فشل الرجال الثلاثة وهم من بنغازي في قتل معمر القذافي، قبل عقود من الزمن، ولكنهم يحتفلون هذه الأيام بالإطاحة بالنظام، الذي سجنهم وعذبهم وبفرار الزعيم الليبي من وجه قوات النظام الجديد. القذافي متهم بارتكاب مجاز في حق الشعب الليبي طيلة 42 عاما (أ ف ب) وبعد 30 عاما من محاولتهم الفاشلة تلك، نجحت الانتفاضة الشعبية، التي انتقلت عدواها من تونس ومصر المجاورتين، في أن تطيح في النهاية بنظام القذافي. وكان عبد الله احمد الشاعري (72 عاما)، وناصر عبد السلام الطرشاني (46 عاما)، وجمال سعد (48 عاما)، من بين 44 رجلا من المدينة الواقعة في شرق ليبيا، الذين اعتقلوا في عام 1981، لمدة سبع سنوات بتهمة التآمر لقتل القذافي خلال مشاركته في افتتاح سوبرماركت. وقال الشاعري الذي يتحدث الانكليزية بطلاقة وكان رئيسا بارزا لإحدى شركات النفط، عندما اعتقله النظام السابق "فشلنا في محاولتنا لقتل القذافي، ولكننا سعداء بأنه قد اختفى أخيرا". واعتقل الشاعري والعديد من أفراد عائلته ومن بينهم شقيقه فتحي، مدبر خطة الاغتيال، وعذبوا مع عشرات آخرين لتخطيطهم لعملية القتل. وقال الشاعري إنه صدر بحق شقيقه، الذي كان طيارا في جيش القذافي ولم يتعد عمره في ذلك الوقت 26 عاما، حكم بالإعدام "ولكننا نعتقد أنه قتل في مجزرة سجن أبو سليم" بعد سنوات من اعتقاله. وعرض على مراسل وكالة فرانس برس وثيقة من المحكمة تفصل الأحكام، التي صدرت بحقهم بتهمة التخطيط لاغتيال القذافي. وشهد سجن أبو سليم في طرابلس مجزرة وحشية ارتكبها النظام بحق السجناء في عام 1996. والشهر الماضي جرى العثور على مقبرة جماعية في العاصمة تضم رفات أكثر من 1700 سجين قتلوا في المجزرة. ولسنوات عديدة دعت منظمات دولية تدافع عن حقوق الإنسان نظام القذافي إلى الكشف عن مصير السجناء، الذين قتلوا في ذلك السجن، خلال أعمال الشغب. واندلعت أولى التظاهرات في الانتفاضة الشعبية، التي أدت الشهر الماضي إلى الإطاحة بنظام القذافي في مدينة بنغازي في فبراير الماضي، عندما دعت عائلات ضحايا سجن أبو سليم إلى تظاهرات، بعد اعتقال محاميهم. وصرح الشاعري لوكالة فرانس برس حول الأحداث، التي جرت قبل 30 عاما "لقد تعرضت للتعذيب طوال 15 يوما". وقال "كانوا يضربونني على ظهري وقدمي بأسلاك كهربائية وعصي. وقد علقوني من السقف من قدمي وضربوني. حتى أنني حاولت الانتحار لأن الألم كان لا يحتمل". وأضاف الشاعري "كانوا يوقظونني أربع مرات في الليل ويبدأون في ضربي. في بعض الأحيان كانوا يقذفون بي على درج السجن. وكل ذلك كان يحدث تحت إشراف عبد الله السنوسي، الذي كان بمثابة الصندوق الأسود لنظام القذافي". والسنونسي هو رئيس الاستخبارات في نظام القذافي السابق، وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية إضافة الى ألقذافي ونجله سيف الإسلام. وتحدث سعد كذلك باللغة الانكليزية وقال إن خطة قتل القذافي جرى تدبيرها في بيت الشاعري. إلا أن الخطة فشلت، لأن القذافي كان يغير باستمرار تاريخ افتتاح السوبرماركت. وأضاف "في النهاية جاء ليفتتح السوبرماركت الساعة الثانية صباحا من يوم الثالث من أبريل 1981. ولم نتمكن من تنفيذ الخطة. هو لم يكن يتحرك بناء على معرفته بالخطة، ولكن تلك كانت الطريقة، التي كان يتحرك بها". وقال إنه أثناء افتتاح السوبرماركت، حاول بعض من أعضاء مجموعتهم متسلحا بمسدس وقنابل يدوية الاقتراب من القذافي، إلا أنه لم يستطع الوصول إليه. وأضاف "معظمنا كنا مراهقين في ذلك الوقت. أعتقد أن واحدا منا (من بين مجموعة من 44 شخصا) تحدث بالصدفة عن الخطة أمام شخص ما بعد أشهر، وعلمت بذلك استخبارات القذافي، واعتقلنا بعد ذلك".