رغم عمرها القصير، الذي لم يدم سوى أربع سنوات، لعبت مجموعة ''أوسمان''، التي ظهرت في بداية السبعينيات من القرن الماضي، دورا مهما في تطوير الأغنية المغربية عموما، الأمازيغية خصوصا، من خلال استخدامها العديد من الآلات الحديثة، مثل (القيثارة والكمان، والأكورديون)، واستعمالها المقامات الموسيقية الحديثة، التي أوصلت المجموعة إلى مسرح "الأولمبيا "الشهير بباريس، حيث تألق أعضاؤها، وشقوا طريقهم في عالم الفن، وبفضل جهودهم استطاعت المجموعة أن تكون أول مجموعة تغني بالأمازيغية على أمواج الإذاعة الوطنية، وعلى شاشة التلفزيون، ما مهد الطريق للعديد من الفرق الموسيقية، لكي تسلك الطريق المعبد من طرف أوسمان. عن مسار المجموعة، وعن إنجازاتها، وعن ظروف ظهورها واختفائها في ظروف غامضة، صدر، أخيرا، كتاب جديد لطارق المعروفي، وهو أحد أعضاء المجموعة الموسيقية العصرية الأمازيغية "أوسمان"، بعنوان "مجموعة أوسمان الأمازيغية". يسترجع المعروفي في كتابه الصادر عن منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ظروف نشأته وحياته الفنية قبل ظهور المجموعة، كما يتحدث عن مرحلة مهمة من تاريخ نشأة مجموعة أوسمان الموسيقية، التي اهتمت بالأغنية الأمازيغية بشكل عصري في فترة السبعينيات من القرن الماضي. يقول المعروفي في مقدمة كتابه "بصفتي أحد المؤسسين لهذه المجموعة، فإنني استرجع في هذا المؤلف مراحل تأسيس الفرقة، وظروف الاحتكاك بالنشطاء في الحركة الثقافية الأمازيغية، والجولات الناجحة للمجموعة سواء داخل المغرب وخارجه، مما أكسبها شهرة إعلامية وجماهيرية في ظرف وجيز، كما تطرقت إلى أسباب نهاية العمر الفني للمجموعة، التي لم يكتب لها البقاء طويلا على الساحة الفنية، لكن الأربع سنوات من حياتها، كانت كافية لنقش اسم أوسمان في ذاكرة المغاربة". يهدف هذا الكتاب، الذي يشكل استثناء على مستوى كل المؤلفات الصادرة عن مجموعة أوسمان، باعتبار مؤلفه واحدا من الأفراد الستة، الذين أسسوا المجموعة، إلى توثيق هذه التجربة الفنية وتعريف المتتبعين بإسهامات الأفراد المنتمين إليها، خاصة أن الأمر يتعلق بمجموعة اشتهرت بأغانيها الملتزمة، التي استطاعت أن تجمع بين الكلمات الشعرية الهادفة، والمقامات الأمازيغية الأصيلة، التي امتزجت بموسيقى أكاديمية حديثة، أبدعها أعضاء المجموعة، عموري مبارك، وبلعيد العكاف، وطارق المعروفي، سعيد بوتروفين، سعيد بيجعاض، اليزيد قرفي، الذين كانوا من خيرة طلبة المعهد الموسيقي بالرباط. يسلط المعروفي في هذا الكتاب الضوء على ظروف نشأة المجموعة، التي اهتمت بتطوير الأغنية الأمازيغية وتجديدها بشكل عصري انطلاقا من بداية السبعينيات من القرن الماضي، كما يتناول ظروف الاحتكاك بالنشطاء في الحركة الثقافية الأمازيغية، خاصة أعضاء الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، مثل إبراهيم أخياط والصافي مومن علي ومحمد مستاوي وعمر أمرير والراحلين علي صدقي أزايكو والجشتيمي، الذين مدوا أعضاء المجموعة بعدد من قصائدهم الشعرية، لتلحينها ثم غنائها مع تناول الجولات الفنية الناجحة للمجموعة داخل المغرب وخارجه، حيث تمكنت من الغناء بالأمازيغية بقاعة الأولمبيا الشهيرة بباريس، إضافة إلى التطرق للدواعي التي أدت إلى اختفاء هذه المجموعة الموسيقية الرائدة، بعد أربع سنوات فقط من الاشتغال.