ذكرت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أن ما يميز مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أنها تنبني على مقاربة جديدة، بإعمال ديمقراطية تشاركية، تعطي الكلمة فعلا للأشخاص.. الذين يعانون الفقر والتهميش، كي يعبروا عن حاجياتهم الأساسية، وأن يكونوا، ليس فقط جزءا من المشكل، لكن جزءا من الحل، وفاعلين في انتشال أنفسهم من الفقر. وأشارت الوزيرة إلى أن عددا من الدول الإفريقية ستستفيد من تجربة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقالت الصقلي، في تصريح ل "المغربية"، على هامش مشاركتها في منتدى التنمية البشرية، بمدينة أكادير، أول أمس الاثنين، إن هذه المقاربة ترتكز على العنصر البشري بطريقة قوية، وعلى تقليص الفوارق الاجتماعية الموجودة بين مكونات المجتمع من نساء ورجال، وكذلك الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة، والأشخاص المسنين. وأشارت إلى أن هناك استهدافا دقيقا، في اتجاه معالجة مجموعة من الفوارق داخل الفضاء نفسه، مشددة على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية "ناجحة، وأعطت الانطلاقة لحكامة جيدة وإيجابية، لكنها ما زالت تحتاج إلى أن تتطور وتعمم إلى نموذج في السياسات العمومية في ميدان العمل الاجتماعي". واعتبرت الوزيرة أن هناك تحديات خلال المرحلة المقبلة من المبادرة، حددتها في ضرورة تقوية الأنشطة المدرة للدخل، والتشغيل، وتحسين الاستهداف للوصول، بطريقة أدق، إلى كل الفئات، التي هي في حاجة إلى دعم المبادرة، إضافة إلى تعميم المقاربة التشاركية. وعن احتضان المغرب منتدى التنمية البشرية، أعلنت وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن أنه جاء استجابة لرغبة عدد من الوزراء والمسؤولين، والفاعلين الجمعويين في مختلف الدول، خاصة الإفريقية، قصد الاستفادة والتعرف أكثر على فلسفة المبادرة، مثيرة الانتباه إلى أن هذا المنتدى شكل فرصة لخلق الالتقاء، وتبادل التجارب. وشددت على أن المغرب حريص على تقديم المبادرة، ليس كنموذج من أجل استنساخها من طرف بلدان أخرى، بل يقدمها كتجربة، تتضمن عددا من الإيجابيات، يمكن لكل بلد، حسب واقعه، أن يستفيد من نتائجها. ولمست الصقلي وجود "فرحة خلال المنتدى على وجوه المشاركين المغاربة، تترجم نوعا من الثقة والكرامة، والإيمان بمشاركتهم بطريقة فعالة في هذا الورش التنموي"، الأمر الذي سجلته أيضا لدى الضيوف الأجانب، الذين عبروا عن إعجابهم بهذه التجربة الناجحة. من جانبها، قالت نديرة الكرماعي، العاملة المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إن التنسيقية تشتغل في المرحلة الراهنة على الشطر الثاني للفترة 2011-2015، مشيرة إلى أن هناك خبراء منكبون على دراسة الموضوع، استنادا إلى أرضية عمل مؤسسة على التوجيهات الملكية لصاحب الجلالة، المتضمنة في خطابي 2009 و2010، وكذا نتائج أبحاث اللجان المختصة على أرض الواقع، من خلال عمليات الافتحاص، إضافة إلى التقييم المنجز لكل المشاريع، التي رأت النور. وأبرزت الكرماعي، في تصريح ل "المغربية"، أن الأرضية تستند على نتائج أبحاث المندوبية السامية للتخطيط حول الفقر، معتبرة أن الخريطة المنجزة، في هذا السياق، ستساهم، إلى جانب المكونات المذكورة، في تكوين رؤية واضحة المعالم لمشاريع المرحلة المقبلة. ونفت الكرماعي اعتماد المبادرة مبدأ التمييز بين هذا الإقليم أو ذاك من حيث المشاريع، مشددة على أن كل الجهات والمناطق سواسية في الاستفادة من المشاريع، مؤكدة على اعتماد المقاربة التشاركية، إذ أن "السكان هم من يقترحون المشاريع، حسب حاجياتهم، والمشاكل التي يعيشونها، وبالتالي، هم من يتحملون مسؤولية اختيار مشاريعهم". وحسب العاملة المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن فلسفة المبادرة تجعل المواطن يعتمد على نفسه في خلق مشاريع هو في حاجة ماسة إليها. وقالت الكرماعي إن هناك دولا إفريقية اشتغلت مع المغرب في ورشات على منهجية عمل المبادرة، واستراتيجيتها، ودعائمها، وهي الآن تدرس كيفية تطبيقها على أرض الواقع في بلدانها. وأعلنت أن الملتقى جاء استجابة لطلب تقدمت به بعض الدول الإفريقية، وكذلك المنظمات، التي تواكب المبادرة، بهدف تبادل التجارب، كي يتعلم كل واحد من الآخر. وتواصلت، أمس الثلاثاء، أشغال منتدى التنمية البشرية، بمشاركة أزيد من ألف و700 شخصية، بينهم حوالي 300 من الأجانب من أوروبا، وإفريقيا، وآسيا، وأميركا. وتضمن جدول أعمال اليوم الثاني من هذا اللقاء خمس ورشات عمل، تتمحور حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وشكلت الإنجازات المحققة في إطار المبادرة ومنهجية المقاربة المعتمدة موضوع نقاشات هذه الورشات، التي أطرها مسؤولون حكوميون مغاربة وأجانب، وشارك فيها خبراء وباحثون. وخصصت الورشة الأولى لبحث طريقة تنفيذ سياسات التنمية البشرية، وهي البرامج الهادفة والسياسات الشاملة. وتناولت الورشة الثانية موضوع المقاربة التشاركية، التي تعد أساس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتبارها عاملا للنهوض بالتنمية البشرية. وبحث المشاركون في الورشة الثالثة مؤشرات قياس التنمية البشرية، أما الورشة الرابعة، فخصصت أشغالها لبحث أهمية الشراكات في مجال سياسة التنمية البشرية، من خلال استعراض تجارب العديد من الدول، مثل أندونيسيا، ومصر، وفرنسا، وإفريقيا الوسطى، والكونغو. وتطرقت الورشة الخامسة إلى الأنشطة المحدثة للشغل، ودورها كقاطرة لتنمية الأفراد والمجتمعات. وستمكن هذه التجارب العالمية، التي جرى التطرق إليها في الورشات، من استعراض وبحث وتحليل مختلف سياسات التنمية البشرية.