شهدت العلاقات بين المغرب والبرلمان الأوروبي٬ في السنوات الأخيرة٬ زخما قويا تجسد في انتظام وتواصل الحوار بين المنتخبين المغاربة ونظرائهم الأوروبيين وتعزيزه بقنوات اتصال جديدة. وعمل المغرب٬ الذي طالما عبر عن التزامه الراسخ بتعزيز علاقاته مع البرلمان الأوروبي٬ باستمرار على بناء حوار مثمر ومسؤول مع هذه المؤسسة البرلمانية. وأهم مثال على هذا الحوار٬ هو إحداث كل من اللجنة البرلمانية المختلطة المغرب- الاتحاد الأوروبي (ماي 2010)٬ ومجموعة الصداقة المغرب- البرلمان الأوروبي (يونيو 2011). وتمثل اللجنة البرلمانية المختلطة المغرب- الاتحاد الأوروبي٬ المنصوص عليها، في إطار الوضع المتقدم الممنوح للمغرب من قبل الاتحاد الأوروبي في عام 2008، منتدى جديدا للحوار والعمل، ولتعميق التفاهم المتبادل بين البرلمانيين المغربي والأوروبي. وتمنح هذه اللجنة المختلطة بين الطرفين٬ الأولى من نوعها مع بلد من الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي٬ بالفعل إطارا منتظما ودائما لعقد الاجتماعات والحوار البرلماني حول العلاقات الثنائية. ويتعلق الأمر أيضا، بوسيلة فعالة لتعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وهي كذلك مدعوة إلى القيام بالمتابعة وصياغة التوصيات لتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. كما يمثل إحداث مجموعة الصداقة الاتحاد الأوروبي-المغرب في يونيو 2011، مثالا آخر على التقارب بين البرلمان الأوروبي والمغرب٬ في وقت كانت المملكة تسرع من وتيرة إصلاحاتها، من خلال دستور جديد وتكريس لحقوق الإنسان. وتقدم هذه المجموعة٬ في تكاملها التام مع اللجنة البرلمانية المختلطة المغرب- الاتحاد الأوروبي٬ قيمة مضافة لطبيعة العلاقات مع البرلمان الأوروبي من حيث سعيها إلى تعزيز أواصر الصداقة مع المغرب ومواكبته على طريق الحداثة وترسيخ القيم الديمقراطية. وتشهد هذه المبادرات٬ بالإضافة إلى وجود بعثة معنية داخل البرلمان الأوروبي بالعلاقات مع بلدان المغرب العربي٬ على إرادة الطرفين لتكثيف المبادلات والاتصالات وفتح قنوات جديدة للحوار بين البرلمانيين لمناقشة جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك٬ فضلا عن أنها تعزز الرؤية المغربية للتقارب والقرب من الاتحاد الأوروبي. ويعتبر المغرب٬ وهو فاعل رئيسي في الساحة الأورو-متوسطية٬ أول بلد يتمتع بوضع متقدم لدى الاتحاد الأوروبي. وشريك في الديمقراطية، أيضا، مع مجلس أوروبا. كما يتجسد مسلسل تطوير العلاقات البرلمانية الثنائية، من خلال تعزيز التعاون بين المجموعات البرلمانية والأحزاب السياسية. وبالموازاة مع ذلك٬ تكثفت زيارات البرلمانيين المغاربة للبرلمان الأوروبي بغرض القيام بحملات تواصل وتحسيس لفائدة مختلف الفرق البرلمانية الأوروبية٬ لإقناع أعضاء البرلمان الأوروبي بوجاهة خيارات المغرب الاستراتيجية وعدالة قضاياه٬ وأيضا، للتعريف بإنجازاته في مجال الديمقراطية والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ويكتسي دور الدبلوماسية البرلمانية٬ على الخصوص٬ أهمية نوعية منذ أن تم توسيع صلاحيات البرلمان الأوروبي، بعد دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ٬ ما خول لهذا الدور مزيدا من الصلاحيات، مقارنة بما كان له من قبل. في هذا الصدد٬ فإن تصويت البرلمان الأوروبي لفائدة الاتفاق الفلاحي الموقع مع المغرب يجسد ارتباط المؤسسة البرلمانية بشراكتها مع المغرب٬ وهي الشراكة التي حرص رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز على التأكيد بأنها "مبنية على إجراءات ملموسة وليس على الكلام العابر". وقال المسؤول الأوروبي إن "على الدعم الذي نقدمه للإصلاحات والتحولات الديمقراطية في منطقة البحر الأبيض المتوسط أن يترافق بأعمال ملموسة"٬ مضيفا أن هذا التصويت الإيجابي يؤكد أن البرلمان الأوروبي "يريد فعلا تحسين العلاقات مع جيرانه بالجنوب". وقد خص مارتن شولز المغرب بأول زيارة له كرئيس للبرلمان الأوروبي خارج الاتحاد الأوروبي٬ وهو ما يمثل عربون صداقة وثقة ويبرهن على أهمية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة. وأكد د مارتن شولز عشية زيارته للمغرب أنه على ثقة عميقة بالطابع الإيجابي لمستقبل علاقات المغرب- الاتحاد الأوروبي، التي مثلت وما تزال أولوية استراتيجية بالنسبة للجانبين.