إن بث إشهار ألعاب الحظ على التلفزيون العمومي ليس قضية بسيطة، فوزير الاتصال يأمل في منع بثه على القنوات التلفزيونية، وبالخصوص على القناة الثانية، من خلال، ما يبدو حادثا عرضيا، أي عبر دفتر تحملات قناة عين السبع الجديد. إنها مقامرة حقيقية من قبل وزير الاتصال، فهو يجازف ليس داخل مجال صدامي، اعتبارا لمهمته المثيرة والرمزية، فحسب، بل لأنه يعتبر، أيضا، هدافا سياسيا ثقيلا، بتعبير مبسط، بين الإسلاميين في مركز السلطة، والليبراليين في المعارضة، فضلا عن أنه ليس هناك أي توافق في المجتمع المدني المغربي حول هذه القضية. غير أن تبرير الوزير لا يخلو من أساس، في المطلق، إنه يأمل، ككل محافظ ذي مرجعية إسلامية، في حماية الأسرة والشباب والهوية المغربية والمجتمع، ضد ازدهار ألعاب القمار، والتخمينات الرياضية، والمحادثات المفضية إلى لقاء، مع الحرص على جعل كل الأوراق في سلة واحدة، في خلط يرجح أنه مقصود. ليس غريبا أن يحرص حزب العدالة والتنمية، بمجرد وصوله إلى الحكم، على العودة إلى مبادئه الأصلية حول قضايا القيم، التي حققت نجاحه الانتخابي،. فالهجوم على المهرجانات يتواصل، وها هي ألعاب الحظ مستهدفة اليوم، وغدا، قد تظهر تعليمات أخلاقية أو غذائية أخرى، أو حول طريقة اللباس. لكن المشكل لا يكمن هنا، فهذا الحزب لا يوجد بمفرده في الحكومة، وعلى حد علمنا، فإن البرنامج الحكومي، الذي قدم أمام البرلمان، لم يتضمن إلغاء ألعاب الحظ، أو إلغاء إشهارها. يجب أن يخضع موضوع ألعاب الحظ لنقاش عمومي معلن، وليس في الخفاء، إذ لا يمكن معالجة هذه المسألة بطريقة بيروقراطية، من خلال دفتر تحملات. ويجب أن تكون آلية المعالجة ديمقراطية، وأكثر تشاركية وانفتاحا، ولا يمكن لمنع الإشهار لألعاب الحظ في التلفزيون أن يكون مشروعا إلا في إطار آليات الحوار الديمقراطي، وبالتالي، يجب أن يكون التفكير في الموضوع شاملا. إن المستهدف الحقيقي في الواقع، من خلال منع إشهار منتوجها، هي مقاولات متنوعة ذات وجود قانوني، تشمل "الرهان الحضري المتبادل"، و"المغربية للألعاب"، ومؤسسات أخرى، ترتبط أنشطتها ذات العائد الجبائي المرتفع بالحظ وبالتوقعات. ويعني تحريك المواقع في هذا المجال المس بمشروع مجتمعي بأكمله، وهنا، لا يتعلق الأمر بمجرد إصلاح قناة تلفزيونية، وإنما المسألة أكبر من ذلك بكثير. لهذه الأسباب، فإن مصطفى الخلفي، الذي يعرف جيدا رهانات الديمقراطية، على خطأ، وهو يضع منصبه الوزاري في الميزان، في هذه القضية الجدالية، وذلك، أولا، أن الأمر لا يتعلق بمسألة خاصة أو بقيم شخصية، وثانيا، لأن المسألة ليست مجرد موضوع تلفزة، قد يعالجه وزير بنزعة إرادوية. إن الموضوع يتطلب نقاشا عميقا، وفي العمق، تعبر فيه عن رأيها كل الأطراف الفاعلة في الديمقراطية بكامل المسؤولية، وفي حالة العكس، هناك حلول أخرى. فإذا كان الأمر لا يتعلق بمسألة مبدئية، فإن وسائل اتصال أخرى تستطيع استقبال الإشهار الذي يراد طرده من مجال الخدمة العمومية، مثل الإذاعات، والصحافة المكتوبة، وغيرهما، في انتظار إحداث قنوات تلفزيونية خاصة. كما يمكن التمييز بين ألعاب التوقعات، التي تمول جزئيا الرياضة المغربية، وألعاب الحظ الفعلية، التي لا تمول، في هذه الحالة، إلا الجبايات، وبدرجة أقل، المتراهنين فيها. لا شك أن هناك حلولا ممكنة، ويكفي من أجل ذلك تفعيل الأخلاقيات الديمقراطية.