بعد عروضها الأولى خلال شهر فبراير الماضي، تقدم فرقة "ماكومبا" بتعاون مع فرقة "دابا مسرح"، والمعهد الفرنسي بالرباط، يوم الجمعة 3 يونيو المقبل، بفيلا الفنون بالرباط، عرضا جديدا لمسرحية "بضاض"، التي تعني الحب بالأمازيغية لقطة من المسرحية (خاص) من إخراج عبدو جلال، والمقتبسة عن نص للمسرحي الفرنسي جون كوكتو، كتبه سنة 1940 بعنوان "اللامبالاة الجميلة"، أهداه للفنانة الفرنسية، إيديت بياف، وهو نص يغوص في أعماق قصة عاطفية عاصفة، عاشتها المغنية الفرنسية الشهيرة. المسرحية تقدم تأملا ساخرا في العلاقة بين الرجل والمرأة، وتكشف عن الكثير من التعقيدات في هذه العلاقة، إذ يسلط المخرج عبدو جلال الضوء على الخلافات شبه الأبدية بين الرجل والمرأة، واللامبالاة داخل عالم الزوجية، من خلال زوجين، مع التركيز على الخصوصيات الثقافية، التي يتميز بها المجتمع المغربي. ترصد مسرحية "بضاض" تقابلات بين "امرأة في أمس الحاجة إلى الاهتمام وبين رجل غير مبال"، وتطرح تساؤلات مؤثرة وقاسية حول الوجود بصفة عامة، وحول حياة الأزواج بصفة خاصة. ويدعو هذا النص الرجال والنساء معا، إلى اتخاذ موقف من العلاقة الإنسانية الطبيعية، التي تجمعهم، وفي مقدمتها موضوعا الشرف والحب. وتدور أحداث القصة حول امرأة تعبر عن معاناتها النفسية، وتحاول خلق فضاء يسع حبها الكبير، لأنها تعاني لامبالاة الرجل، وتحاول لفت الانتباه بأي طريقة، سواء بالغضب، أو الثقة، أو التهديد، أو السخرية. "بضاض" مسرحية بلا أبطال، لأن جميع الشخصيات، إضافة إلى الجمهور، هم أبطالها الحقيقيون، كما أنها مسرحية شعبية، سعى من خلالها مخرجها ومقتبسها، عبدو جلال، إلى تقديم مسرح بسيط وليس سطحيا، قريب من المجتمع والناس، أو بالأحرى تجربة مسرحية جديدة تغني ريبرتوار المسرح المغربي، مسرحية يتقاسم المشتغلون فيها مختلف التساؤلات الدائمة حول علاقة المرأة بالرجل، مع الجمهور المغربي، من خلال تقديم صورة معبرة عن زوجة تعاني إهمال ولا مبالاة الزوج، وهي المسرحية التي توجت بالجائزة الكبرى، وجائزة أحسن تشخيص إناث لسلمى الكرومي، في الدورة التاسعة للمسرحية القصيرة والفيلم القصير المنظمة، أخيرا، بأكادير. وعلى مستوى الإخراج، اعتمد عبدو جلال، كما جاء في ورقة عن المسرحية، على أداء الفنانين المشاركين في هذا العمل، وتعبيراتهم الجسدية، وركز على عكس الأحاسيس الداخلية والحميمية للشخوص التي يلعبون أدوارها. وتشكل الإضاءة والصورة جزء ا مهما اعتمد عليه هذا المخرج للتعبير عن تطور المشاهد والأجواء الخاصة بكل مشهد وكل حالة يؤديها فنانون محترفون بمنحهم مساحة حقيقية للتفاعل بحرية. كما أن عناصر أخرى، لا تقل أهمية عن الإضاءة والصورة، تدخل لتعلب دورا في النص، منها الموسيقى والأداء، اللذان ساهما في جعل مسرحية "بضاض" أكثر من مسرحية عادية وبسيطة، لأنها تسعى إلى الارتقاء بأحاسيس الإنسان وتغيير العالم، كما يعبر عن ذلك المستهل الشعري، الموشوم في ملصق المسرحية: "للعالم رجال تصنعه عالم للكل ... ململم بأشيائنا الصغيرة خردة ... مغارة ... سوق الكلب رطل من الحب متر من الحقد طن من الحرب مد من السلم آر من الإيمان والشك وماراطون من لاشيء لا نعلم ... نبكي نكفكف دموعنا برفق أيادي العذارى نجمع ما تبقى من الخردة ... الأحاسيس وفي مساء كل يوم ممطر نصنع رجالا علهم يصنعون العالم".