أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بجامع لوقش بمدينة تطوان. وبين الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن القرآن الكريم هو كتاب هداية وإرشاد للخلق أجمعين، تضمنت آياته ما ينير درب العبد ويحقق له الفوز العظيم، وأن من هذه الآيات، آيات تعرف عند العلماء بالوصايا العشر (ماب) ذكر فيها الحق سبحانه بعض المبادئ العامة والأحكام الأساسية لهذا الدين، بحيث بين الأوامر والنواهي التي تتعلق بأصول العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة بين المؤمنين، التي اتفقت الشرائع السماوية كلها عليها، فقال تعالى "قل تعالوا أقل ما حرم ربكم عليكم، ألا تشركوا به شيئا...". وأوضح الخطيب أن أول هذه الوصايا، أمر الله تبارك وتعالى لعباده بأن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا وتحذيرهم من الوقوع في الشرك، لأنه ظلم وكفر وضلال وهو أعظم ذنب يرتكبه المرء ويظلم به نفسه ويشقى به في الدنيا والآخرة. وتتمثل ثاني هذه الوصايا في الإحسان إلى الوالدين، حيث أمر الله ببرهما في كثير من الآيات القرآنية مما يبعث في نفوسهما السعادة والاطمئنان إلى درجة أن الله تعالى، ولعظم حقوق الوالدين، قرن طاعتهما بطاعته وجعل رضاه في رضاهما وسخطه في سخطهما، كما نهى عن عصيانهما وعقوقهما والتنكر لجميلهما. أما ثالث الوصايا، يضيف الخطيب، فهي النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر والإملاق، وتكمن الوصية الرابعة في النهي عن الوقوع والقرب من الفواحش سرا وعلانية، على اعتبار أن الفاحشة هي كبيرة من الأقوال والأفعال، في حين تتمثل الوصية الخامسة في النهي عن قتل النفس ظلما وعدوانا، لأن لنفس الإنسان ولحياته مكانة كبرى وحرمة عظمى عند الله تعالى. والوصية السادسة هي النهي عن قرب مال اليتيم "حتى يبلغ أشده"، أي حتى يصير بالغا رشيدا، وتليها الوصية السابعة المتمثلة في الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالنسبة لمن يبيع ويشتري بهما، أي بالعدل والتسوية في الأخذ والعطاء، لأن النقص في الميزان عمل ممقوت عند الله وهو من أكبر الخيانات وأعظم الذنوب. والوصية الثامنة هي العدل في القول والفعل، حيث يجب على المؤمن أن يكون عادلا في حكمه وشهادته، في حين تتمثل الوصية التاسعة في الوفاء بالعهد، سواء مع الله تعالى في ما أمر به ونهى عنه، والعمل بأحكامه وشريعته، أو في التعامل مع الناس. في حين تكمن الوصية العاشرة، وهي وصية جامعة وعاصمة لمن تمسك بها، ألا وهي الاعتصام بحبل الله، حيث أمر الله تعالى عباده بالاعتصام بحبله والعض بالنواجد على صراطه المستقيم، ونهى عن اتباع السبل الملتوية، حتى لا يضلوا عن الطريق المستقيم. وأكد الخطيب أن من تأمل هذه الوصايا العشر سيجدها تكاد تشمل كل حرمات الله والحرمات هي ما يسمى اليوم بالمبادئ المقدسة، ذلك أنها وصايا كاملة في توجيه حياة الإنسان إلى أهم الثوابت، وهي مبدأ التوحيد، أي العقيدة المشار إليها في الوصية الأولى والوصية الأخيرة، بالنهي عن الشرك والأمر بالاعتصام بحبل الله في كل الأمور والمواقف، ثم حرمة الحياة، وهي المنصوص عليها في عدم قتل النفس وعدم قتل الأولاد. كما أن هناك حرمة روابط الأسرة من خلال النهي عن الفواحش، وعدم أكل مال اليتيم، والحض على الإحسان بالوالدين، وأخيرا حرمة النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الذي ارتضاه الله للمؤمنين، وتقوم على تجنب الظلم في كل قول وفعل وعلى الوفاء بجميع العهود والمواثيق، وعلى تجنب كل أنواع الغش في المعاملات. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله تبارك وتعالى بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس، وأن يجعل المغرب في سابغ رعايته آمنا مطمئنا، يضرب المثل في حياة الوئام والاستقرار، دائم الاعتراف والامتنان لولي أمره أمير المومنين، وبأن يقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني.