تعرض سكان المخيمات في تندوف، جنوبالجزائر، خلال الأيام الأخيرة، لحملة شرسة قادتها ميليشيات بوليساريو، ردا على المظاهرات السلمية، التي نظمها الشباب الصحراوي للاحتجاج على أوضاعه المأساوية، أسوة بباقي الشباب العربي، الذي خرج، منذ مطلع العام الجاري، للمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. منظر عام للمخيمات التي أقامتها الجزائر لاحتجاز الصحراويين في تندوف منذ 1975 (أرشيف) وطالبت منظمات المجتمع المدني الصحراوية، سواء منها الناشطة في أوروبا، أو من داخل المغرب، المجتمع الدولي بفرض حماية لفائدة سكان المخيمات، وقالت إن جبهة البوليساريو اختارت أسلوب العنف لمواجهة المحتجين، مؤكدة في تصريحات استقتها "المغربية" أن الشباب الصحراوي قرر القطع مع جبهة البوليساريو وصمم على الخروج من تحت خيمتها، التي بدأت تجتث أوتادها، وأكدت الجمعيات الصحراوية (رابطة الصحراويين المغاربة بفرنسا وأوروبا، و"جمعية القبائل الصحراوية المغربية بأوروبا"، و"منتدى مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف" فورساتين) ما تطرقت إليه وسائل الإعلام الدولية والعربية في الآونة الأخيرة، بشأن مشاركة أفراد من ميليشيات البوليساريو إلى جانب كتائب القذافي في القتال الدائر، حاليا في ليبيا. وأكد الناشطون الصحراويون أن ما زاد في إثارة غضب سكان المخيمات بصفة عامة، والشباب الصحراوي بصفة خاصة، هو عندما بلغ إلى علمهم، عبر وسائل الإعلام الأجنبية، أن جبهة البوليساريو أرسلت مئات العناصر من ميليشياتها للقتال إلى جانب كتائب القذافي، ما جعلهم يشعرون بأن الدم الصحراوي رخيص ويمكن المتاجرة به في ساحات الحروب الأهلية والعرقية. من جهة أخرى اعتبر الشباب الصحراوي تصريحات ممثل البوليساريو بالأممالمتحدة، أحمد بخاري، الذي قال إن "جبهة البوليساريو ترفض في الوقت الحاضر إجراء الإحصاء لسكان المخيمات في تندوف، تصريحا يمس بأهم حق من حقوق المقيمين في المخيمات، والمتمثل أساسا في إحصاء عددهم وتثبيت هويتهم والتأكد من احتياجاتهم". ويعتبر رفض الجبهة السماح لمنظمة الأممالمتحدة بإجراء إحصاء لسكان المخيمات، رفضا غير مبرر، فيما تربطه بوليساريو بقرار سيادي للجزائر، التي توجد المخيمات فوق أراضيها، وهو ما يعتبر برأي المحللين التفافا من قبل السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو على حقوق سكان المخيمات، والسعي للزج بالإنسان الصحراوي في متاهات ضد مصلحته ومصيره الطبيعي. وكان خطري أدوه، عضو الأمانة الوطنية لجبهة بوليساريو، رد مطلع هذا الأسبوع على احتجاجات الشباب الصحراوي، الداعي إلى إنهاء معاناته بالقول إن "كل الخيارات تبقى مطروحة، بما في ذلك العودة إلى العمل المسلح"، وهي دعوة صريحة للعنف والتعصب تأتي أياما قليلة، قبل بدء المفاوضات غير رسمية بين المغرب وجبهة بوليساريو في السادس من يونيو المقبل بمنهاست. ويرى المراقبون أن سياسة التصعيد، التي لجأت إليها جبهة بوليساريو مثل فرقعات في الهواء، بعد الشعور باليأس والإحباط، ففي الوقت الذي يحصد المغرب مزيدا من الدعم الدولي والأممي بشأن مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به لإنهاء مشكل الصحراء، وبموازاة مع التأييد الدولي الواسع، كذلك، لمخطط الإصلاحات السياسية والدستورية، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، في تاسع مارس الماضي، تواجه جبهة البوليساريو ومعها النظام الجزائري انتقادات حادة بسبب جمود موقفهما في المفاوضات، التي تشرف عليها الأممالمتحدة، (المباشرة وغير المباشرة). كما وجهت للبوليساريو تهم بالانخراط في شبكات تهريب المخدرات والأسلحة والبشر، والتنسيق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهي تهم ثبتت من خلال تقارير أجهزة الاستخبارات في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا، إضافة إلى دراسات أنجزتها مراكز للبحث والتقصي في عدد من العواصم الأوروبية، خاصة في لندن وبروكسيل وواشنطن.