إذا كان الدخول السياسي يقترن في العادة بافتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر كل سنة مقر البرلمان بالرباط (خاص) فإن الدورة البرلمانية الاستثنائية، التي انطلقت بعد ظهر أمس الثلاثاء، تشكل دخولا مبكرا أملته ضرورة استكمال القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية المقررة في 25 نونبر المقبل. وافتتح مجلس النواب دورته الاستثنائية، أمس الثلاثاء، بالمصادقة على مشروع قانون يتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة، وضبطها بعد معالجتها بواسطة الحاسوب، ومشروع قانون يقضي بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات. ويهدف القانون الأول إلى تنظيم عملية تجديد اللوائح الانتخابية الحالية، من خلال فحصها وتسجيل الأشخاص المتوفرة فيهم الشروط القانونية وغير المسجلين فيها، وحصر اللوائح التي وقع تجديدها، وضبط اللوائح الانتخابية بعد معالجتها معلوماتيا. ويسند الإشراف على هذه العملية، في كل جماعة أو مقاطعة، إلى لجنة إدارية يرأسها قاض يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وتتألف من ممثل عن مجلس الجماعة أو المقاطعة يعينه المجلس المعني والسلطة الإدارية المحلية أو من يمثلها. أما القانون الثاني فيروم وضع إطار قانوني ينظم ممارسة مهام الملاحظة الانتخابية التي تعرف فراغا تشريعيا، لا سيما أن مدونة الانتخابات لا تنظم إلا عملية مراقبة الانتخابات التي تجري من طرف ممثلي الهيئات السياسية. ومن المنتظر أن يصادق مجلس النواب، خلال هذه الدورة، على مجموعة من مشاريع القوانين المنظمة للانتخابات، خاصة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، طبقا للفصول 60 و 62 و176 من الدستور الجديد . ويتميز هذا المشروع، على الخصوص، بتخصيص 90 مقعدا للدائرة الانتخابية الوطنية، قصد ضمان تمثيلية ملائمة للنساء (60 مقعدا)، والشباب أقل من أربعين سنة (30 مقعدا)، وتحديد نسبة العتبة المقررة للانتخاب على صعيد الدائرة الانتخابية الوطنية في 3 في المائة. كما تتضمن أجندة هذه الدورة مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالأحزاب السياسية، كما هو منصوص عليه في الفصل 7 من الدستور، الذي كرس مكانة الأحزاب السياسية كمؤسسة دستورية، من خلال تنصيصه على مجموعة من المبادئ المرجعية المؤطرة للحياة السياسية والحزبية، خاصة ما يتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية وممارسة أنشطتها وتنظيمها وتسييرها وفق مبادئ وقواعد ديمقراطية، ومعايير تخويلها الدعم المادي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها. ومن المنتظر أن تحسم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب في عدد من النقط، التي أثارت جدلا سياسيا بين مختلف مكونات المشهد السياسي الوطني، مثل مسألة العتبة، التي رأت فيها الأحزاب الصغرى إقصاء لها، واللائحة الوطنية، التي طالبت الحركات النسائية بأن تقتصر على المرشحات من النساء فقط، بالإضافة إلى تمثيلية الأطر والشباب. وفضلا عن مشاريع القوانين المؤطرة للانتخابات المقبلة، سيناقش مجلس النواب مجموعة من مشاريع ومقترحات القوانين المهمة ذات الطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على رأسها مقترح قانون يقضي بتعديل بعض فصول قانون الصحافة والنشر والتعديلات المدخلة عليه بمقتضى القانون رقم 77.00، ومقترح قانون يتعلق بإنجاز ونشر استطلاعات الرأي الخاصة بالاستفتاءات والانتخابات في المغرب، ومقترح قانون يتعلق باستطلاعات الرأى التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات. كما ستشرع لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب في دراسة مشروع قانون رقم 38.10 يتعلق بالهيئات بين المهنية للفلاحة والصيد البحري (كما وافق عليه مجلس المستشارين)، ومشروع قانون يتعلق بالتجميع الفلاحي (كما وافق عليه مجلس المستشارين). وتنعقد هذه الدورة البرلمانية الاستثنائية في وقت ترتفع درجة النقاش السياسي بعد المصادقة على الدستور الجديد، الذي فتح أوراشا سياسية كبرى من شأنها تعزيز المسار الديمقراطي الذي تشهده المملكة. كما أن هذه الدورة تتزامن مع استمرار الحراك الاجتماعي المطالب بمحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.(و م ع)