بعد مشاركتها في مؤتمر"المدائن الأولى: أرخبيل مفرد باستعارات شتى" الذي عقده المنتدى العربي في فاس أخيرا، برئاسة الروائي المغربي سلام أحمد إدريسو، حلت الأديبة الأردنية سناء الشعلان، أخيرا، ضيفة على حلقة الفكر العربي سناء الشعلان في أمسية قصصية احتضنها مركب الحرية بفاس، بمشاركة عدد كبير من النقاد والروائيين والشعراء المغاربة والعرب، من بينهم علي القاسمي، سلام أحمد إدريسو، وجمال بوطيب، و نورالدين برادة، وعبد السلام الموسوي، وفاطمة الجماعي، وعبد المالك أشهبون، وأحمد الشهاوي، ووليد الكيلاني. وقال سلام أحمد إدريسو، الذي أدار فعاليات هذا اللقاء المفتوح، الذي تحدثت فيه الشعلان عن تجربتها الإبداعية في كتابة القصة القصيرة، إن "الأديبة سناء الشعلان من الأديبات الاستثنائيات، اللواتي يمكن أن نعدهن مؤسسات إبداعية مستقلة بذاتها، إنها متعددة المواهب والعطاء، مختلفة التجربة، متميزة العطاء رغم حداثة سنها". وبعد تقديمه للأديبة، طرح إدريسو عددا من الأسئلة على الشعلان، حول معنى الكتابة عندها، وتعليل ظاهرة غزارة الإنتاج، وحدود الأسطورة الحقيقية في الإبداع، ومفهوم الأسطورة عندها، ومحاربتها لسرقة الحلم في مجموعتها القصصية "تراتيل الماء"، وخصوصية طقوس الكتابة عندها، وحدود الحرية في الكتابة، وأولويات الكتابة عند المبدع. وقبل أن تتحدث الشعلان عن تجربتها الشخصية في كتابة القصة القصيرة، وفي إثارة مواضيع يومية صغيرة في قصصها، لما لتلك التفاصيل الصغيرة من أهمية في رسم مشاهدنا الحياتية اليومية، وعن أسباب جنوحها إلى المفارقة في كثير مما تكتب، قرأت الشعلان بعضا من قصصها الجديدة من مجموعتها القصصية التاسعة "تراتيل الماء"، التي صدرت أخيرا، عن مؤسسة الوراق للنشر، وضمت عددا كبيرا من القصص الفرعية المتولدة من إحدى عشرة قصة رئيسية. عن تجربتها الجديدة قالت الشعلان "إنها مارست التجريب في هذه المجموعة بشكل كبير، وأنها انحازت إلى المضمون المدشن في شكل جديد، واستفادت من تقنية التوليد والانبثاق من قصة أم على شاكلة السرد الشفوي التراثي، كي تشكل مجموعتها القصصية، كما أنها لجأت إلى تفكيك التراث القصصي العربي والإنساني، وأعادت تشكيله وفق رؤيتها". إن مجموعة الشعلان الأخيرة "تضاهي الماء في شفافيته، وصفائه، وروائه، وتقبله لألوان التأويل، التي تهبها له سماء فكرها الرصين، ولموسيقى اللغة الرائقة، التي تضفيها عليه نسماتها العطرة المحملة بالموهبة والإبداع والتألق"، حسب الناقد علي القاسمي، الذي أشاد في كلمته، بقدرة الشعلان الفنية العالية في قراءة قصصها على الجمهور، وبمهارتها في نسج قصصها من الواقع لتسرب عبرها كل أفكارها ومفاهيمها وقناعاتها، مشيرا إلى أنها تعد من أهم الأسماء القصصية النسوية في الوقت الحاضر. من جهته، قال الناقد عبد المالك أشهبون "اطلعت على التجربة القصصية الكاملة للشعلان، ووجدت أنها تكتب السيرة الذاتية في شكل قصصي له محدداته الخاصة، كما تتكئ على المفارقة في رسم المشاهد اليومية، وهي تقدمها من خلال توظيفها في التحول أو التناسخ. كما أنها تقدم الحلم في تيمات مختلفة، مثل الحلم الرومانسي، والحلم الواقعي، وحلم جيل الضياع". وفي السياق ذاته، أشارت فاطمة الجماعي إلى سمة مهمة في أدب الشعلان، وهي قدرتها على البوح، ومناقشة القضايا بجرأة وصدق ووضوح، دون أن تقع في شرك التهتك والإباحية والإسفاف، الذي تقع فيه الكثير من المبدعات المعاصرات اللواتي يحاولن أن يجدن لهن موضع قدم في عالم الإبداع عبر خرق ثوابت المجتمع، والإفحاش في الكتابة، وكأن "المرأة لا تكون مبدعة إلا إذا كانت فاحشة القول". في كلمته، تحدث عبد السلام الموسوي عن أهمية طقوس الكتابة، وأطوار الحالة النفسية للمبدع في إنتاج النص، وفي تحديد شكله، كما أكد الشاعر أحمد الشهاوي ألا شيء يقيني في الكتابة، مشيرا إلى أن الإبداع مفتوح على كل الأسئلة والإجابات والاحتمالات والتسويغات. بدوره تحدث جمال بوطيب عن خصوصية طقوس الكتابة عند المبدعة، مبرزا أهمية أن يعيش المبدع لحظة الكتابة بكل تجلياتها كي ينتج أدبا جيدا. فيما كشف نور الدين برادة عن جماليات البوح الخاصة في كتابات الشعلان، قبل أن يتحدث الشاعر الفلسطيني، وليد الكيلاني، عن حدود الكتابة الواقعية والخيالية عند الشعلان، وظلال ذلك في رسم خصوصية تجربتها القصصية، التي وصفها بأنها "تتسم بالثراء والجرأة والالتزام". للإشارة دارت محاور مؤتمر"المدائن الأولى: أرخبيل مفرد باستعارات شتى"، الذي شاركت فيه الشعلان منتصف الشهر المنصرم، إلى جانب نخبة من المبدعين المغاربة والعرب أمثال محمد المصباحي، وعز الدين الخطاب، وأمينة المريني، وإدريس الناقوري، وسعيد بنكراد، ومحمد الداهي، حول "المدينة الفاضلة بين الأسئلة والتجليات"، و"أسئلة النقد، وأسئلة الرواية عند بنسالم حميش"، و"المدينة في المتخيل الدرامي المغربي: جدل العلاقات".كما شهد المؤتمر تنظيم معارض تشكيلية وعروض مسرحية، وأمسية غنائية أحياها الفنان لطفي بوشناق.