تناهى إلى علمي، اخيرا، أن شاعر المغرب المبدع، صاحب الدواوين الشعرية الثمينة والمسرحيات التاريخية الأثيرة، ومبدع النشيد الوطني،الراحل أحمد عبد السلام البقالي الأستاذ علي الصقلي ألقى في اليوم الثالث لوفاة صديقه الحميم الشاعر الكبير المأسوف على وفاته، أحمد عبد السلام البقالي (توفي يوم 17 شعبان 1431 ه / 30 يوليوز 2010 )، مرثية سعيت إلى الاطلاع عليها، فلمست في أبياتها وجدانا يتحرق أسى وحسرة على فقدان صديق عزيز في زمن ندر فيه الأصدقاء، كما لمست في هذه القصيدة روح الوفاء لصداقة دامت أزيد من خمسين سنة منذ أن كان يلتقي به على صفحات جريدة العلم، من خلال مقالاته الموقعة باسم حسن الشريف في زمن أصبح فيه الوفاء عملة نادرة. لفتنة النص/ القصيدة، ولبراعة مبدعها في رسم اللحظات البهية لحياة الفقيد العزيز، وفي الحزن الدفين، الذي خلفه الراحل في نفس الشاعر، ارتأيت أن أقدمها عن طريق جريدة "المغربية" هدية لأسرة الفقيد ولأصدقائه، ولمن أعجبوا بعطائه أديبا موسوعيا كبيرا جال في عدة مجالات وأغراض شعرا ونثرا، والقصيدة النونية تقع في واحد وخمسين بيتا. القصيدة: إيه يا من بالحياة افتُتِنا عاشها حبا وشعرا وهنا وأحاديث غرام لم يُشَبْ بسوى ما شاق من أشهى المنى في حنان وحنو، وكَأَنْ وحده حنّ بصدق وحنا ! مالئا من شدوه أجواءها شاعرا، كم قيل عنه: أحسنا ! وتملاّها رياضا للهوى محْصنا، أكرم به إن أُحْصِنا لقّن الحب قُلوبا فإذا هي تتلو الآي حبا لُقِّنا ما حوت قطرة بغض بل لها كلُّ ما عزّ من الحب عَنا ! ولكم نادى بنبذٍ للأُلى مُلّئت منهم قلوب إحنا وتواروا، وكَأَنْ حقدهمو لم يدعهم ليلذُّوا الوسنا هذه أيامك الخضرا(1) زهت سلك أحلام تُجافي الشجنا وعيون (2) ملكت كل الغنى أَوَ ما في سحرها لذَّ الغنى ؟ أنت من بالحب وشَّى عيشه وكمثل الزهر وشَّى الأغصنا ما عدا الموت الذي عشت له كارها ، فيه ترى غول الفنا غير موت للعلى هذا الذي لم تكن تالوه حمدا وثنا لست أنساك عشيقا مغرما بالذي عزّ جمالا أفتنا مالكا بين الشذا في عطره والندى في قطره كل الدنى ! بأزاهير كرام نسما وشحارير فِصَاح ألسنا وفراشات وقد حامت على شمّ أدواح أظلّت سوسنا لست أنساك وقد ذبْتَ هوى في جمال يستهيم الأعينا كان إنسانا تعالى معدنا لم تجد أحسن منه معدنا كان صبحا ضاحكا أبهى سنى أم غروبا يستثير المكمنا كان روضا باسما يجلو الأسى كم به ضاقت نفوس درنا لست أنساك كمسحور بما قد سبى رجع صداه الأذنا كان لحنا عبقريا خالدا يهب المصغي إليه المأمنا أم أذانأ سحّ من أعلى السما كالحيا منهمرا متزنا يوقظ الغافي، ولله دعا بانيا صرح الهدى في ما بنى لست أنسى عمرة نلنا بها ما شفى الروح ، ونقّى البدنا وكأعياد مضت أيامها لم نعش، والله، يوما أدكنا إن رعتنا الكعبة الفيحاء في ظلها، شأن الذي منها دنا فلنا الروضةُ عدنٌ، كم بها بثَّ طه ما ارتضاه سُنَنا أيها الغارس أزهار المنى في نفوس يئست فرط عنا ومحيلا كم كئيب مرحا كان يحيى للأسى مرتهنا هو ذا يبكيك نادي الأربعا من له قد كنت ينبوع سنى أدبا يسمو، وفكرا ثاقبا وابتداعا كم تزكى مجتنى ! وقريضا غاليأ إن قِسته بقريض كان أغلى ثمنا وقطوفا من حكابا ُملَح هي ما تجلو عن المضنى الضنى كم لها تهفو نفوس كلما ماؤها من مرح قد أسِنا يا لنادي الأربعا منه أسى عاد في شرح مداه ألكنا ! منه قد آمنته دهرا وها هو من بعدك ما إن أمنا منذ أن ولّيت عنه راحلا رحلة هزّ صداها الوطنا ! كاد لا يذكر إلاك أخا شاد في كل فؤاد سكنا هو أولى بالعزا فيك، ومن بالعزا إلاه أضحى قمنا؟ ليته يستطيع صبرا مطفئا لهبا ملء الحشا مختزنا يا أبا شأن ولين(3) إن يكن محنة فقدك، أنسى المحنا فلنا في ابنيك بعض من عزا لو لنفس، مرة، قد طمأنا وللاثنين ذرى آسية (4) حافظ، ما بقيا، خير ثُنى ولكل قبس من نور من فقدوا، فليتّقدْ دون ونى ولتدم ذكراه روْحا في حمى بيته، ما عن حمى البيت انثنى إيه بقالينا الغالي إذا زمن فيه سبقت الزمنا فلقد أوتيت ما لم يؤته فطن فذّ تحدى الفطنا ومنّة منه تعالى، ولكم بسماح منه أولى المننا