حققت المعارضة، التي تمثل يمين الوسط في إسبانيا، فوزا ساحقا في الانتخابات العامة، التي جرت، أول أمس الأحد، بعد أن عاقب الناخبون الحكومة الاشتراكية المنتهية ولايتها، بسبب أسوء أزمة اقتصادية شهدتها البلاد، منذ أجيال. الإسبان مستعدون للتقشف المؤلم اللازم لخفض العجز العام المتضخم (أ ف ب) وفاز الحزب الشعبي، بزعامة وزير الداخلية السابق ماريانو راخوي، بأغلبية مطلقة في البرلمان، ومن المتوقع أن يجيز إجراءات جذرية في محاولة لمنع وقوع إسبانيا بشكل أعمق في عاصفة تهدد منطقة الأورو بأكملها. وصب الناخبون جام غضبهم على الاشتراكيين، الذين قادوا البلاد من الازدهار إلى الإفلاس خلال سبع سنوات من توليهم السلطة. ومع تعطل خمسة ملايين شخص عن العمل، فيما يمثل أعلى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي، تتجه إسبانيا نحو ثاني ركود تشهده منذ أربع سنوات. وإسبانيا هي خامس دولة في أوروبا تطيح بزعمائها، بسبب أزمة منطقة الأورو الاخذة في الاتساع، بعد اليونان والبرتغال وإيرلندا وإيطاليا. وأشارت النتائج الرسمية، بعد فرز 95ر99 في المائة من الأصوات، إلى فوز الحزب الشعبي بأكبر أغلبية يحققها أي حزب، منذ 30 عاما، وحصوله على 186 مقعدا في المجلس الأدنى للبرلمان، المؤلف من 350 عضوا. وتراجع نصيب الاشتراكيين من 169 مقعدا في البرلمان، المنتهية ولايته، إلى 111 مقعدا، وهي أسوأ نتيجة لهم منذ 30 عاما. وربما يؤدي دواء راخوي المر للاقتصاد إلى جعل الأمور تسوء، قبل أن تبدأ في التحسن، لكنه قال إن ، يهدد بدفع رابع أكبر اقتصاد في منطقة الأورو، في اتجاه عملية إنقاذ محفوفة بالمخاطر. وقال راخوي (56 عاما) لأنصاره المبتهجين، في كلمته بمناسبة الفوز في مقر الحزب الشعبي، "أطلب منكم جميعا أن تواصلوا مساعدتي. أيام صعبة تنتظرنا. لابد من احترام صوت إسبانيا من جديد في بروكسل وفرانكفورت، لن نكون جزءا من المشكلة وسنكون جزءا من الحل". وأكد محللو مؤسسة بانك-انتر أنه بهذا الاقتراع "تنتهي عملية ليست مكتوبة ولا مخططة لتغيير كل حكومات الاقتصادات الأوروبية، التي لا تعد أساسية: اليونان وإيرلندا والبرتغال وإيطاليا، إضافة إلى إسبانيا". لكن تدابير التقشف الجديدة، التي بدأت ترتسم ملامحها قد تؤجج الغضب الاجتماعي، الذي ساد البلاد. ولم يستطع الاشتراكيون، الذين تولوا السلطة، عندما كان النمو الاقتصادي مدفوعا بالانتعاش العقاري، مقاومة الأزمة المالية العالمية، التي اندلعت في خريف 2008. ويخضع الإسبان، منذ ماي، إلى سياسة تقشف تجلت في خفض 5 في المائة من رواتب الموظفين وتجميد معاشات التقاعد وتأخير سن التقاعد من 65 إلى 67 سنة.