قدم وفد من الصحراويين المغاربة، يمثل المجتمع المدني، نهاية الأسبوع الماضي، ببرغامو، شمال إيطاليا، شهادات مؤثرة حول واقع قضية الصحراء، والانتهاكات التي يرتكبها جلادو (بوليساريو) في حق كل من يحاول معارضة أهدافهم الحقيرة، أو المطالبة بأبسط حقوق الإنسان. وفد من الصحراويين المغاربة يمثل المجتمع المدني خلال الندوة ففي مداخلاتهم، خلال ندوة مخصصة لقضية الصحراء، كشف أعضاء الوفد، من خلال ما عايشوه، وبالتفصيل، عن عملية توظيف (بوليساريو) من قبل حكام الجزائر، و"حقيقة طبيعته (بوليساريو) الدموية وتوجهه الاستئصالي". وأثار غلاوي سيداتي، الممثل السابق ل (بوليساريو) بإيطاليا، ولحسن مهراوي، الأستاذ الجامعي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وسعداني ماء العينين، الفاعلة الجمعوية والمناضلة في مجال حقوق الإنسان، من خلال شهاداتهم، اهتمام الجمهور العريض، الذي حضر الندوة، وضم، على الخصوص، منتخبين ونوابا أوروبيين ونقابيين وجامعيين، والذي لم يستطع إخفاء تأثره العميق بما سمعه عن بشاعة الانتهاكات في المخيمات. وإلى جانب الروابط التاريخية، التي كانت قائمة على الدوام بين المغرب وصحرائه، مكنت مداخلات أعضاء الوفد خلال هذه الندوة، التي نظمت حول موضوع "نزاع الصحراء: الماضي والحاضر والآفاق"، من تسليط الضوء على الأحداث المأساوية التي عاشها المحتجزون بمخيمات تندوف، والدور الذي لعبته (البوليساريو) لخدمة أهداف الهيمنة البعيدة كل البعد عما يطلق عليه "القضية الصحراوية". كما توقف الوفد، في هذا الصدد، عند الانتهاكات التي تطال هؤلاء السكان، وعمليات التعذيب التي يتعرض لها كل من يحاول الانتفاض ضد وضعية العوز، التي يوضعون فيها، بينما يغتني قادة (البوليساريو)، بمباركة ممن يحمونهم، على مرأى ومسمع الجميع، من خلال الإقدام على تحويل المساعدات الإنسانية. واستعرض أعضاء الوفد المآسي العائلية، التي ترتبت عن عمليات الترحيل القسري للأطفال بهدف تجنيدهم، ومصير المعارضين للوضع القائم بالمخيمات، الذين يتعرضون للتعذيب بسجن الرشيد. وأبرز الوفد أنه على عكس هذا الوضع المأساوي، ينعم سكان الأقاليم الجنوبية بالطمأنينة والهدوء والازدهار، ويتمتعون بشكل كامل، على غرار مواطنيهم بباقي جهات المملكة، بحرية التنقل والتعبير. وعبر أعضاء الوفد عن أملهم في أن يجري وضع حد لعمليات إفلات عناصر (البوليساريو) من العقاب وأن تجري ممارسة ضغوط على هذا الأخير ومن يقفون وراءه، من أجل رفع الحصار عن المخيمات حتى يتمكن المحتجزون من العودة إلى وطنهم الأم، المغرب، والتمتع، بدورهم، بمناخ الحرية والديمقراطية. وذكروا، في هذا الصدد، بعودة العديد من القادة السابقين لبوليساريو إلى الوطن الأم، بعد إدراكهم فظاعة الادعاءات التي تغذيها الجزائر، فضلا عن العودة المكثفة والمتتالية لسكان مخيمات تندوف الذين يتحدون، مغامرين بحياتهم، جميع الأخطار والعراقيل للعودة إلى وطنهم، بجوار عائلاتهم وذويهم. من جهة أخرى، أبرز الوفد ملاءمة مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي تقدمت به المملكة كإطار لتسوية قضية الصحراء، مذكرا أن مختلف القرارات التي اعتمدتها الأممالمتحدة أقرت بمضمونه الجاد وذي المصداقية. وأدانوا في هذا الشأن العرقلة التي تفرضها الجزائر على أي أفق للتسوية، عبر التمسك بموقف جامد ومتقادم، وتوظيف عصابة من الانفصاليين، لا إرادة لهم سوى تلك التي يمليها عليهم حماتهم. وجرى تقديم وثائق وشهادات ومراسلات أصلية تؤكد الأسس التاريخية لمغربية الصحراء، منذ القرن السابع عشر، من قبل لحسن المهراوي، الذي عرض، أيضا، رسائل لزعماء القبائل الصحراوية موجهة لسلاطينهم المغاربة. وفي هذا السياق، أكد المهراوي أن مغربية الصحراء تكرسها، أيضا، الاتفاقيات والمعاهدات بين المغرب والقوى الأجنبية، التي كانت تستنجد باستمرار بالسلاطين لحماية أنشطة مواطنيها في الصحراء. كما استعرض المهراوي شهادات وأقوال كبار الشخصيات السياسية الأجنبية من مختلف الجنسيات، خاصة الفرنسية والإنجليزية والألمانية، تثبت مغربية الصحراء، وتعود للقرن السابع عشر حتى فترة الحماية. وعقد وفد الصحراويين المغاربة، يوم الجمعة الماضي، في فلورانسا (وسط إيطاليا)، لقاء مع كبار مسؤولي جهة طوسكانا (وسط) أوضحوا خلالها حقيقة ما يعرف بقضية الصحراء وملاءمة مشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب. وجرى هذا اللقاء، خاصة، بحضور مسؤولة الأنشطة الدولية على المستوى الإقليمي، ماريا دينا طوزي، التي جرى انتدابها من طرف رئيس الجهة، إنريكو روسي. وكشف الوفد، الذي يضم، أيضا، ياسين بلقاسم، عن شبكة جمعيات الجالية المغربية في إيطاليا، وفدرالية الأفارقة في إيطاليا، الإدعاءات التي يوظفها (بوليساريو) وحماته للترويج لوجود "قضية صحراوية" وامتهانهم التضليل، لجلب المساعدات التي يقومون بعد ذلك بتحويلها لحساباتهم الشخصية.