يعد انضمام فلسطين لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) انتصارا حقيقيا للجهود الديبلوماسية والسياسية التي بذلت على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي ومقدمة لحصولها على العضوية داخل هيئة الأممالمتحدة وخطوة متقدمة نحو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وكانت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قد منحت أول أمس الإثنين, فلسطين العضوية الكاملة بها, وذلك عقب تصويت المؤتمر العام للمنظمة المنعقد حاليا بباريس على قرار بهذا الخصوص. وتم التصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة, تفعيلا لتوصية المجلس التنفيذي للمنظمة التي تمت المصادقة عليها بأغلبية ساحقة (40 صوتا مقابل 58), وذلك بالرغم من الضغوط التي مارستها بعض البلدان الرافضة, ولاسيما الولاياتالمتحدة التي تهدد بوقف تمويلاتها للمنظمة. وبهذا الانضمام لإحدى أكبر المنظمات الأممية , التي أنيطت بها رسالة الاسهام في بناء السلام وإقامة حوار بين الثقافات والحفاظ وحماية الموروث الحضاري للشعوب, ستتمكن فلسطين من إدراج مواقع أثرية تاريخية ودينية في قائمة التراث العالمي الذي يتعين الحفاظ عليه وحمايته وبالتالي قطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد وطمس كل المعالم الأثرية العربية والإسلامية. عضوية فلسطين باليونيسكو..انتصار للحق والتاريخ وقد أعرب عدد من المسؤولين عن ارتياحهم لقبول فلسطين عضوا باليونيسكو , مؤكدين أن هذا الانضمام يشكل "انتصارا للحق ولمنطق التاريخ. وفي هذا الإطار, أكد سفير دولة فلسطين بالمغرب السيد أحمد صبح أن انضمام فلسطين لهذه المنظمة الأممية جاء "نتيجة جهد جماعي فلسطيني عربي إسلامي دولي" , مضيفا أن ذلك يعد "يوما تاريخيا بامتياز وانتصارا لحق الشعب الفلسطيني ومقدمة لإنهاء الاحتلال وتكريس الحق الفلسطيني في المنظومة الدولية". وأضاف السيد صبح , في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أن هذا الانضمام يكتسي أيضا أهمية خاصة في اليونيسكو لكون هذه المنظمة تمثل التعددية والانفتاح على الآخر و"لا يمكن أن تؤدي رسالتها كاملة دون أن تشمل وتضم الجميع بلا استثناء وكان عدم وجود فلسطين بها هو هذا الاستثناء." وفي هذا السياق أكد السفير أن تجديد المغرب دعمه لانضمام فلسطين لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة أمام المؤتمر العام السادس والثلاثين للمنظمة بباريس شكل "تتويجا للجهود التي مافتئ المغرب يبذلها لدعم الطلب الفلسطيني في هذا الاطار". وأبرز السيد صبح الدور الذي اضطلعت به بعثة المغرب الدائمة باليونيسكو وما كان لها من "اسهام ايجابي" في هذا الاطار, مشيرا الى أن المغرب كان له أيضا دور أساسي في صياغة طلب انضمام فلسطين لهيئة الأممالمتحدة نفسها. وأكد أنه "ليس أدل على ذلك من مشاركة وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد الطيب الفاسي الفهري في اجتماع لجنة المتابعة العربية بقطر وما عبر عنه باسم جلالة الملك وباسم المملكة المغربية من "استمرار الموقف المغربي المبدئي الثابت الداعم لفلسطين". من جهة أخرى, قال السفير الفلسطيني إن حصول فلسطين على العضوية باليونيسكو سيساهم في بناء صرح العمل الثقافي والتربوي والعلمي الذي تمثله هذه المنظمة والمساهمة أيضا في تحقيق السلام والاستقرار والعدالة في العالم, مضيفا أن الحفاظ على التراث الديني والتاريخي والأثري الفلسطيني امر مطلوب ليس باعتباره فلسطينيا فحسب بل لانه ملكا للإنسانية. أما السيد محمد تاج الدين الحسيني, أستاذ العلاقات الدولية , فاعتبر, في تصريح مماثل, أن انضمام فلسطين لمنظمة أممية متخصصة يشكل "حدثا تاريخيا سيفتح الباب على مصراعيه في المستقبل نحو باقي المنظمات الأممية مما سيمكن فلسطين من تكريس وجودها كدولة مستقلة وذات سيادة". وأكد, في هذا الإطار, أن منح العضوية لفلسطين باليونيسكو سيمكن من "فضح وتعرية كل الحقائق المرتبطة بالاستيطان وبالاعتداء الإسرائيلي على الأراضي التي تعتبرها هذه المنظمة جزءا لا يتجزأ من التراث الفلسطيني وفقا لما تم تأكيده من اعتراف للمجتمع الدولي بحدود 1967 كحدود قانونية للدولة الفلسطينية". وابرز أن هذا الانضمام سيكون بمثابة مجال واسع لمزيد من النضال الفلسطيني لحث منظمة اليونيسكو على الاضطلاع بدورها كاملا في صيانة والمحافظة على الآثار والمعالم والموروث الحضاري بفلسطين واتخاذ كل ما يلزم لردع إسرائيل من محاولاتها الهادفة إلى تهويد وطمس الهوية العربية والإسلامية . وبدوره أكد عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو), أن القرار الذي اتخذه المؤتمر العام ال` 36 لليونسكو بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة هو "انتصار للحق والعدالة والقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية". وذكرت (الإيسيسكو) على موقعها الإلكتروني أن المدير العام للمنظمة أبرز أن انضمام فلسطين لليونيسكو يشكل أيضا " نصرا للشعب الفلسطيني ويعزز النضال الدبلوماسي, الذي تخوضه السلطة الوطنية الفلسطينية, للانضمام إلى الأممالمتحدة عضوا كامل العضوية". كما رحبت المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) ايرينا بوكوفا, بقبول طلب عضوية فلسطين في المنظمة, مؤكدة أن هذا الانضمام يشكل " لحظة تاريخية تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للشعب الفلسطيني واليونسكو".