قال شكيب بنموسى، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أول أمس الاثنين، بالرباط، إن المجلس مدعو إلى بلورة ميثاق اجتماعي جديد ينبني على تعاقدات كبرى. وأضاف بنموسى، في الاجتماع الأول للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بكل أعضائه، أن المجلس مطالب، أيضا، باقتراح "أحسن السبل لتثمين الموارد البشرية الوطنية الكفيلة بالاستجابة لمتطلبات الاستراتيجيات القطاعية، والأوراش الهيكلية، بهدف توفير أكبر عدد ممكن من فرص الشغل لفئات عريضة من الشباب المغربي، وضمان العيش الكريم للطبقات المعوزة من مواطنينا". واعتبر بنموسى أن إنجاز هذه المهام "يتطلب تحديد خريطة طريق مضبوطة ومنهجية ناجعة، ما يستدعي تحديد أهداف مرحلية واضحة ودقيقة، وفق مقاربة تتوخى التحكم في عامل الوقت، وتأخذ في الاعتبار ما هو ضروري القيام به على المدى القريب، وما هو ممكن إنجازه على المدى المتوسط، وما هو مرغوب في تحقيقه على المدى البعيد". وأبرز بنموسى أن المرحلة المقبلة تعد أساسية، مشيرا إلى أنه سيجري الانكباب، منذ الاجتماع الأول للمجلس، على إعطاء مضمون عملي لما سيكون عليه صلب المجلس من حيث طريقة اشتغاله، وقانونه الداخلي، ومضمون لجنه الدائمة، وتصوره لما يجب أن يكون عليه الميثاق الاجتماعي الجديد، وكيفيات بلورته. كما سينكب المجلس، حسب بنموسى، على دراسة نوعية السياسات العمومية المستقبلية في مجال ملاءمة التكوين مع حاجيات الاقتصاد الوطني، فضلا عن تحديد المقاربات، التي يجب على المجلس اعتمادها لممارسة مهامه المنصوص عليها في القانون المنظم له. ودعا بنموسى إلى إيجاد التوازن الملائم بين مختلف هذه المهام "حتى نجعل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي هيئة ذات قيمة مضافة لمؤسساتنا الدستورية الأخرى". ولترجمة هذه القيمة المضافة إلى واقع مؤسساتي، أكد بنموسى أن المجلس مدعو إلى استثمار هذه العناصر لمستويات عدة، لكون المجلس مؤسسة دستورية مستقلة عن الجهاز التنفيذي والتشريعي، ومشكلة من ثلة من الخبراء. كما ينبغي استثمار كون تركيبة المجلس تترجم التعددية والتنوع، اللذين يميزان المجتمع المغربي، وأنه هيئة لإدماج كافة مكونات المجتمع، خاصة الشرائح العريضة من الشباب، عبر الإنصات لآرائهم، ولهمومهم ولتطلعاتهم. واعتبر بنموسى أنه ينبغي الأخذ في الاعتبار، أيضا، أن مقاربة المجلس للقضايا الكبرى للأمة تمكن أعضاءه من اعتماد الجرأة والإبداع في إيجاد الحلول الناجعة لهذه القضايا، بالاستناد إلى رؤية مندمجة وأفقية، لصيقة بالواقع الميداني. وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنه، لضمان ديمومة قيمه المضافة، فإن المجلس مدعو إلى أن ينجز عمليات تقييمية دائمة لعمله وأنشطته، بهدف قياس مدى فعاليتها ونجاعتها، واستجابتها لدفتر التحملات المنوط به بفعل القانون. وذكر بنموسى أن الهدف من الاستخلاص الدوري للعبر يكمن في تحسين أداء المجلس ومردوديته، وفق ما هو منتظر منه من طرف جلالة الملك، ومن طرف كافة مكونات الأمة المغربية، وقواها الحية. من جهته، قدم إدريس الكراوي، الأمين العام للمجلس، عرضا حول تركيبة المجلس، وصلاحياته، وتنظيمه، وطريقة تسييره. ويضطلع المجلس بمهام استشارية لدى الحكومة، ومجلس النواب، ومجلس المستشارين، ولهذا الهدف، يعهد إليه بالإدلاء برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني، والتكوين، وتحليل الظرفية، وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية، وانعكاساتها. كما يضطلع المجلس بتقديم اقتراحات في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي، وإنجاز الدراسات والأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته. وناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في جلسة مغلقة، طريقة اشتغاله، وكذا إحداث فريق عمل لإعداد القانون الداخلي للمجلس، إضافة إلى قضايا أخرى. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ترأس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، يوم الاثنين الماضي، بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، مراسم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وعين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بهذه المناسبة، شكيب بنموسى، رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وإدريس الكراوي، أمينا عاما للمجلس. وبهذه المناسبة، ألقى جلالة الملك خطابا ساميا، أكد فيه أن تنصيب هذا المجلس سيعطي دفعة قوية للدينامية الإصلاحية، التي أطلقها جلالته. وقال جلالة الملك "إننا بتنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي نعطي دفعة قوية للدينامية الإصلاحية، التي أطلقناها، منذ تولينا أمانة قيادة شعبنا الوفي، في تلازم بين الديمقراطية الحقة والتنمية البشرية والمستدامة". ودعا صاحب الجلالة، بالمناسبة، المجلس إلى "إيلاء العناية القصوى لبلورة ميثاق اجتماعي جديد، قائم على تعاقدات كبرى"، مؤكدا ضرورة أن تكون هذه التعاقدات "كفيلة بتوفير المناخ السليم، لكسب رهان تحديث الاقتصاد، والرفع من تنافسيته، وتحفيز الاستثمار المنتج، والانخراط الجماعي في مجهود التنمية، وتسريع وتيرتها، بغية تحقيق التوزيع العادل لثمارها، في نطاق الإنصاف الاجتماعي، والتضامن الوطني".