تنظم الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي الدورة الأولى لمهرجان ماطا، بين 13 و 15 ماي الجاري، بقرية زنيد جماعة أربعاء عياشة العرائش، بولاية طنجة تطوان، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، والرئاسة الفعلية للأميرة للاآمنة. وقال المنظمون، في ندوة صحفية نظمت أخيرا، بالرباط، إن هذه التظاهر، التي تمتد على مدى ثلاثة أيام، ترسخ تقليدا قديما من تراث المنطقة الشمالية، تربط جسرا واصلا بين حاضر فاعل، ومستقبل قيد التكوين، مشيرين إلى أن لعبة "ماطا" تظاهرة توارثها أبناء منطقة بني عروس أبا عن جد، وظلوا متشبثين بها منذ عصور. وأوضحت نبيلة بركة، رئيسة الجمعية أن تظاهرة "ماطا" أسس لها الولي الصالح مولاي عبد السلام، الذي لم يشأ لها أن تكون فضاء للتسلية، واللهو فحسب، بل، امتدادا مجتمعيا للمدرسة الصوفية المشيشية الشاذلية في حث الناس على التحلي بشجاعة الفرسان. وأبرزت بركة، أن الجمعية، التي تحظى بالرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للاآمنة، رئيسة الجامعة الملكية المغربية للفروسية، تهدف بالأساس، إلى تنظيم هذه التظاهرة، والتعريف بالموروث الحضاري والثقافي لقبيلة بني عروس، والمؤهلات الطبيعية والاقتصادية التي تتميز بها. وفي السياق ذاته، أوضح عمر الخطيب، نائب رئيسة الجامعة الملكية المغربية للفروسية، أن الجامعة ستعمل على وضع قوانين وقواعد لممارسة اللعبة، لتصبح لعبة وطنية تمارس بمختلف جهات المملكة وفق ضوابط محددة، مشيرا إلى أنه جرى تقييد أزيد من 170 فارسا في لوائح الجامعة، وتمكينهم من التأمين ضد الحوادث المرتبطة باللعبة في أفق إحداث منتخب وطني. من جهة أخرى، أكد المشرفون على المهرجان، أن جمهور هذه التظاهرة، التي تعتبر لعبة "ماطا" جوهرها الأساسي، سيكون على موعد مع مجموعة من الأنشطة الفنية والثقافية، إلى جانب تنظيم عروض لمنتوجات الصناعة التقليدية، التي تشتهر بها المنطقة، فضلا عن إحياء سهرات ينشطها فنانون من المنطقة، ومن باقي المناطق المغربية. وفي هذا الإطار، أعد المشرفون على الدورة الأولى، من مهرجان "ماطا" برنامجا غنيا وهادفا، إذ ستفتتح الأميرة للاآمنة، يوم الجمعة 13 ماي الجاري فعاليات المهرجان، وتليه عروض للصناعة التقليدية، وفي المساء إحياء حفلات موسيقية تنشطها كل من مجموعة "جقجوقة" بقيادة البشير العطار، ومجموعة "الطقطوقة" بقيادة محمد لعروسي، ومجموعة الحاجة رحوم، ومجموعة كناوة الشمال، ومجموعة الحسني، في حين سيعرف يوم السبت برنامجا مكثفا، ينطلق بعروض للمنتوجات الفلاحية والصناعية، إلى جانب ورشة لتكوين الجمعيات، وفي المساء حفلات فنية من تنشيط سعيدة شرف، وفؤاد زبادي، وجلال شقارة، والتهامي الحراق، ومحسن زكاف، ومجموعة الأندلسي بقيادة نبيل أقبيب. وفي الختام، سيشهد اليوم الأخير، من المهرجان توزيع الجوائز على الفرسان الفائزين، في حفل سينشطه الكوميديان جمال، ونورالدين. وترتكز، مسابقة "ماطا"، التي تشبه إلى حد ما لعبة "البوسكاشي" التي تمارس بأفغانستان، على مسابقة يتنازع فيها فرسان قبيلة بني عروس، وبني جرفت، وسوق الطلبة، على دمية صنعت من القصب، وزينت بلباس من صنع قرويات المنطقة، تحيل على رموز الخصب والعطاء، ويحيل هؤلاء الفرسان بجيادهم المدربة على السباق، على العلاقة بين الإنسان والطبيعة من جهة، وبين العلاقة الحميمة بين الإنسان والحصان. لعبة يتوخى منظمو المهرجان منها ربط الحاضر بالماضي، إذ الأجداد كانوا يمارسونها زمن الخصب، وفي أوقات ينتهون من أشغال الحصاد، وهي لعبة لها أكثر من دلالة، حسب بلاغ توصلت "المغربية" بنسخة منه. ويضيف البلاغ أن منطقة بني عروس، التي يتشبع جل أفرادها وسكان المناطق والقرى المجاورة بالفكر الطاهر للقطب الصوفي مولاي عبد السلام بن مشيش، أسست هذا المهرجان، الذي يزاوج بين الروحي والفرجوي، لبث قيم السلام، والتسامح، والحب، والحوار بين الشعوب والثقافات والديانات. ثلاثة أيام يصاحب فيها الفارس حصانه، ليقدمان لوحات رائعة، تنتصر لقيم الحب، الدال على أمل العيش وفرحة الحياة، فلعبة ماطا لعبة ذهنية وبدنية، أيضا، حيث يتنافس شباب القبائل في تقديم الفرجة من جهة، وامتحان قدراتهم الفنية والسلوكية على امتطاء صهوات الجياد، من جهة ثانية. و"ماطا" أيضا تدريب على الفر والكر في زمن الحروب، تماما كما في زمن السلم، وستظل قبائل بني عروس محتفظة بهذا التقليد، الذي يعد لعبة شعبية تتوارثها الأجيال، وجزءا مهما من تراث جبالة، الذي يدعو إلى تكريم الطبيعة والحفاظ عليها.