متواضع في كلامه، غيور على فنه وعاشق لكل الأدوار، التي ترضي المشاهد. من مدينة تازة سطع نجمه، ليضيء سماء الإبداع المغربي، تألق في التلفزيون، وأبدع في السينما، إنه ربيع القاطي، الفنان الذي لا يحب الحديث عن نفسه في حين تراه بحرا تهيج أمواجه كلما تعلق الحديث عن الميدان الفني. فتح قلبه في حوار مع "المغربية"، وكشف عن حبه للميدان الفني، ورغبته في تطويره وطنيا وعربيا. لم يخطف القاطي أنظار الجمهور فحسب، بل نال إعجاب النقاد، خلال مشاركاته في أعمال وطنية وعربية وأخرى أجنبية لم تدفعه للتفكير في الهجرة الفنية إلى الشرق أو العرب، إذ يعتبر ذلك استسلاما، وطالب القيمين على الميدان الفني أن يركزوا في إبداعاتهم الدرامية على تاريخ المغرب، من أجل تقريب المشاهد من ماضيه العريق، الغني بالشخصيات الكبيرة، التي تركت بصمات خالدة يفتخر بها كل مغربي. ماهو جديدك الفني على مستوى التلفزيون والسينما؟ شاركت في المسلسل الخليجي "كريمة"، إلى جانب وجوه مغربية، وجرى عرض العمل في رمضان الماضي. أديت أحد الأدوار البطولية في المسلسل، بحيث اكتشف المخرج شخصية ربيع القاطي. أعتبر هذه التجربة ناجحة أعتز بها. دائما، على مستوى التلفزيون، أشارك حاليا في مسلسل "الغريب"، ويندرج ضمن دراما "الفنتازيا"، تدور أحداثه في زمن متخيل، غير مقيد بظروف تاريخية، مما يفسح مجالا أوسع للإبداع. هذا بالإضافة إلى أنني أشارك في سلسلة فرنسية، من إنتاج "كنال بلوس" تحمل عنوان "كابول كيتش"، من المنتظر أن يعرض في أبريل المقبل على القناة الأولى. سينمائيا، أشارك في فيلم "الطريق إلى كابول"، الذي انتهى من مرحلة المونتاج وينتظر عرضه قريبا في القاعات السينمائية. يشاركني في العمل كل من رفيق بوبكر وجمال لعبابسي. أي المجالين أقرب إلى قلبك، التلفزيون أم السينما؟ أحب الاثنين معا، فلكل واحد سحره الخاص. التلفزيون، شاشة صغيرة لها جمهورها الواسع، حيث يدخله الفنان دون استئذان، كما أن الممثل مطالب بأن يكون في مستوى تطلعات المشاهد. أحترم جمهوري، وأحرص على تقديم أدوار تلقى استحسانا من قبله. في رأيي أن الممثل يجب أن يتعامل بحذر مع المشاهد، لأن ملايين العيون ستحاسبه إذا أخطأ. أما بالنسبة للسينما، فلها طعم خاص وجمهور محدود، لكن الأفلام السينمائية تدون وتبقى للتاريخ بخلاف التلفزيون. ما هو الدور الذي تحلم بتجسيده؟ الأدوار كثيرة، خصوصا التاريخية منها. لدينا تاريخ حافل بالشخصيات الكبيرة والجديرة بأن تقدم للمشاهد. أحب أن أجسد شخصية "أسد بن تراب" فاتح صقليا. أعيب على كتاب السيناريو عدم اهتمامهم بالدراما التاريخية المغربية، فهم لا يركزون على التاريخ المغربي الغني بالبطولات. يجب على المشاهد أن يقف عند تاريخ بلده، ليقرأ حاضره، وبالتالي ليكون فكرة عن مستقبله. فلا يمكن التحدث عن الحاضر ونحن نجهل ماضينا. أطلب من المسؤولين عن الميدان تشجيع الدراما التاريخية. كيف هي علاقتك بجيل الرواد؟ علاقة يسودها الاحترام المتبادل. أرحب بالعمل إلى جانب مختلف الأجيال. أفرح عندما ألتقي بفنان كبير ذي تجربة واسعة، ونتبادل الأفكار. ماذا تمثل لك الجوائز؟ لا أعترف بها في المغرب شكلا ومضمونا. أحسن جائزة هي الاحترام المتبادل بيني وبين الجمهور. أحترم مبادئي، وأخرج للشارع مرفوع الرأس، وحب الجمهور أكبر جائزة أفتخر بها. أنا ابن بيئتي، لدي اختيارات في أعمالي وأحترمها، حتى أظل عند حسن ظن الجمهور. ألا تفكر في الهجرة بحثا عن النجومية؟ لن أفكر في الهجرة بتاتا. أشتغل مع الأجانب كثيرا، لكن التفكير في الهجرة أمر مستبعد، أعتبر بلدي الأكسجين الذي يمدني بالطاقة والعطاء. الهجرة بالنسبة إلي استسلام. الميدان الفني غير مفروش بالورود، وأعتبر نفسي أخوض حربا رمزية في هذا الميدان، لأن لدينا مسؤولين في مناصب لا تناسبهم، بحيث لا يمكنهم أن يخدموا هذا الميدان، لأنهم بكل بساطة بعيدون كل البعد عن كل هو إبداع. نحن مطالبون بالصمود أمامهم لننقد الميدان ونساهم في تطويره. يجب أن أناضل في بلدي من أجل الفن. هل تتذكر أو ظهور لك أمام المشاهد؟ من خلال مسلسل "شجرة الزاوية"، أسعدني العمل، لأنني شاركت إلى جانب نجوم التمثيل المغربي، وتعرف الجمهور آنذاك على ربيع القاطي. اعتبرت العمل تحديا، وكان ناجحا، لأنني كنت حينها طالبا في المعهد العالي للتنشيط المسرحي. كيف تقيم الساحة التمثيلية المغربية؟ ما زلنا في مرحلة الكم، يجب أن ننتقل إلى مرحلة الإتقان، والهروب من تكرار المواضيع. لماذا لا نتعامل مع التاريخ المغربي في أعمالنا؟ هل نفتقد كتاب سيناريو ومؤرخين؟. كلن لا يمكن أن ننكر أننا حققنا طفرة كبيرة في الميدان الفني. أصبحنا ننجز 20 فيلما في السنة عوض ثلاث، والأفلام القصيرة أصبحت تنجز بكثرة. لدينا اجتهاد كبير في إنتاج الأعمال المغربية. ما هي أهم أبرز أعمالك الفنية؟ في التلفزيون، هناك "شجرة الزاوية"، و"خط الرجعة"، و"أمود"، و"ولدي"، و"إلى الأبد"، و"كريمة"، و"الغريب". وفي السينما، هناك "أبواب الجنة"، و"فين ماشي يا موشي"، و"أولاد لبلاد"، و"الطريق إلى كابول". لدي مشاركات أجنبية مثل فيلم "كيلكاميش" سنة 2006، وهو عمل مشترك إنجليزي-دانماركي، وشاركت سنة 2007 في الفيلم الفرنسي "أرض الضوء"، من إنتاج وإخراج "فرانس 2"، وسنة 2008، أيضا، شاركت في فيلم "صمايل" من إنتاج إيطالي-أميركي، وفي فيلم "حماد كارسيو". بعيدا عن الفن من هو ربيع القاطي؟ "بعد تردد لأنه لا يحب الحديث عن نفسه"، ربيع القاطي إنسان يعيش من أجل الآخرين. هل تمارس الرياضة؟ بمختلف أنواعها. فممثل تعود علي الرياضة بالنفع. في مسلسل "الغريب" سيكتشف المشاهد جانبا من شخصيتي الرياضية، لأنني أمارس رياضة فنون القتال، وماهر في ركون الخيل، ومواظب على السباحة والجري. هل تحب الأسفار؟ عملنا يتطلب منا الأسفار وكما يقول المثل "حجة وزيارة"، أستغل فرص أسفاري للوقوف على الأماكن والمدن" التي أزورها. يشدني كثيرا جنوب المغرب. لدينا مناطق نائية، لكنها غنية بطبيعتها وجمالها. هل لديك اهتمامات أخرى إلى جانب الفن؟ اهتماماتي تصب كلها في الفن، بحيث إنني متتبع للإبداع الفني بكل أطيافه، أزور المعارض التشكيلية، وأذهب للمسرح، وأتابع الأفلام السينمائية. أحب أن أكون حاضرا في كل إبداع مغربي.