قالت مصادر أمنية مصرية، أمس الأحد، إنه جرى اعتقال 17 شخصا يشتبه في تورطهم في التفجير، الذي استهدف كنيسة بمدينة الإسكندرية مع الساعات الأولى للعام الميلادي الجديد وأوقع 21 قتيلا وما يقرب من مائة جريح بينهم عدد من المسلمين. آثار الدمار الذي خلفه الهجوم الإرهابي على كنيسة الإسكندرية (أ ف ب) وبعد تكهنات أولية بسيارة مفخخة، رجح مصدر في وزارة الداخلية المصرية أن يكون التفجير ناتجا عن عمل "انتحاري"، مشيرا إلى أن فحص المعمل الجنائي أكد أن العبوة الانفجارية المستخدمة محلية الصنع وتحتوي على قطع معدنية تهدف لإحداث أكبر عدد من الإصابات. وأضاف المصدر أن "ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حاليا للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قد قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ". ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير الذي يأتي بعد شهرين من تهديدات وجهها الفرع العراقي لتنظيم القاعدة ضد المسيحيين في مصر، وذلك على خلفية اختفاء امرأتين مسيحيتين بعد رواج أنباء واسعة عن اعتناقهما الإسلام حيث قيل إن السلطات سلمتهما للكنيسة. ووقعت اشتباكات، مساء أول أمس السبت، بين مسيحيين ومسلمين، في حين استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه وأطلقت أعيرة الغاز المسيل للدموع، في محاولة لتفريق الحشود الغاضبة، التي استخدمت الحجارة والعصي في مواجهة رجال الأمن. من جهته، أدان الرئيس المصري، حسني مبارك، في كلمة نقلها التلفزيون هذا الاعتداء واعتبر أنه "عملية إرهابية تحمل في طياتها تورط أصابع خارجية". ومساء أول امس السبت، شارك خمسة آلاف شخص على الأقل في تشييع ضحايا كنيسة القديسين، وأقيمت مراسم التشييع في دير مارمينا في كينج مريوط على بعد نحو 3 كلم من المدينة المتوسطية. ورفعت حشود المشيعين شعارات من بينها "بالروح بالدم نفديك يا صليب"، ورفضت تقبل تعازي الرئيس المصري حسني مبارك. وهتف المؤمنون الأقباط قائلين "لا، لا، لا" مرارا لدى محاولة الأسقف، يوانس سكرتير بابا الأقباط شنودة الثالث نقل تعازي الرئيس المصري. وكانت أجواء التوتر مرتفعة خلال النهار في محيط الكنيسة. وقام مئات الشبان الموزعين ضمن مجموعات صغيرة برشق قوات الأمن المنتشرة في المنطقة بالحجارة وعبوات المياه، ما استدعى إطلاق عناصر الأمن قنابل مسيلة للدموع وطلقات مطاطية. من ناحيته أدان عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية الاعتداء، الذي وصفه ب"الإرهابي"، مشددا على "ضرورة تمسك الشعب المصري بوحدته الوطنية والوقوف بحزم أمام تلك الأعمال التخريبية". وأدان رفاعة الطهطاوي الناطق باسم الأزهر الاعتداء، الذي قال إنه يستهدف "الوحدة الوطنية المصرية"، داعيا المسيحيين والمسلمين إلى الهدوء. كما استنكرت جماعة الإخوان المسلمين هذا الاعتداء "الإجرامي و"الآثم". ونددت شخصيات دينية عدة وعواصم مختلفة من بينها باريس وروما ولندن ودمشق وطهران بالاعتداء. والأقباط يشكلون أكبر المذاهب المسيحية في الشرق الأوسط. وهم يمثلون 6 إلى 01 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 80، مليون نسمة، بحسب التقديرات. ويشكو الأقباط الممثلون بشكل ضعيف في البرلمان من تهميشهم عن مواقع عدة في القضاء والجامعات أو في الشرطة. وفي السادس من يناير 2010، قتل ستة أقباط بيد رجال مسلحين لدى خروجهم من قداس في منطقة الصعيد يوم احتفال الاقباط بعيد الميلاد. ومن المقرر صدور الحكم في هذه القضية في 16 يناير الجري. من جهتها، حضت الصحافة المصرية بكافة اتجاهاتها، أمس الأحد، المسيحيين والمسلمين على الوقوف صفا واحدا في أعقاب الاعتداء، الذي وقع أمام كنيسة في الإسكندرية، مبدية خشيتها من توترات دينية أكثر خطورة. وكتبت صحيفة روز اليوسف الموالية للحكومة "هناك من يريد أن يفجر هذا البلد وأن يشعل النار بين أبنائه. علينا أن ننتبه وندرك المؤامرة"، التي ترمي إلى "حرب أهلية دينية طائفية". وأضافت "علينا ألا نعطي هذا الإرهاب سلاحا إضافيا" هو الانقسام "وألا نطعن أنفسنا". من جهتها، رأت صحيفة الشروق المستقلة في افتتاحيتها أن "لا أحد يستطيع لوم الإخوة المسيحيين إذا شعروا بالغضب والقرف" بعد هذا الاعتداء. وكتبت أن "الأخطر من هذه المجزرة هو أن ينغمس الإخوة المسيحيون في مشاعر الغضب والإحباط وتزداد عزلتهم وهنا بالضبط يكون مخططو الجريمة حققوا هدفهم الحقيقي".