يدخل، غدا الثلاثاء، تلاميذ السنة الثانية من سلك الباكلوريا، اختبارهم النهائي، الذي سيتوج مسار سنوات من الكد والاجتهاد، ودون شك، فمعظم تلامذتنا يوجدون في حالة نفسية لا يحسدون عليهاباعتبار أن ثلاثة أيام من الاختبار ستختصر شهورا وأياما وساعات من التحصيل والحفظ والمراجعة، ومحاولة الإحاطة بكل صغيرة وكبيرة، لأن الاحتمال واللعب على الحظ في مسألة أن يسقط هذا الموضوع أو الآخر في الامتحان، غير ذات معنى وليست سليمة بالمرة، وبالتالي فوضع جميع الدروس في سلة واحدة هي الحل لكي لا يقع في ما لا يرضى. من هنا سنحاول، من خلال هذه الورقة، أن نساهم قدر المستطاع في إذكاء حماس التلاميذ وجعلهم يقبلون دون مركبات نقص على الاختبار، الذي يجب أن يعتبر الجميع أنه لا يخرج عن سياق المقرر الدراسي، وأن ما يمكن أن يطرح في ورقة الاختبار مهما اختلفت طريقة طرحه، فجوابه يكمن في كيفية التمعن والتركيز في حيثيات السؤال، وما يجب أن ننتبه إليه أن فقدان الخيط الرابط للوصول إلى الجواب في الوهلة الأولى، لا يعني انتهاء كل شيء، بل إنه من الأفضل عدم تضييع الوقت في البحث عن الجواب عن سؤال فيما نترك أسئلة أخرى في معزل عن التفكير، باعتبار أن ما يمكن أن يستعصي في البداية يمكن أن يكون سهل المنال عندما تسترد ثقتك وانتباهك، ما يتوجب التركيز عليه أن الأجوبة يجب أن تكون منقحة وهادفة دون تمطيط أو إطناب، خصوصا أن التنقيط عن الجواب لا يكون شاملا، بل مجزءا إلى تفاصيل يجب أن يتضمنها الجواب. ومن الأفيد، أيضا، أن نتعامل مع كل ما راجعناه وحفظناه بمنهجية تعتمد التسلسل المنطقي للأفكار، حتى لا تضيع المعلومة، داعين في السياق ذاته التلميذ إلى الانتباه لما يأكله حتى لا يؤثر على تركيزه، أو يخل بتوازنه، وأن يدخل إلى الامتحان بتفاؤل ودون أدنى خوف أو وجل، باعتبار أن الثقة في النفس هي المفتاح لتجاوز الصعاب، كما عليه أن يركز على تفكيره عن يوم بيوم. وفي انتظار أن تصل المعلومة إلى وضعيتها الصحيحة وتأخذ نسقها السوي نود أن يتفوق جميع التلاميذ الممتحنين في مسعاهم، دون تركيز على الغش أو اعتماد ما أعده الغير. وما من شك أن طريقة الشحن والاعتماد على تكديس المعلومات من طرف الأساتذة في آخر موسم السنة، فقط من أجل إنهاء المقررات، من بين الأسباب التي تصيب التلميذ بالخوف والوجل وتجعله أمام استفهامات كبيرة عما مدى قدرته على تفكيك رموز الامتحان والتفوق في إيجاد الصيغة المواتية لمعرفة واستيعاب ماهية الأشياء المطلوبة. ولتخفيف كل هذه الهواجس والضغوطات التي دون شك ستزيد من تردي نفسية التلاميذ الممتحنين، يبقى على القائمين على شؤوننا التعليمية أن ينكبوا على بلورة مناهج ومقررات دقيقة، تعتمد على الكيف ومقاربة ماهية الشيء لمخاطبة عقل التلميذ ومواكبة طريقة نموه الفكري، إذ لا يعقل أن نتعامل مع التلميذ بمنطق المباغتة والحيل لإيقاعه في سوء الإجابة. وأمام هذا الكم الهائل من الاختلالات المنهجية، يظل الخاسر الأكبر هو المستوى التعليمي ببلادنا، الذي بدلا من أن يكون له وقع الموجه لمسيرة التنمية، أصبح يشكل حجرة عثرة يحول دون السير التنموي على سكته الصحيحة، والسؤال المطروح بحدة متى سنكيف مناهجنا التعليمية مع الاستراتيجية الكبرى للبلاد، للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.