عقد وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي، يقوم حاليا بزيارة للأقاليم الجنوبية للمملكة، أول أمس الخميس، بالعيون، لقاءات مع مسؤولين ومنتخبين وشيوخ قبائل صحراوية، وممثلين عن جمعيات حقوقية، وعائدين إلى أرض الوطن. وشكلت جلسة العمل، التي عقدها أعضاء الوفد الفرنسي مع والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، عامل إقليمالعيون، محمد جلموس، مناسبة للتطرق إلى ظروف نشأة "البوليساريو"، في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي، وموقف الجزائر المناوئ لوحدة المغرب الترابية، والرافض لكل توجه من شأنه المساهمة في إيجاد حل نهائي وعادل للنزاع المفتعل حول الصحراء. وقدم جلموس للوفد الفرنسي، خلال هذا اللقاء، لمحة عن التطور، الذي عرفه المغرب في عدد من المجالات، والطفرة النوعية، التي حققها في مجال توسيع الحريات العامة، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، مبرزا ما ينعم به سكان الأقاليم الجنوبية للمملكة من أجواء السكينة والطمأنينة، عكس ما تروج له أبواق الدعاية، المسخرة من طرف خصوم الوحدة الترابية للمغرب. وأشار عدد من المتدخلين، خلال هذا اللقاء، الذي حضره منتخبون وأعيان وشيوخ قبائل، وممثلون عن جمعيات حقوقية، وعائدون إلى أرض الوطن، إلى معاناة المواطنين المغاربة، المحتجزين بمخيمات تندوف، واستمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بهذه المخيمات، وإلى تلاعب قيادة "البوليساريو" بالمساعدات الإنسانية، وتحويل عائداتها إلى أرصدتهم الخاصة. وطالبوا، بهذه المناسبة، بمراقبة المساعدات الإنسانية، والعمل على إيصالها لسكان المخيمات، وبإجراء إحصاء دقيق للمحتجزين، ورفع الحصار عنهم، وتمكينهم من التنقل والتعبير عن آرائهم بكل حرية. واطلع أعضاء الوفد الفرنسي، خلال اللقاء، الذي عقدوه مع رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة، على دور واختصاصات المجالس المنتخبة في تدبير الشأن المحلي والجهوي، والمجهودات، التي تقوم بها لتعزيز البنيات التحتية الأساسية، والرفع من مستوى التنمية. وكان أعضاء الوفد الفرنسي، الذي حل، الأربعاء الماضي، بمدينة العيون، زاروا، صباح أول أمس الخميس، محطة تحلية مياه البحر، وميناء العيون، وسوق السمك بمدينة المرسى، حيث قدمت لهم شروحات حول تقنية التناضح العكسي، المعتمدة لتوفير الماء الصالح للشرب، لفائدة السكان المحليين، وطرق العمل من أجل تحقيق الوقاية الصحية بسوق السمك، والآليات المستعملة في عملية شحن السفن، بمختلف المواد والسلع. وعقب هذه الزيارة إلى مدينة العيون، أكد كريستيان كامبون، رئيس وفد مجلس الشيوخ الفرنسي، أن المغرب تمكن من تحويل الصحراء القاحلة إلى فضاء للتنمية المستدامة، وخلق الثروات لفائدة السكان المحليين. وعبر كامبون، في تصريح صحفي، عقب زيارة عدد من المنجزات التنموية، بمدينة المرسى (25 كلم جنوبالعيون)، عن إعجاب أعضاء الوفد بالمجهودات التنموية، التي عاينوها. وقال، في هذا السياق، "زرنا تجهيزات ومنشآت تستجيب لحاجيات التطور الاقتصادي والتنمية المستدامة، لفائدة السكان المحليين، والاقتصاد الجهوي". وأكد الأهمية الاقتصادية، التي يضطلع بها ميناء العيون، والمجهودات المبذولة لضمان استغلال عقلاني للموارد البحرية. ونوه، على صعيد آخر، بالمجهودات المبذولة لإنعاش قطاع السياحة، مؤكدا أهمية إحداث الخط البحري، الرابط بين العيون وجزر الكناري. وأبرز رئيس الوفد الفرنسي أن كل هذه المجهودات تعكس البحث المستمر عن الاستثمارات المنتجة في كل القطاعات، مشيرا إلى أن مستوى عيش السكان بهذه المنطقة يعرف تطورا مستمرا. وجدد كامبون دعم فرنسا للمقترح المغربي القاضي بتخويل الصحراء حكما ذاتيا، مؤكدا، أن هذه المبادرة، التي تسير في الاتجاه الصحيح، يتعين دعمها لإيجاد حل نهائي وسلمي لقضية الصحراء. وقال " لقد ذكرنا في مرات عديدة بموقف فرنسا الداعم لمقترح الحكم الذاتي، الذي يشكل أرضية جيدة للمفاوضات، ولهذا السبب نحن ندعمها". وتوجه الوفد الفرنسي، الذي يقوده رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي، كريستيان كامبون،ويضم نوابا ينتمون للمجموعات البرلمانية للاتحاد من أجل حركة شعبية (الحاكم)، والحزب الاشتراكي (معارضة يسارية)، واتحاد الوسط، والتجمع الديموقراطي والاجتماعي الأوروبي، في إطار هذه الزيارة، التي تأتي بدعوة من مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين، أمس الجمعة، إلى مدينة الداخلة، حيث سيعقد لقاءات مماثلة مع المسؤولين المحليين والمنتخبين، وسيتفقد عددا من المنشآت التنموية، بجهة وادي الذهب الكويرة.