هز انتحار أمينة الفيلالي، التي اغتصبت في مدينة العرائش، وزوجت لمغتصبها بالقوة، المجتمع المغربي، مثل زلزال أخلاقي عنيف، لا تتوقف تبعاته. ماذا حدث للمجتمع المغربي، حتى يتأثر إلى هذه الدرجة بحدث، لا يعد الأول من نوعه؟ لماذا لم يعد الأمر محتملا، أو مقبولا؟ هل هو الاغتصاب؟ أم الزواج بعد فعل شنيع؟ أم قضاء غير عادل في هذه القضية؟ ربما لأن الرفض في مثل هذه الواقعة شامل، ويجب البحث عنه في ثغرات عصرنة مازالت حديثة العهد. كل شيء مرفوض، جملة وتفصيلا، وليست بعض التبريرات السوسيولوجية أو المعطيات المحتشمة المقدمة هنا وهناك، هي التي ستصنع الاختلاف، بل يجب إصلاح القانون الجنائي، في اتجاه يحترم بوضوح حقوق الإنسان للجميع، وبالخصوص، حقوق المرأة. فعلى الصعيد السياسي، لم تكن ردود الفعل سيئة هذه المرة، بل كانت الإدانة مطلقة. أكثر من ذلك، فقد كان لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، صاحب الأغلبية، رد فعل شجاع تمثل في موقف وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي انضم إلى صف المجتمع المدني، الشاجب لهذا الاغتصاب المزدوج. بيد أن بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، تاهت بين تحليلات غير ملائمة، في الوقت الحالي، حين أشارت إلى العلاقات النظرية الموجودة بين دولة القانون وتطور المجتمع، ما يعني إقامة توازغريب بين حقوق المغتصبة وحقوق المجتمع إزاء الضحية. في المقابل، وعلى عكس عادته، زرع مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الغموض في هذه القضية، إذ جمع بين مجالين يشرف عليهما بصفته وزيرا عليهما، دون أن يجد أي من المجالين، العدل والحريات، أصله في هذه القضية. فهل يجب، وبسرعة، تغيير، الفصل 475 من القانون الجنائي، الذي يتيح للمغتصب الزواج بضحيته المغتصبة، بالقانون، من أجل الإفلات من العقاب؟ ويتمثل الجواب بالنسبة إلى الرميد، المتردد، في إرسال الإصلاح الضروري إلى حيث لا يمكن تحقيقه. وربما تكون هذه المسألة الأولى، التي يخسر فيها حزب العدالة والتنمية قضية تهم المجتمع، إذ كان يلعب دائما، وبوضوح، دور المدافع عن قيم، تنسب إلى المجتمع، ضد المجتمع نفسه. وفي هذه القضية، لا يشاطر المجتمع لا القيم التي يدافع عنها حزب العدالة والتنمية، ولا قيم حركة التوحيد والإصلاح، مع افتراض أن الوزراء والمناضلين المنتمين إلى هاتين الهيئتين لهم موقف مشترك. إن القضية معقدة جدا، وتختصر وحدها كل التناقضات، التي لم يقع الكشف عنها بعد. ويعلم المسؤولون الحكوميون أن إصلاح القانون الجنائي، في هذا الموضوع بالذات، مسألة لا محيد عنها، لأنها قضية عدالة لا نقاش فيها. وبالنسبة إلى المناضلين، فإنهم لا يعرفون لماذا يجب تحصين جسد المرأة، في وقت يبدو أنهم يعتقدون بأن الزواج يعتبر عملية إصلاح. أما أعضاء حركة التوحيد والإصلاح، فيبدو أنهم لا يفهمون سبب شعور إخوانهم في الحكومة بالحرج، ولماذا كل هذا الضجيج من أجل امرأة، تجسد صورة الشيطان، الذي أغوى رجلا أعزل، وأوقعه في شباكه.