تعرض الأختان الفنانتان هبة (10 سنوات) وغيثة (15 سنة) الخمليشي، ابتداء من 27 يناير الجاري برواق "فنيس كادر" بالدارالبيضاء، أعرق قاعة للعروض التشكيلية بالمغرب، مجموعة من لوحاتهما التشكيلية والتي كانت مثار نقاش منذ السنة الماضية في الأوساط الفنية المغربية، التي استغربت لموهبتهما الفذة، التي لا يمكن أن تؤتى لأطفال في مثل سنهما، ولغزارة إنتاجهما، الذي فاق ألف لوحة في ظرف سنتين، حسب تصريح لوالدهما ومدير أعمالهما، عبد الرفيع الخمليشي ل "المغربية"، لدرجة جعلت مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية تنعتانهما ب "الأخوات ويليامز" في الرسم، والفنانين ب"ظاهرة القارة"، والنقاد ب "قسم الكبار". ويعد هذا المعرض الرابع عشر في ظرف سنتين، لهاتين الطفلتين الاستثنائيتين، اللتين رعى موهبتهما والدهما المهندس الخمليشي، منذ صغرهما، وسعى للتعريف بهما في مختلف المعارض الفنية الوطنية، وعقد لقاءات لهما مع مجموعة من الفنانين أمثال: مهدي قطبي، وفريد بلكاهية، ومحمد المليحي، وعبد اللطيف الزين، وعبد الله الحريري، والتيباري كنتور، ومحمد مرابطي، ومحمد بناني، و ماحي بنبين، وعبد الرحمان وردان، وآخرين. إذ منهم من ابتهج لهذه الموهبة الفذة وتنبأ لها بالمستقبل الواعد، ومنهم من تحفظ على رأيه في موهبتهما، واعتبر هذا الإنجاز يفوق سنهما، خاصة أن الطفل يحتاج إلى التمتع بطفولته أكثر من تحقيق الإنجازات الكبيرة، التي لم يحققها حتى الفنانون المتمرسون. فقبل المعرض المقبل في رواق "فنيس كادر"، الذي سيشهد تسجيل اسم الفنانة هبة الخمليشي في كتاب غينيس للأرقام القياسية، باعتبارها أصغر فنانة تعرض بشكل احترافي، كان للأختين هبة وغيثة، شرف العرض في رواق لجلالة الملك محمد السادس بالعاصمة الرباط، إذ قدمت هبة أطول لوحة في تاريخ الفنون التشكيلية بالمغرب، بلغ طولها 20 مترا، كما كانت الأختان ضيفتا شرف لرالي عائشة للغزلان، والجائزة الكبرى بمراكش، كما اختيرتا من طرف وزارة الثقافة لتمثيل المغرب في المهرجان العالمي للفنون السوداء بدكار، ومن طرف الناقد الفني الأمريكي، لوسيان فيولا، للمشاركة رفقة مجموعة من الفنانين العالميين في معرض جماعي استغرق شهرين، إلى جانب تظاهرات أخرى، يعود ريع أغلبها لفائدة المؤسسات، التي تهتم بالأطفال والفئات المحتاجة. وإلى جانب التشجيع، الذي لقيته الفنانتان من طرف بعض التشكيليين والنقاد المغاربة، فقد حظيتا، كما جاء في بلاغ لهما، بزيارة مجموعة من الشخصيات العالمية، أمثال لاعب الشطرنج العالمي أناطولي كاربوف، وممثل اليونسيف بالمغرب، ألوي كروماجي، ونقاد ومؤرخين فنيين، أمثال فاني دولاواي من رومانيا، وبيير كارلو فوديس من إيطاليا. وعن موهبة هاتين الأختين ذكر والدهما ومدير أعمالها، عبد الرفيع الخمليشي، في تصريح ل "المغربية"، أنه اكتشف موهبة هبة وغيثة منذ صغرهما، إذ كان يوفر لهما ما يلزم من أدوات الصباغة والألوان، وسعى إلى أن تجمعا ما بين الدراسة وتنمية موهبتهما، لأنهما لا تقتصران على دراسة الرسم فقط، بل تدرسان الموسيقى وتتمرسان على كتابة الحكايات. وأوضح الخمليشي أنه رغم موهبة طفلتيه الاستثنائية، فإنه لم يتلق أي عروض احتضان من طرف أي مؤسسة مغربية، بل منها مؤسسات رفضت الطلب الذي تقدم به إليها، في حين تلقى العديد من طلبات الاحتضان من طرف مؤسسات أجنبية مثل "ماكدونالز"، مشيرا إلى أنه لا يتوخى الربح وراء تنظيم معارض لهما والتعريف بهما، بدليل أن مداخيل لوحاتهما أو مشاركاتهما، تستفيد منها المؤسسات والجمعيات، التي تهتم بالأطفال المعوزين والمرضى، إلى حين بلوغهما سن 18 سنة. وأردف الخمليشي إلى أنه يتمنى أن يلتفت المغرب إلى مثل هذه المواهب، وأن يرعاها، حتى تنضج تجاربها، وتمثل البلد أحسن تمثيل. ومن جهته، اعتبر الناقد الفني عبد الرحمان بن حمزة، في تصريح ل "المغربية"، أن هبة وغيثة الخمليشي، بحكم سنهما، تمثلان حالة استثنائية في الحقل التشكيلي بالمغرب، لكنه عبر عن تحفظه على تلك الأعمال الرائعة، التي قال إنه "لو كانتا فعلا هما اللتان ترسمان تلك اللوحات، ستكون معجزة فعلا". وأوضح بن حمزة أن "الطفل أصلا مبدع، ولكنه لا يمكن أن يبلغ درجة التمرس والدقة، التي توجد في لوحات هاتين االطفلتين، لأنهما توظفان تقنيات عالية في الضوء واللون وتوزيع الأشكال"، وهو ما وصفه بالتمكن "الغريب من نوعه" في لوحات كبيرة جدا، خاصة أن الطفل عادة ما يرسم أشياء من محيطه الضيق، وأشياء تدخل في جانب التشخيص، وليس التجريد.