مع توالي أعداد الأطفال والرضع المتخلى عنهم من قبل أسرهم في المغرب، تحركت عدد من الجمعيات لوضع برامج لوقف هذا النزيف، عبر تمكين الأمهات في وضعية صعبة من الوسائل التي تمكنهن من الاستمرار في رعاية أطفالهن، رغم الصعاب والمعيقات التي يواجهنها، سواء كن أمهات عازبات أو أرامل أو مطلقات. متبرعون بمواد أساسية على أطفال أمهات في وضعية صعبة داخل مركز سيدي البرنوصي تهدف جمعية "إسعاف قرى الأطفال" إلى مساعدة 3 آلاف و400 طفل، في أفق 2016 في المغرب، عبر التكفل بالمهددين بالتخلي عنهم، وكذا بأمهاتهم، لمدة محدودة، في إطار برامج أسمتها ب "برامج تقوية الأسرة". وهي برامج للتكفل الاجتماعي والدراسي والاقتصادي بالأطفال المنتسبين إلى أسر فقيرة، في محاولة منها إلى محاربة التخلي عنهم، لضمان عيشهم وسط أفراد أسرهم. وترجمت هذه الفكرة عن طريق تأسيس مركز الاستقبال سيدي البرنوصي، أخيرا، في مدينة الدارالبيضاء، حيث تستقبل أمهات في وضعية صعبة، إما لأنهن أمهات عازبات أو أمهات داخل أسر فقيرة لا معيل لهن ولأطفالهن، أو لأنهن مطلقات، فقدن جميع السبل، للاستمرار في التكفل بأطفالهن، تحت الضغط الاقتصادي والاجتماعي الممارس عليهن، ما يزيد من توافد الأطفال على جمعيات التكفل بالأطفال المتخلى عنهم. برامج التقوية الأسرية وتعنى برامج التقوية الأسرية، تمكين الأمهات في وضعية صعبة من التكفل بالاحتياجات الفورية لأطفالهن، من مأكل وفحوصات طبية وسكن وتعليم، مع منح الأم مساعدة قضائية وتكوينا مهنيا لإعادة إدماجهن في المجتمع. ويفيد إعمال هذا البرنامج في إبقاء الطفل على العيش بين أسرته البيولوجية، مع منحهن الحماية الاجتماعية وضمان عيشه في ظروف كريمة. وفي هذا الإطار، وقعت جمعية إسعاف قرى الأطفال، أخيرا، اتفاقية شراكة مع مؤسسة "ألكاتيل- لوسانت" في مجال تمدرس الأطفال في وضعية صعبة لتفادي التخلي عنهم، بموجبها التزمت المؤسسة بمساعدة الأمهات الحاضنات لأطفال، سواء كن مطلقات أو أمهات عازبات أو أرامل أو ربات بيوت، من اللواتي يفتقرن إلى وسائل العيش الكريم، وتمكينهن من وسائل التكفل بأطفالهن وتذليل الصعاب أمامهن، للرفع من جودة حياتهن وضمان كرامتهن والاستقلالية والارتياح النفسي. وترمي الاتفاقية إلى تخصيص دعم مالي، لمدة سنتين، لفائدة الأطفال المسعفين في إيمزورن، نواحي الحسيمة، لدعم برامجهم الموجهة لمحاربة إهمال الأطفال، عبر دعم الأسر الأكثر فقرا، التي تعاني مشاكل اجتماعية واقتصادية في جماعات فقيرة. وكشفت الزيارة الأخيرة، التي نظمتها جمعية "إسعاف قرى الأطفال" ووفد ممثل لمؤسسة "ألكاتيل لوسنت" إلى مقر استقبال الأمهات في وضعية صعبة، عن أن الاتفاقية تشمل "التكفل الدراسي، لمدة سنتين، بمجموعة من الأطفال، المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و12 سنة، لولوج مدرسة "هيرمان كمينر" التابعة لقرية إسعاف الأطفال في قرية إمزورن نواحي الحسيمة". وتنبي المساعدة، حسب ما عبر عنه متدخلون، خلال اللقاء المذكور، على "دعم برامج الجمعية في مجال تمدرس الأطفال، بهدف منحهم الأدوات التي تؤهلهم للحصول على تربية وتعليم أفضل وتفتح لهم أبواب الولوج إلى عالم الشغل وتحقيق استقلالهم الذاتي". وفي هذا الصدد، نظمت زيارة إلى مركز الاستقبال سيدي البرنوصي في الدارالبيضاء، حديث الإنشاء، حيث وزعت مواد أساسية على الأمهات في وضعية صعبة، مثل الحفاظات وحليب الأطفال، تلى، بعد ذلك، زيارة مدرسة ابتدائية في الدارالبيضاء، حيث يتلقى أطفال أمهات في وضعية صعبة، تمدرسهم بمساعدة من جمعية "قرى إسعاف الأطفال"، حيث شاركهم الزوار اللعب والفرجة في تتبع لوحات فنية ترفيهية بهلوانية، وفقرات موسيقية خاصة بالأطفال. مركز استماع يستقبل هذا المركز النساء في وضعية صعبة، حيث يستفدن من الاستماع إلى شكاويهن، وإحاطتهن بالمساعدة التي تناسب كل حالة منهن. وفي زيارة ميدانية لمرافق المركز، تبين أن يضم حضانة لإيواء الأطفال والرضع، خلال اليوم، بينما تذهب أمهاتهن للعمل، أو خلال فترة تلقيهن لتكوين في مجال الطبخ أو الخياطة أو الإبداع التشكيلي والرسم على الزجاج، لمنحهن تكوينا مهنيا يؤهلهن للحصول على مورد دخل، عبر تسويق مصنوعاتهن. ومن الخدمات التي يقدمها المركز، استشارات ومساعدات قانونية، إلى جانب دعم الأمهات ماديا، للحصول على سكن للكراء، من اللواتي لا يتوفرن على مأوى، على أساس تحمل مصاريف ذلك، في وقت لاحق، لتعلمهن حرفة وولوجهن لسوق العمل، للاعتماد على النفس وتحقيق الاستقلال الذاتي. ومن أهداف المركز، أيضا، حسب ما عبر عنه ناشطون فيه، مساعدة الأمهات، في وضعية صعبة، على تمكين أطفالهن من تغذية متوازنة، عبر منحهن مساعدة غذائية "قفة شهرية" تضمن المواد الغذائية الأساسية، وتمكين أطفالهن من التمدرس الجيد، لتأهيلهم في حياتهم اليومية، وضمان اندماجهن في الحياة، ومنحهن فرصة العيش في حياة كريمة. وتسمح هذه المساعدة ضمان التكفل المتواصل بالأطفال، وعدم التخلي عنهم لأسباب مالية أو اجتماعية، تعانيها أمهاتهم، إلى جانب التذليل الصعاب أمامهن عبر محو أميتهن، وتعليمهن القراءة والكتابة، ومنحهن معارف في التغذية السليمة والصحة لتكفل أفضل بأطفالهن.