من الأطلس المتوسط، تحديدا مدينة أزرو الجبلية، الغنية بأشجار الأرز والكرز، أطل وجه فني متميز، أحبه الجمهور المغربي، من خلال أدواره المتنوعة. إنها الفنانة منى فتو، صاحبة الأدوار الجميلة، ترعرعت بمدينة الرباط، وتستقر حاليا بالدارالبيضاء.عشقت التمثيل منذ طفولتها، وكانت ترى إعجاب الجمهور ورضاه عنها في عيونه، ما جعلها تواصل العمل في الميدان الفني، رغم صعوبته، حتى تبقى وفية لجمهورها وتحقق ذاتها كفنانة متألقة. عرفها الجمهور أول مرة، في فيلم "حب في الدارالبيضاء" للمخرج عبد القادر لقطع، الذي شكل حسب رأيها انطلاقة لسينما جديدة بالمغرب. وتجسيدها للزوجة المدللة في "البحث عن زوج امرأتي"، إلى جانب دورها الكوميدي في "رحيمو"، جعلاها تكسب جمهورا واسعا. تتراوح تجربتها الفنية بين المسرح والسينما والتلفزيون، وترى السينما المجال الأقرب إلى قلبها. تسعدها الجوائز وتشرفها، لأنها اعتراف بما حققه الفنان، وتشجيع له على الإبداع والتألق في أعماله المستقبلية، وإن كانت ليست الهدف النهائي، إلا أنها تشعر الفنان أنه يقدم فنا راقيا ومتميزا. نالت منى فتو أول جائزة في مسارها الفني، من خلال أول بطولة لها في فيلم "حب في الدارالبيضاء"، سنة 1991 في المهرجان الوطني للسينما بمكناس، كما نالت جائزة في مهرجان طنجة سنة 1995 عن دورها في فيلم قصير، وحصدت جائزة بالبحرين عن فيلم "نساء ونساء" سنة 1999. وتعتبر ابنها بن سالم، أحسن جائزة حصلت عليها في حياتها سنة 2000، إذ أدخل الفرحة إلى قلبها وجعلها ترى الحياة بعيون متفائلة. ما هو جديدك الفني؟ انتهيت من تصوير مشاهدي في الفيلم التلفزيوني "الممثلة"، من إخراج نرجس النجار، والعمل جاهز وسيعرض على القناة الأولى قريبا. يشاركني البطولة في الفيلم لأول مرة كل من أسماء الخمليشي ويونس ميكري. ودوري ينحصر في شخصية فتاة كانت تحلم، منذ صغرها بأن تصبح ممثلة، وعندما يتحقق حلمها تتوالى الأحداث. الحقيقة لا أريد أن أحرق تفاصيل الأحداث لأترك المشاهد يكتشفها بنفسه. أشارك، أيضا، في فيلم تلفزيوني يحمل عنوان "بنات رحمة" للمخرجة فريدة بورقية، وسيعرض على القناة الثانية. سينمائيا، أشارك في شريط "أولاد لبلاد" للمخرج محمد إسماعيل، الذي يعرض حاليا بالقاعات السينمائية الوطنية. أي المجالات أقرب إلى قلبك: السينما أم التلفزيون أم المسرح؟ رغم أن لدي علاقة خاصة بكل المجالات الإبداعية، إلا أنني أرتاح جدا في السينما، وأشعر أنني أكثر عطاء في هذا المجال. أنا مقصرة في المسرح، وأعتبر تجربتي في هذا الميدان غير كافية، لكن تلفزيونيا وسينمائيا بالخصوص، أنا راضية وفخورة بكل الأعمال التي قدمتها للجمهور المغربي. ما هو الدور الذي تحلمين بتجسيده؟ أعشق الأدوار التاريخية، وأحب تجسيد دور نساء عربيات بصمن التاريخ بأعمال خالدة. ماذا تمثل لك الجوائز؟ دائما تسعدني وتشرفني، لأنها اعتراف بما حققه الفنان، وتشجعه على الإبداع والتألق في أعماله المستقبلية، وإن كانت ليست هدفا نهائيا، إلا أنها تشعر الفنان بأنه يقدم فنا راقيا ومتميزا، وتحفزه على إعطاء المزيد. كيف تقيمين الساحة الفنية المغربية؟ صراحة، أرى أنها بخير، إذ منذ سنوات قليلة كنا في واد وكان الفن في واد آخر. الآن، أصبح الميدان الفني في وضع جيد، وشروط العمل في تحسن كبير. يجب علينا كفنانين ألا ننكر ذلك، إذ أن عدد الأعمال الفنية في جميع المجالات في تطور كبير كما وكيفا، وأصبحت الأفلام السينمائية المغربية تحصد جوائز كثيرة في مهرجانات وطنية وعربية. كما أن الفنان المغربي فتحت أمامه آفاق العمل بشكل كبير، فظروف التصوير والعمل في تحسن، ما يجعله في تألق وإبداع كبيرين. أظن أن صورة الفن المغربي أصبحت مشرفة وطنيا وعربيا. كيف هي علاقتك ببقية الفنانين؟ غالبا ما يجمعنا العمل، وعموما فعلاقتي بجميع زملائي في الميدان الفني يطبعها الاحترام المتبادل. رغم لقاءاتنا المحدودة، إلا أننا في تواصل مستمر ونتابع أعمال بعضنا البعض، ونحاول تشجيع المنتوج الفني المغربي، لأنه كلما تألق فنان ما إلا وانعكس ذلك إيجابا على المستوى الإبداعي المغربي. "حب في الدارالبيضاء" كان تجربتك الأولى في السينما، كيف تقيمين هذه التجربة؟ أظن أنها تجربة جميلة، لن تنمحي من ذاكرتي، وستبقى خالدة في مساري الفني. حقيقة أنني لم أشاهده منذ سنة 1991، وعندما قمت بذلك، أدركت أنه عمل في مستوى جيد من حيث الموضوع، وأنا فخورة به. شكل "حب في الدارالبيضاء" بداية وانطلاقة لسينما جديدة في المغرب. الآن، أصبحت السينما المغربية منتعشة بأعمال سينمائية جيدة تضاهي الأفلام العربية كما وكيفا، وتنافسها على حصد أهم الجوائز. ما هي أهم أعمالك الفنية؟ سينمائيا، شاركت في "نساء ونساء"، و"البحث عن زوج امرأتي"، و"طريق لعيالات"، وتلفزيونيا، شاركت في "رحيمو". على مستوى المسرح، شاركت في مسرحية "خلقنا لنتفاهم"، و"العيطة عليك"، و"الباتول"، و"الفيل"، وغيرها من الأعمال، التي أعتز بها كثيرا. كيف جاء عشقك للفن؟ أحببت التمثيل، منذ الصغر، وكنت مولعة بالمسرح. شاركت في الحفلات المدرسية، ورأيت التشجيع في عيون الآباء والأساتذة. كنت ألاحظ أنهم معجبون بي رغم صغر سني، وهذا الإعجاب دفعني لدخول ميدان التمثيل. أحببت هذا الميدان وأشعر أنني أقدم فيه أدوارا بحب، وأعتز بتشجيع الجمهور، الذي يظل السند الأول لأي فنان. هل تتذكرين أول دور لك أمام الجمهور؟ المسرح كان انطلاقتي، وأتذكر أن أول دور لي كان من خلال مسرحية "هوس المنزه" للمخرج عباس إبراهيم، وكان سني لا يتجاوز العشرين سنة. بعيدا عن الفن، هل أنت من هواة الدخول إلى المطبخ؟ أعشق الأكل، لكن لا أدخل المطبخ يوميا. أظن أنه عندما أدخله بشكل يومي قد لا أتفنن في تحضير الوجبات، بخلاف أنه عندما أدخله من حين لآخر، أحضر شهيوات شهية. أحب الأكل المغربي، وابني بن سالم كذلك يعشق الطبخ المغربي، فهو يحب الكسكس والحريرة و"التغميسة". هل توفقين بين اهتماماتك الفنية وواجباتك تجاه بن سالم؟ لو كنت موظفة لظلمته أكثر. في طفولتي، كانت والدتي موظفة، وكنت أشعر بعدم الاطمئنان، نظرا لغيابها طوال اليوم. شعور ظل يلازمني لسنوات، ولم أتفهم ذلك الوضع حتى كبرت. الحمد لله أنه حاليا هناك حوار بين الآباء والأبناء، كان مفقود في وقت مضى. أعشق مهنتي، فهي مصدر رزقي، وابني بن سالم يتفهم ذلك جيدا لأننا في تواصل مستمر. عندما أكون بعيدة عنه في مكان التصوير يظل الهاتف حاضرا بيننا، وكأنني قريبة منه، ومن حسن حظي، الممثل لا يشتغل دائما. ففي السنة الماضية مثلا، لم أصور أي عمل، ومكثت في بيتي سنة بكاملها. أظن أن العلاقة بين الآباء والأبناء لا يطبعها الكم، إذ أن هناك بعض الآباء الذين يقضون ساعات مع أبنائهم، لكن في غياب تام للتواصل. يمكنني أن ألتقي ساعة واحدة في اليوم مع ابني وأتواصل معه بشكل جيد، لأن الحوار أساس كل العلاقات. هل تحبين الأسفار؟ أعشقها كثيرا، لأنها تغذي الروح، وتفتح الآفاق على عالم جديد. ومهنتي كممثلة، ساعدتني على اكتشاف بلدان ومناطق كثيرة، ومكنتني من اكتشاف حضارات وثقافات مختلفة. أحب الاكتشاف، أعشق البحر، كما أحب زيارة باريس ومراكش مرة في السنة. هل خضعت لعملية تجميل؟ مرة واحدة، على مستوى الأنف، الذي كان يضايقني شكله كثيرا، وكنت أرى أن عملية تجميل بسيطة ستجعله أجمل. أظن أن الفنان مطالب بوضع بعض التغييرات التي يحتاجها من أجل فنه، وحتى يطل على الجمهور في حلة أجمل. هل تحبين التسوق؟ أذهب للتسوق بشكل معتدل، لا أحب التبذير، كما أحب اقتناء الأشياء الجميلة الراقية. هل أنت متابعة للموضة؟ ليس دائما، أتابعها إذا لاءمتني وناسبت شكلي. أنا من عشاق اللباس التقليدي، خاصة في المهرجانات، مثل مهرجان مراكش السينمائي الدولي، إنه أفضل زي في العالم، خصوصا بعد التطور والتعديلات التي أدخلها المصممون على القفطان المغربي. هل تمارسين الرياضة؟ إنها مصدر للحيوية، أمارسها بشكل يومي، لكن أتوقف عن ذلك في فترات التصوير. أعشق السباحة والرقص الشرقي واليوغا، لما لهذه الرياضات من أفضال على الذات. هل تتابعين البرامج التلفزيونية؟ أتابع البرامج الثقافية على القناتين الوطنيتين، وأحرص على متابعة الإنتاجات الوطنية من سينما وتلفزيون، لأرى إلى أي حد وصل الإبداع المغربي. في حالة القلق، هل تتحدثين إلى أحد أم تنعزلين؟ أفضل الانعزال في حالة القلق، لكن بعد ذلك يمكنني أن أفضفض إلى أحد المقربين. هل تتمنين أن يسلك بن سالم طريقك الفني؟ كل ما أتمنى هو أن يكون ابني سعيدا، وإذا أصبح فنانا، سيشرفني ذلك كثيرا، لأن الفن موهبة ومهنة شريفة، وإذا اختار طريقا آخر، أتمنى له التوفيق والسعادة.