضه المناخ السياسي الراهن وفي المستقبل ولذلك جرى اللجوء إلى مجلس الأمن٬ وجرى تعيين مبعوث شخصي من أجل مساعدة الأطراف على التوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه". وبخصوص التقرير، الذي أعده الأمين العام للأمم المتحدة٬ اعتبر لوليشكي أن هذا التقرير "يشير إلى التحديات المطروحة على المينورسو". وقال السفير "إذا كنا نريد الحديث بجدية عن التحديات٬ فلماذا لا نتحدث عن الإرهاب. هذا تهديد رئيسي ما فتىء يتطور ليصبح رهانا جسيما بالنسبة لاستقرار مجموع المنطقة في امتدادها بالساحل والصحراء"٬ معربا عن أسفه لاعتبار "هذه الظاهرة جرى الحديث عنها في التقرير بشكل محتشم دون تقديم أي تفاصيل أو تحليل لتداعياتها". وأضاف أنه مع ذلك "وقعت أحداث خطيرة من خلال اختطاف ثلاثة أجانب على مقربة من مخيمات تندوف٬ إلا أنه لم يجر الحديث عن ذلك أو تقريبا بشكل جوهري في هذا التقرير. ألم تكن أحداث شمال مالي في جوارنا المباشر٬ دليلا كافيا عن الأخطار، التي تهدد استقرار منطقتنا". كما تساءل السفير "لماذا هذا القدر من الارتياب والتقدير الخاطئ، عندما يجري التطرق للمشاكل الحقيقية؟ لماذا ترهب إشكالية الإحصاء٬ التي هي في صلب النقاش وحل هذا المشكل٬ الجميع إلى درجة تكون معها رغبة في تحويل التزام تعاقدي من جانب الدولة المضيفة٬ الجزائر٬ إلى مجرد مناشدة بمجاملة مفرطة". وأضاف "لماذا لا نعرف حتى الآن عدد الأشخاص، الذين يعيشون في مخيمات تندوف، ولماذا هناك رفض لمحاولة معرفته؟ معتبرا أنه "بالتأكيد فإن هذه القضية الجوهرية والحاسمة جدا يجري التعتيم عليها بعناية وتفضيل التعامل بحماسة نضالية من أجل صرف انتباه الأممالمتحدة نحو قضايا هامشية". وشدد على أن ما يهم في الوقت الحالي٬ "هو مستقبل مسلسل المفاوضات، الذي يهم سكان مخيمات تندوف٬ باعتباره حاسما جدا بالنسبة لمستقبل منطقتنا. ما يهم هو اعتماد قرار يكون محفزا لدينامية جديدة في المفاوضات تدعمها قناعة مشتركة لدى جميع الأطراف للعمل معا من أجل إيجاد حل سياسي توافقي٬ ليس فيه غالب ولا مغلوب". وقال لوليشكي، مخاطبا أعضاء مجلس الأمن إن المغرب "على استعداد للعمل معكم ومع باقي الأطراف الأخرى للتوصل إلى هذا الحل٬ وهو على استعداد للانخراط بشكل كبير من أجل بلورة هذا الحل التوافقي. وفي هذا الصدد٬ يحافظ مقترحنا الخاص بالحكم الذاتي على كامل مصداقيته وقيمته وراهنيته". وقال إن هذا "الحل الديمقراطي يتناغم بالفعل مع الإصلاحات الجريئة، التي يقودها جلالة الملك٬ والتي وجدت، أخيرا، تطبيقها في اعتماد دستور جديد مطابق للمعايير الدولية٬ تلته انتخابات حرة ونزيهة وحكومة جديدة منبثقة عن هذه الانتخابات٬ وأيضا، في الجهوية المتقدمة". وذكر بأن المغرب أحدث في إطار دينامية الإصلاح هذه، مجلسا وطنيا لحقوق الإنسان٬ الذي يشمل الصحراء، من خلال لجنتين جهويتين بمدينتي العيون والداخلة٬ من مهامهما النهوض وحماية حقوق الإنسان، وأيضا، الإشراف عليها بكل استقلالية. وخلص إلى القول إن هذه "التدابير تعكس إرادة المغرب في تعزيز دولة القانون تحترم فيها حقوق الأفراد على امتداد التراب الوطني".