أثارت مشاهد الفوضى والصدامات، خلال هجوم بعض المصريين على السفارة الإسرائيلية في القاهرة، الكثير من الانتقادات لطريقة تعامل الحكم مع هذه الأحداث، وأيضا المخاوف من أن تؤثر القضايا الأمنية على عملية الانتقال السياسي في مصر. قوات الأمن المصرية في حالة تأهب بينما أحد عناصرها أصابه العياء (أ ف ب) ونددت العديد من الحركات السياسية والمعلقون بسلبية قوات الأمن، معتبرين أنها سمحت بتطور الأحداث إلى اشتباكات عنيفة أوقعت رسميا ثلاثة قتلى وأكثر من ألف جريح. واعتبر ائتلاف شباب الثورة في بيان أن حوادث السفارة تثير العديد من التساؤلات. وندد الائتلاف خاصة باختفاء قوات الجيش والشرطة، عندما بدا المتظاهرون في تسلق مبنى السفارة، قبل ظهورهم من جديد بعد ثلاث ساعات. كما اعتبر الصحافي الليبرالي، وائل قنديل، في صحيفة الشروق المستقلة، أن هذه الاضطرابات هي نتاج "سيناريو كان وضع مسبقا لكي لا يمر اليوم على خير، وتظهر الثورة على أنها عمل شيطاني تخريبي والثوار على أنهم مجموعة من الأبالسة والبلطجية". من جانبها، حذرت جماعة الإخوان المسلمين، وهي أكثر القوى السياسية تنظيما في مصر، الجيش من محاولة "توظيف" الاشتباكات، التي جرت أمام السفارة الإسرائيلية بهدف "تضييق الحريات". وأكد حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان في بيان "رفض أي محاولة لتوظيف واستغلال الأحداث لفرض أحكام عرفية أو تضييق هامش الحريات أو تعطيل استحقاقات المرحلة الانتقالية". ودعا الحزب إلى "الاستجابة لمطالب الثورة العاجلة (..) محل التوافق الوطني وعلى رأسها وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتطهير كافة مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق، خاصة القضاء والإعلام والجامعات، ومنع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة الحياة السياسية والبرلمانية لمدة 5 سنوات على الأقل، واستعادة الأمن والأمان في الشارع المصري، وتعديل قانوني الانتخابات والدوائر لمجلسي الشعب والشورى". كما طالبت جماعة الإخوان بتسريع نقل السلطة إلى حكم مدني. وقالت في بيان "في الوقت الذي يستعجل الشعب المصري نتائج ثورته (..) يجد تباطؤا غير مقبول ولا مبرر من الحكومة والمجلس العسكري في الاستجابة لمطالبه الجوهرية والحيوية، الأمر الذي اضطره للنزول للميادين في تظاهرات حاشدة لرفع المطالب والضغط في سبيل تحقيقها". من جانبها، أكدت السلطات المصرية "التزامها الكامل بتأمين" البعثات الدبلوماسية على أراضيها وقررت في هذا الإطار تطبيق بنود قانون الطوارئ. وهذا القانون الساري العمل به، منذ ثلاثين عاما لحفظ الأمن، الذي تنتقده بشدة القوى المطالبة بالديمقراطية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، يتيح اللجوء إلى المحاكم الاستثنائية ويفرض الكثير من القيود على الحريات العامة باسم حماية الأمن القومي. وقال وزير الإعلام، أسامة هيكل، إن "هذه الظروف الاستثنائية تتطلب إجراءات قضائية حاسمة". ويرى مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن "هذه الأحداث تشكك في قدرة السلطات على المحافظة على الأمن وعلى ضمان إجراء الانتخابات التشريعية في الموعد المقرر في أكتوبر المقبل". وقال لفرانس برس إنها تأتي في الوقت "الذي يثير بطء الإصلاحات شعورا بالإحباط لدى القوى السياسية". إلا أنه اعترف بأن الكثير من المصريين يمكن أن يشعروا بالرضى عن تشديد الإجراءات الأمنية بعد سبعة أشهر من قيام الثورة، شهدت ارتفاعا في معدل الإجرام وإعمال البلطجة والانفلات الأمني والعديد من التظاهرات، التي اتسم بعضها بالعنف.