أعطى خسوف القمر، ليلة أول أمس الأربعاء، للموقع الأثري شالة بالرباط، مسحة رومانسية، جعلت الأعناق تتطلع إلى السماء لرؤية هذا المنظر الجميل والنادر للقمر. سفير الاتحاد الأوروبي والمديران الفنيان للمهرجان (كرتوش) كما أعطت موسيقى الجاز، التي وقعها الرباعي البريطاني "بورتيكو"، والرباعي الألماني "تالكين هورنس"، إلى جانب فرقة الطائفة العيساوية "الهدى"، دفقا فنيا، امتزجت فيه مختلف الآلات الموسيقية الأوروبية، التقليدية منها والحديثة، إلى جانب الآلات المغربية العريقة، ووقعت افتتاحا باهرا لمهرجان فني، هدفه إرساء حوار فني بين أوروبا والمغرب. قد يتساءل المرء ما الذي يجمع عيساوة بفنانين ألمان، يعزفون على آلات نحاسية مختلفة، لكن ما قدمه هؤلاء في افتتاح مهرجان الجاز بشالة أبهر العديدين، وكشف أن لغة الموسيقى هي السائدة، وأنها هي التي يمكن الاستعاضة عنها بدل الكلام، بدليل أن الألمانيين لا يجيدون سوى الألمانية أو الإنجليزية، والأمر نفسه عن المغاربة من فرقة عيساوة، ولم يمنع ذلك تعاونهم في مقاطع فنية بديعة، لا تدخل في الفولكلور، بل هي أعمال فنية، نابعة من اشتغال فني، كما أشار إلى ذلك دون بيير بيسو، المدير الفني للمهرجان بأوروبا. وعن هذا التمازج الفني، قال مجيد بقاس، المدير الفني للبرمجة المغربية بالمهرجان، إن "المهرجان سبق له أن أشرك عيساوة، سنة 1997، مع فنانين بلجيكيين، ونجحت تلك التجربة، وأعطت عملا فنيا بعنوان "شعور متبادل"، وزع في الرباط وبلجيكا"، مشيرا إلى أنه "بعد 15 سنة على تلك التجربة، فكرت في إشراك عيساوة من جديد، فوجدت أن الرباعي الألماني "تالكين هورنس"، الذي يوظف الآلات النحاسية بشكل كبير، هو الأقرب إليهم، فكانت هذه التجربة للمزج بين تلك الآلات والنفار والغيطة، التي يعتمد عليها عيساوة، إلى جانب الصوت الرائع للفنان الشاب الباديسي". وفي كلمته الافتتاحية لدورة مهرجان الجاز بشالة، اعتبر إينيكو لندابورو، سفير ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، أن "الحرية، والتسامح، والتبادل الثقافي والفني، تجد مدلولاتها في هذا المهرجان، الذي قدم السنة الماضية دورة غنية بجميع المقاييس، لن تحيد هذه الدورة عن مستواها السابق، لأن مديريها الفنيين، المغربي، والأوروبي، يجتهدان لإرضاء جمهور المهرجان، الذي أضحى، منذ تحوله إلى الموقع الأثري شالة سنة 2005، يستقطب الكثير من الشباب، ويسهر على الدفع بالفنانين المغاربة إلى الأمام، إلى جانب نظرائهم الأوروبيين". ويتضمن برنامج الدورة 16 من مهرجان الجاز بشالة، المنظمة من طرف مندوبية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، والسفارات والمعاهد الثقافية للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بشراكة مع وزارة الثقافة، وولاية الرباطسلا – زمور – زعير، وصندوق الإيداع والتدبير، خمس سهرات حافلة بموسيقى الجاز، تلتقي فيها الموسيقى الأوروبية والمغربية التقليدية، في حوار فني، تحييها عشر فرق، تتكون من 40فنانا، من 13 بلدا أوروبيا، اختيروا للمشاركة في هذا العرس السنوي لفن الجاز لموهبتهم، ولما يمثلونه من تنوع. ويشارك من المغرب 15موسيقيا من الجيل الجديد، بينهم نبيلة معن، وطارق هلال، وفريد ميارة، وفايز العموري، الذين يمثلون جيل الشباب المبدع، فضلا عن مشاركة رمز الموسيقى الكناوية، محمود غينيا ونجليه، خلال حفل اختتام المهرجان، يوم 19 يونيو الجاري.