طالب حقوقيون بفتح تحقيق في حادثة سير أودت، يوم 19 شتنبر الجاري، بحياة عامل وعاملة، وتسببت لحوالي 24 عاملا لإصابات متفاوتة، منها حالة وُصفت ب"الخطيرة". وأوضح الحسين أولحوس، نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة أيت باها، ل"المغربية"، أن سائق سيارة من نوع بيكوب كان ينقل حوالي 24 عاملا، وسمح لعاملة كانت على متن السيارة نفسها بمواصلة رحلة النقل، التي انتهت بحادثة سير، أدت إلى وفاة إحدى العاملات في المكان نفسه، فيما توفي عامل آخر متأثرا بجروحه عند وصوله للمستشفى. وذكر أولحوس أن العاملة والسائق نقلا بدورهما إلى المستشفى الحسني بأكادير ووضعا تحت الحراسة النظرية، لمدة 48 ساعة، فيما كان من المنتظر أن ينظم زملاء ضحايا الحادث، الذين يشتغلون بالضيعة الفلاحية نفسها، احتجاجا، الخميس الماضي، للتنديد بظروف العمل ونقل العمال. وتحدث أولحوس عن تأخر وصول سيارة الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى الإقليمي ببيوكرى، رغم أن مكان وقوع الحادثة لا يبعد عن بيوكرى بأكثر من 10 كيلومترات، فيما ظلت الحالات البليغة تنتظر نقلها إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، من الواحدة ظهرا إلى الثامنة ليلا. وكشفت مصادر مطلعة أن العاملة والسائق معتقلان حاليا في إطار التحقيق، فيما أكدت مصادر أمنية أن العاملة، البالغة عمرها حوالي 22 سنة، لا تملك رخصة سياقة، وأنها كانت هي من تولت السياقة بإذن من صاحب سيارة البيكوب وسائقها في الوقت نفسه. وقالت نعيمة حرشاوي، في اتصال هاتفي مع "المغربية"، إن زوجها (محمد حرشاوي، حوالي 40 سنة) وابنها (نور الدين حرشاوي، 16 سنة) كانا ضحيتا هذه الحادثة، وأن الزوج مازال يعاني مضاعفات إصابته في صدره ورأسه، فيما يعاني ابنها جروحا في يده. وحملت نعيمة الحرشاوي مسؤولية حادثة السير إلى السائق، الذي سمح للعاملة، التي مازالت، حسب قولها، في إطار تعلم السياقة، بقيادة السيارة. وتتابع هذه الأخيرة، حاليا، في ملابسات الحادثة، بمفردها، حسب المصادر ذاتها. بدورها، قالت خديجة العسري، عاملة، تبلغ 29 سنة من عمرها، ل"المغربية"، إنها تعرضت لإصابة ببقايا الزجاج في عينها، ونقلت إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأوضحت العسري أنها كانت مع باقي العمال، بالمقطورة الخلفية لسيارة البيكوب، ولا تعلم شيئا عن الحديث، الذي دار بين السائق والعاملة، غير أنها علمت بعد الحادثة أن العاملة هي التي كانت تتولى عملية السياقة، وأن العامل هو الذي سمح لها بذلك. وعلمت "المغربية" أنه إلى حدود الجمعة الماضي، أن جميع الحالات التي تلقت الإسعافات والعلاج غادرت المستشفى، فيما ظلت حالة واحدة تعاني كسورا بالعمود الفقري تحت العناية المركزة. وأفاد فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في رسالة موجهة إلى عامل إقليم اشتوكة أيت باها، توصلت "المغربية" بنسخة منها، أنه تابع حادثة سير، التي كان ضحيتها مجموعة من العمال والعاملات بالقطاع الفلاحي، يوم 19 شتنبر الجاري، بأحد الطرق الفرعية للطريق الرئيسي لسبت آيت ملك، أثناء عودتهم من العمل على متن سيارة من نوع بيكوب، والتي خلفت حالتي وفاة، والعديد من الجرحى. وتعود ظروف هذه الحوادث، حسب الرسالة، الرابعة التي يتعرض لها عمال وعاملات القطاع الفلاحي بالإقليم في ظرف أسبوع، فضلا عن الحوادث الأخرى، التي شهدها الإقليم السنة الجارية، ومن أخطرها الحادثة، التي أودت بحياة 14 عاملة بالمنطقة السقوية بأيت عميرة. وتعود هذه الحوادث، حسب المصدر نفسه، إلى ثلاثة عوامل أساسية، هي الظروف "المأساوية التي تعيشها الطبقة العاملة بالقطاع الزراعي من هضم لحقوقها، ودوس لكرامتها من طرف مستثميرين بالقطاع الفلاحي، همهم الوحيد هو الربح، وإن كان ذلك على حساب كرامة وعرق وأرواح المواطنين". كما علل المصدر وقوع حوادث من النوع نفسه إلى ما وصفه بغض الطرف عن الخروقات المسجلة في عمليات نقل العمال، بما فيها اهتراء وسائل النقل، وحشر عدد كبير من العمال والعاملات على متنها، وعدم توفر بعضها على التأمين. وتحدث المصدر نفسه عن استمرار "الإفلات من العقاب في ملف الخروقات، التي يعرفها تطبيق قانون الشغل". كما أشار إلى أنه غالبا ما يجري تحميل المسؤولية للسائقين، في حوادث السير التي يذهب ضحيتها العمال، دون أن يمس أي إجراء أرباب الضيعات، الذين حملهم المصدر ذاته "المسؤولية في توفير وسائل نقل تحفظ للعمال آدميتهم".