يعتبر عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن "الهيئة، رغم أنها مرتبطة بالجهاز التنفيذي، إلا أن صلاحياتها واسعة، لا يتدخل فيها الوزير الأول ولا الحكومة، ليملي عليها توصياتها أو تقاريرها أو قراراتهاويؤكد أنها تتخذ بالأغلبية، سواء في الجمع العام أو في اللجنة التنفيذية. وقال أبودرار، في حوار مع "لمغربية"، إن استقلالية الهيئة مستمدة من وضعية رئيسها، الذي يجري تعيينه لمدة محددة في ست سنوات غير قابلة للتجديد، ومن تركيبتها المتنوعة، التي تشمل المجتمع المدني وممثلين عن الهيئات المهنية والنقابية وغيرهم، إضافة إلى ممثلين عن عدد من الوزارات، يقع تعيينهم بصفتهم الشخصية. وأضاف "لا يمكن القول إن أعضاء المجتمع المدني تابعون للوزير الأول أو غير مستقلين في رأيهم . وهذه هي استقلالية الهيئة". وتساءل أبودرار عن كيفية قياس الإرادة السياسية، قائلا "كيف نقيس الإرادة السياسية؟ فخطابات جلالة الملك بهذا الصدد واضحة وقوية. كما أن هناك إلحاحا عليها وتذكيرا بها في كل المناسبات، وهذا تعبير عن إرادة سياسية على أعلى مستوى، بالإضافة إلى تصريحات الوزير الأول، إذ بمجرد صدور تقرير الهيئة، صرح أنه مستعد للعمل مع الهيئة لتفعيل كافة توصياتها، ومدها بكافة الوسائل المادية والبشرية لأداء مهامها". وأضاف رئيس الهيئة أن "كل التصاريح الحكومية أمام البرلمان، في السنوات الأخيرة، عبرت بوضوح عن هذه الإرادة، ونعمل في هذا الإطار، ونحاول أن ندفع بجميع الأجهزة وجميع المؤسسات كي تتفهم التزاماتنا، وعملنا هو أكبر برهان على الإرادة السياسية، ويجب أن نعمل جميعا من أجل تفعيلها، حسب الوسائل المتاحة". وفي ما يلي نص الحوار. إلى أي حد استطاعت الهيئة تشخيص ظاهرة الرشوة بالمغرب؟ وعلى ماذا اعتمدت في تشخيصها؟ اعتمدت الهيئة، في تشخيصها لظاهرة الرشوة، على ما هو موجود في الساحة من تقارير للهيئات الدولية، بما فيها الهيئات الرسمية، كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الهيئات، التي تقوم بتحريات ودراسات حول الوضع في المغرب، وحول مخاطر الأداء والرشوة، وكذا الحكامة. كما اعتمدنا على منظمة "ترانسبرنسي الدولية"، التي أنجزت مجموعة من البحوث والمسوح حول النزاهة ومؤشر إدراك الرشوة. إن الهيئة حديثة العهد، ولا تتوفر، حتى الآن، على وسائل ذاتية لإنجاز مسوح وأبحاث، وهي تعكف حاليا، لتجاوز هذا الوضع، على إنجاز دراسات قطاعية، ستمكنها من تعميق المعرفة بظاهرة الرشوة. كل البحوث والدراسات الموجودة تبين أن هناك تفشيا للرشوة، خاصة في بعض القطاعات، التي بها تماس بين الموظفين الإداريين والمواطنين والمستثمرين، كما هو الشأن، مثلا، في مجالات الصحة، والسير على الطرقات، والعدالة، ثم مجال أجهزة الأمن. إن كل هذه القطاعات تتكرر على ألسنة المستجوبين في مؤشر إدراك الرشوة. حسب هذا التشخيص، كم تكلف الرشوة في الناتج الداخلي الخام؟ كما سبق أن أشرت مرارا بالنسبة لتكلفة الرشوة، سيكون من المغالطة القول إن هناك قياسا موضوعيا، لأن الرشوة تجري في الخفاء، ولا يحصل التصريح بها. وكل ما يتعلق بهذا الجانب، يبقى مجرد تخمينات وتقديرات، تشير إلى أن تكلفة الرشوة في الناتج الداخلي الخام تتراوح بين 0.5 إلى 1 في المائة، وأحيانا تصل إلى 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام. كل هذه الأرقام يجب التعامل معها بحذر، لأنه كلما أثيرت ظاهرة ما أو اختلال ما في المجتمع، نحصر تكلفتها في الناتج الداخلي الخام في هذه الأرقام، أي بين 1 و2 في المائة. وتنطبق هذه الأرقام على التهريب، والقطاع غير المهيكل، ومسألة العلاقات المتوترة مع الجزائر، واستمرار قضية الصحراء. والأهم، هو الوقع الكيفي، كالمس بالعدالة الاجتماعية، وبالحق في الولوج إلى المرافق العمومية، وغير ذلك. أصدرت الهيئة، أخيرا، تقريرها السنوي للوقاية من الرشوة، ما هي العمليات، التي برمجت، لتنفيذ توجهاته؟ وهل من حماية للمبلغين عن الرشوة؟ التقرير، أولا، موجه للحكومة، لأن الهيئة مكلفة بمساعدة هذه الأخيرة على إيجاد استراتيجيات وسياسات وبرامج عمل وإجراءات، إذن، فهو موجه للحكومة بالدرجة الأولى، ويتضمن مقترحات، يصل عددها إلى 113 مقترحا، تتوفر كلها على قابلية للتنفيذ. وستعمل الهيئة، مع الجهاز التنفيذي، على ترجمتها على أرض الواقع. والتقرير موجه إلى البرلمان، أيضا، باعتبار أن العديد من المقترحات تمس القوانين، مع العلم أن الحكومة هي المخول لها اقتراح القوانين، كما سنمدها بمقترحات أخرى في هذا الاتجاه، من ضمنها قانون لحماية الضحايا والشهود والمبلغين عن الرشوة، وآخر للولوج للمعلومات. كما تشمل هذه المقترحات مسألة معالجة تضارب المصالح، وغيرها من مشاريع القوانين، لتعزيز الترسانة القانونية المتعلقة بمكافحة الرشوة. إضافة إلى ذلك، تقرير الهيئة موجه، كذلك، للجهاز القضائي ،على اعتبار أنه مطالب بإصلاح شامل. وقدمنا بهذا الشأن بعض المقترحات وبعض المبادئ، على الأقل. كما أنه موجه للإدارة، ثم للقطاع الخاص والمجتمع المدني. إذن، التقرير بمثابة أرضية عمل للهيئة ولشركائها، من أجل العمل المشترك، الهادف إلى إيجاد منظومة وطنية للنزاهة والشفافية. لكن هناك من يرى أن الهيئة لا يمكن أن تؤدي المهام المخولة لها لأنها غير مستقلة عن الجهاز التنفيذي، كما أنها لا تتوفر على صلاحيات التحري. أولا، الاستقلالية دائما نسبية في أي نظام من الأنظمة، إذ هناك دائما ترابط بين الأجهزة، ونحن مرتبطون بالجهاز التنفيذي، لكن لنا صلاحيات واسعة، لا يتدخل فيها الوزير الأول، ولا الحكومة، ليملي علينا توصياتنا أو تقاريرنا، أو قراراتنا، التي تتخذ بالأغلبية، سواء في الجمع العام أو في اللجنة التنفيذية. وهذا ما بيناه في تقريرنا، الذي، بمجرد ما أنهيناه، أعطيناه للوزير الأول، ونشرناه، كما ينص على ذلك مرسوم إحداث الهيئة. وثانيا، استقلالية الهيئة مستمدة من وضعية رئيسها ،الذي يقع تعيينه لمدة محددة في ست سنوات غير قابلة للتجديد، ومن تركيبتها المتنوعة، التي تشمل المجتمع المدني، وممثلين عن الهيئات المهنية والنقابية، وغيرهم، إضافة إلى ممثلين عن عدد من الوزارات يقع تعيينهم بصفتهم الشخصية. ولا يمكن أن نقول إن أعضاء المجتمع المدني تابعون للوزير الأول أو غير مستقلين في رأيهم، وهذه هي استقلالية الهيئة. أما مسألة ما إذا كنا نتوفر على صلاحيات التحري أم لا، فصلاحياتنا تمتد في حدود الوقاية، التي تعد مجالا واسعا وتتطلب مجهود كبيرا. وهذا لا يمنعنا من العمل بكل استقلالية في مجال الوقاية، التي تعد مجالا واسعا ورحبا. وكما يقال، الوقاية خير من العلاج، رغم أنها لا تكتمل دون علاج. وفي انتظار توسيع هذه الصلاحيات، نحن نعمل، ومستعدون لوضع اليد في اليد مع مختلف المؤسسات، ومع الجهاز القضائي، ومع كل من أوكلت لهم صلاحيات التحري والمتابعة والزجر. هناك، أيضا، من يرى أن الهيئة لا يمكن أن تنجز المهام الموكولة لها في غياب إرادة سياسية. أولا، كيف نقيس الإرادة السياسية؟ فخطابات جلالة الملك بهذا الصدد واضحة وقوية. كما أن هناك إلحاحا عليها وتذكيرا بها في كل المناسبات، إذن، هذا تعبير عن إرادة سياسية على أعلى مستوى. زد على ذلك تصريحات الوزير الأول، إذ بمجرد صدور تقرير الهيئة، صرح أنه مستعد للعمل يدا في يد معها، لتفعيل كافة توصياتها، ومدها بكافة الوسائل المادية والبشرية لإنجاز مهامها. إضافة إلى كل ذلك، كل التصاريح الحكومية أمام البرلمان، في السنوات الأخيرة، عبرت بوضوح عن هذه الإرادة. إذن، نحن نعمل في هذا الإطار، ونحاول أن ندفع بجميع الأجهزة، وجميع المؤسسات كي تتفهم التزاماتنا، وهذا هو عمل الشأن العام. إن عملنا هو أكبر برهان على الإرادة السياسية، ويجب أن نعمل جميعا من أجل تفعيلها، حسب الوسائل المتاحة. سبق أن صرحتم بأن الهيئة تحتاج، مع ذلك، إلى تعزيز اختصاصاتها، بما من شأنه أن يوفر لها مقومات الشخصية المعنوية، ويرفع من فعالية ونجاعة مبادراتها. أولا، ما المقصود بهذا الكلام؟ ثم، كيف يمكن للهيئة أن تعمل، في غياب هذه المقومات؟ الهيئة تعمل في إطار النصوص المحدثة لها، ولا يمكنها أن تتجاوزها. لكن، في الوقت نفسه، هناك كثيرا من الأمور يمكن إنجازها في مجال الوقاية، كما سبق أن أشرت، ولا أدل على ذلك من مقترحات تقريرنا، لأنها واسعة وقوبلت بكامل الترحيب من طرف جميع الفرقاء، أي أن هناك ما يمكن فعله، ولن نبقى مكتوفي الأيدي، في انتظار توفر كافة الصلاحيات. وتصريحي هو تعبير عن رأي الجمع العام للهيئة، الذي صادق على التقرير السنوي، والذي أقر، كذلك، بإحداث خلية من داخله، للتفكير في توسيع صلاحيات الهيئة، ومعالجة بعض الاختلالات. كما أن النصوص لا تكون دائما كاملة، وهي تحتاج باستمرار إلى معالجة الثغرات، ومن ذلك توسيع الصلاحيات. ويبقى مقترحنا موجها لمن يهمه الأمر، فلسنا نحن من سيقوم بتغيير النص المحدث للهيئة، بل سنقترح ونطالب بذلك. وإذا جرى توسيع صلاحياتنا، فهذا ما نتمناه، وإذا لم يحصل ذلك، سنستمر في العمل في إطار ما هو موجود حاليا، دون أن نكف عن المطالبة بإجراء التعديلات الضرورية على المرسوم المحدث للهيئة. في هذا السياق، فإن المقومات، التي نتحدث عنها، تتمثل في الاستقلال المالي والإداري، الممنوح عادة للمؤسسات العمومية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المساطر المعتمدة حاليا في ما يتعلق بالإفراج عن الاعتمادات وإبرام عقود التوظيف، تبقى بطيئة ومعقدة. وما هي منجزات الهيئة منذ إحداثها؟ خولت للهيئة مهام عديدة، وتتمثل مهمتها الرئيسية في مساعدة الحكومة في إيجاد استراتيجيات وسياسات وبرامج عمل وإجراءات. والتقرير نفسه هو عربون على إنجاز هذه المهمة، التي لن نتوانى عن الاستمرار فيها. والتقرير هو أرضية للعمل، ونحن منكبون على استخلاص استراتيجية عمل من تقرير الهيئة، من أجل توسيع الشراكات، وتوضيح عدد من العمليات في مجال الوقاية من الرشوة. كما أن الهيئة مكلفة بمهمة الإشراف على التنفيذ، والتقييم، والتنسيق ما بين مختلف المتدخلين، المتمثلين في القطاع العام، والقطاع الخاص وغيرهم. وهذه مهمة مستمرة، إذ بعد أن نقدم استراتيجية وبرامج العمل، سنقوم بمواكبتها وتتبعها. وفي التقرير المقبل، سنعلن عما أنجز كليا وما أنجز نسبيا، وأين نجحنا وأين أخفقنا، أي أننا سنبقى دائمي التنسيق مع الحكومة، كما أننا، منذ بداية السنة الجارية، أطلقنا دراستين واسعتين، إحداهما حول قطاع الصحة، والأخرى حول قطاع النقل. وننجز هذه الدراسات بتنسيق مع هذه الوزارات والمعنيين بهذه القطاعات، لإيجاد مسح واضح المعالم في مجال الرشوة بهذين القطاعين. وستمتد هذه الدراسات لتشمل قطاعات أخرى، وهذه مسائل عينية تعد بمثابة عملنا اليومي. إضافة إلى ذلك، شاركت الهيئة، كعضو فاعل، وإن كان كملاحظ، في اللجنة الوزارية المكلفة بتحيين برنامج عمل الحكومة. وتتجلى مهمتنا الأخرى في تلقي الشكايات، وفي حالة وجود قرائن، نحيلها على السلطات القضائية. وتلقينا مجموعة من الشكايات لا يتعدى عددها 100 شكاية، منها 60 شكاية في سنة 2009 و40 أخرى خلال السنة الجارية، وتفتقد، في غالبيتها، للقرائن والعديد منها لا علاقة مباشرة لها مع الرشوة. وفي هذا الإطار، أعددنا مسطرة للعمل مع الجهاز القضائي، لتحديد كيفيات وطرق إحالة الشكايات في حالة وجود قرائن. هذه مسائل لا تبدو جلية، لأننا نشتغل في مجال الوقاية. إنه ليس موكلا لنا مهمة القبض على الجناة، أو متابعتهم، لأنه، غالبا، عندما يتساءل الناس حول ما قمنا به، يعتبرون أننا سنقوم بالقبض على الأشخاص والزج بهم في السجن. هذا ليس من صلاحيتنا، وصلاحيتنا هي الوقاية، وإيجاد أساليب وإجراءات وتنظيمات وقوانين، بالإضافة إلى دراسات ومقترحات في هذا المجال، وهو ما قمنا به كاملا. هل حددت الهيئة جدولا زمنيا للقضاء على هذه الظاهرة نهائيا؟ لا أظن أنه يمكن القضاء نهائيا على ظاهرة الرشوة، تماما، كما أنه يستحيل القضاء على الإجرام، أو على البغاء، فكل مجتمع فيه اختلالات، وفيه مس بالقانون ومس بالأخلاقيات. إذن، الهدف الأساسي هو الحد وضبط الرشوة، حتى لا تبقى أمرا طبيعيا وعاديا، أو شرا لا بد منه. ويجب أن تعتبر جريمة من قبل المجتمع، وتعالج على هذا الأساس، سواء من طرف المواطنين، أو من طرف الحكومة، أو من طرف العدالة. التعريف بالرشوة كجريمة يتطلب، أيضا، تحسيس المواطنين بهذه المسألة، فهل سطرتم برنامجا للقيام بتحسيس المواطنين بهذه المسألة؟ هذا جانب، فعلا لم تتفرغ له الهيئة، لأنه، بالنسبة لجميع أعضاء الجمع العام، كان من الأولى أن نقوم بأشياء، ونعطي اقتراحات، قبل أن نواكبها ببرامج للتحسيس والتواصل، لأن هذا جانب مهم، ويعد من روافد العمل، وكذلك من روافد محاربة الرشوة نفسها. لكن قدمنا التحسيس والتواصل نكون كمن يسبق العصا على الغنم، خاصة أنه كانت هناك تجربة سابقة للجهاز التنفيذي، إذ نظم حملة سبقت أي إجراءات عملية، فكانت النتيجة رد فعل سلبيا من طرف المواطنين، الذين اعتبروا أن اللائمة في مجال الرشوة تلقى عليهم أولا، قبل الأجهزة ذات المسؤولية، أو على السلطات وعلى الجهاز القضائي وعلى البرلمان. لهذا، اخترنا القيام بإجراءات عملية، على أن نعمل، بعد ذلك، على التوعية وعلى تربية الناشئة، وعلى التحسيس، وعلى مواكبة الأعمال بعملية تواصلية. ماذا عن باقي الهيئات، من جمعيات المجتمع المدني، التي تعمل في مجال مكافحة الرشوة، هل تقومون بالتنسيق معها؟ طبعا، هناك تنسيق طبيعي، لأن هذه الجمعيات موجودة داخل الهيئة، ثم هناك تنسيق مباشر، لأنه من مصلحة الهيئة أن يفرز المجتمع، وقد أفرزها ولم ينتظرنا في ذلك، طاقات تعمل في مجال محاربة الرشوة، في جميع المجالات والقطاعات، كالاقتراح والتنديد والتحسيس. ونحن لا نعتبر محاربة الرشوة حكرا على الهيئة، بل بالعكس، كلما كانت هناك مؤسسات تعمل في هذا المجال، نصفق لها ونمد لها يد المساعدة، لأنها تساعدنا بدورها في عملية إفراز قيمة مضافة في المجتمع في مجال محاربة الرشوة. كما أن هذه الجمعيات مضمنة داخل الهيئة، وتدلي بآرائها، وتناقش الجهات الأخرى، ما يمكننا من الخروج بأرضية عمل مشتركة، وفي الوقت نفسه، تحتفظ هذه الجمعيات باستقلاليتها، كي تنتقد وتصلح وتندد إذا دعت الضرورة. هذا هو تصورنا لعمل محاربة الرشوة، وإذا توفرت لنا إمكانيات مادية، سنساعدها ماديا ومعنويا، ونكمل عملها، مع احتفاظها باستقلاليتها. وكل يجب أن يلعب دوره كاملا داخل الهيئة، باحترام ضوابطها وحدود صلاحياتها، أما خارجها، فكل يعمل حسب صلاحياته ومبادئه. بالنسبة للإمكانيات المادية للهيئة، ما هو حجم ميزانيتكم؟ وهل هي كافية لإنجاز كافة مهامكم؟ ميزانية تسيير الهيئة لا تتعدى 15 مليون درهم، وأعطيناه بالتفصيل في تقريرنا. وكان هذا بالنسبة لنا عربونا على استقلاليتنا وعلى شفافيتنا. وهذه مناسبة لنكرر أن 15 مليون درهم لا تكفي للهيئة للاضطلاع بمهامها، لأنه مطروح علينا، أولا، أن تكون لدينا موارد بشرية في مستوى عال، وبالكم اللازم، للاضطلاع بالمهام المركزية، ثم للاضطلاع بالمهام في اللجان الجهوية، التي يطلب منا النص المحدث للهيئة إحداثها، خصوصا أننا مقبلون على جهوية موسعة. كما يجب أن ننجز دراسات وبحوثا تتطلب وسائل مهمة، خصوصا بالاعتماد على خبرات ووسائل المندوبية السامية للتخطيط ،التي لها ما يكفي من الخبرات في مجال البحوث ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. هذه البحوث تتطلب موارد بشرية ومالية لإنجازها، وكما هو معروف لدى الأوساط المختصة، فإنجاز بحث ما، يتطلب ما بين مليون ومليوني درهم، بل أحيانا أكثر من ذلك، هذا دون الحديث عن عدد البحوث، التي تنتظرنا، والمرصد المهم المطلوب منا إحداثه. ونلح ونؤكد على أن إقبال المغرب على ميزانية التقشف لا يجب أن يكون ذريعة لنتقشف في مجال نقول معه إنه يشكل رهانا اقتصاديا. كما أن الحد من الرشوة يقاس بملايير الدراهم وليس بالملايين فقط، إذن، فهو استثمار للدولة، وأي ميزانية رصدت للهيئة، هي استثمار ينتظر منه مردوية كبرى بالنسبة للدولة، ولا يمكن أن تعتبر محض ميزانية تسيير.