أثبتت أحدث الدراسات العلمية أن "التوتر والقلق" لدى الأطفال يؤديان إلى ردود فعل عنيفة تصاحبها، غالبا، تغييرات هرمونية وعصبية، لها أسوأ تأثير على خلايا المخ، قد تدمر مراكز الذاكرة والتعليم في الأطفال كما أنها قد تؤدي إلى تأخر نموهم الجسدي، كقصر القامة أو تأخر البلوغ، وكذلك تؤثر سلبيا على نموهم النفسي، وتثبيط الجهاز المناعي، ما يتبعه سهولة تعرض الأطفال للأمراض الحادة والمزمنة، مثل الحساسية الجلدية والصدرية. ويوجد ثلاثة أنواع من التوتر لدى الأطفال، هي: - التوتر الإيجابي، وتكون فيه شدة التوتر منخفضة، ومدته قصيرة، يحظى الأطفال فيه بالرعاية الاجتماعية السليمة، فيستفيد الطفل منه ويتعلم كيف يواجه التوترات وتزيد قدرته على الإبداع وثقته بنفسه. - التوتر المحتمل، ويتميز بشدته وطول مدته، لكنه يساعد على التخلص منه التأثير الجيد للرعاية الاجتماعية للطفل، بشكل لا يؤدي إلى مشاكل صحية له. - التوترات السلبية، وتكون شديدة وطويلة المدة ومتكررة، وتأتي في غياب دور الآباء، ومقدمي الرعاية والدعم للطفل، ما يضر، بشكل كبير، خلايا المخ، وحالة الطفل الصحية والسلوكية. ومن الأسباب المؤدية للتوتر عند الأطفال، الانتقال من المدرسة، وفقدان الطفل لشيء قيم بالنسبة له، ومشاكل الوالدين، كالطلاق والعنف الأسري، أو الصراعات الزوجية، والفقر، وعدم كفاية الموارد الأساسية، ووفاة أحد الوالدين أو الأحباب، وشدة التعب، وعدم الحصول على قدر كاف من النوم أو الترفيه. وهناك ما يسمى متلازمة التوتر، التي تعقب الصدمات، وفيها يعاني الطفل توترا داخليا عنيفا متكررا، وممتدا على المدى الطويل، وهو غالبا يعقب إيذاء بدنيا أو نفسيا شديدا للطفل، أو أحداثا مأساوية عاشها. ولقياس مدى انتشار القلق والتوتر والعوامل الخطيرة المصاحبة للأطفال، قام عدد من اختصاصيي صحة الطفل، بإجراء دراسات على تلاميذ وتلميذات بالمرحلة الابتدائية، أعمارهم من 8 إلى11 عاما، وجرى خلالها جمع استبيان عن أعراض القلق للأطفال، بالإضافة إلى تقدير الحالة الاجتماعية لكل طفل، كما أجري فحص طبي لكل طفل، وتقدير الحالة الغذائية. وأظهرت الدراسات أن 23.5 في المائة من الأولاد، مقابل 18.5في المائة من البنات، يعانون أعراض اكتئاب، بينما وجدوا أن 54 في المائة من الأولاد، و52 في المائة من البنات، يعانون أعراض القلق. كما وجدت علاقة إحصائية ذات أهمية بين أعراض الاكتئاب والتحصيل الدراسي عند الجنسين. وبالنسبة لأعراض القلق، فإن نسبته أعلى عند الأطفال المتأخرين دراسيا، مع وجود اختلاف إحصائي ذي أهمية بين الجنسين. وبدراسة علاقة الحالة الاجتماعية بالاكتئاب، وجدوا أن تعليم الوالدين، وترتيب الطفل بين إخوته، وعدد أفراد الأسرة، له أهمية كبيرة،. أما بالنسبة للقلق فوجدوا أن تعليم الأم هو العامل الأساسي، الذي يؤثر على مستوى القلق لدى البنات، كما وجدوا أن أكثر العوامل تأثيرا على القلق، هي ضعف التحصيل الدراسي. ويؤدي التوتر إلى بعض المشاكل الصحية، التي يحذر منها الاختصاصيون، مثل الربو الشعبي والأكزيما الجلدية، أو ظهور البثور على البشرة، كما تظهر بعض الظواهر المرتبطة بتغيرات الدورة الدموية، مثل الصداع، وارتفاع ضغط الدم، أو انخفاضه عن الطبيعي، كما قد تظهر بعض الأعراض المعوية، مثل عسر الهضم والإسهال أو الإمساك، بجانب ظهور أعراض نفسية، مثل نوبات الهلع والهذيان،