بوجه دائري قمحي اللون، تعلوه شعيرات سوداء لا تبدو عليه أي آثار أو علامة من العلامات التي عادة ما تطبع وجوه المجرمين، وبخطى متثاقلة، كان سعيد الذي اعتاد انتحال صفة شرطي من درجة ضابط، عندما كان مولعا وعاشقا بانتحال الصفة المذكورة مهما كلف الأمر من عقوبات زجرية سالبة للحرية(كان) يتجول بالزي الرسمي لرجال الشرطة بشكل مثير للاستغراب بشارع علال الفاسي بحي الداوديات، تزامنا مع الحملة التمشيطية الروتينية، التي تباشرها عناصر فرقة الدراجين التابعة لولاية أمن مراكش، خلال الفترة المسائية، ما أثار شكوك عناصر الفرقة الأمنية المذكورة، التي اقتربت من الضابط المزيف، وبينما شرعت العناصر الأمنية في استفسار الضابط عن مقر عمله، أثناء تبادل الحديث معه، فوجئت عناصر فرقة الدراجين بالضابط المزيف، الذي كان يتباهى على المواطنين بزي رسمي خاص برجال الأمن على متن سيارة من نوع مرسيدس، يتلعثم في الكلام، فأصروا على إخبار عناصر الشرطة بالدائرة الأمنية السابعة التابعة لولاية أمن مراكش بالقضية، ليجري إخضاعه للتحقيق بشكل حازم، إلى أن تبين لهم أن الأمر يتعلق بشخص ينتحل صفة ضابط شرطة، وخلال عملية تفتيشه عثرت بحوزته على بطاقات أمنية مزورة، وأصفاد من البلاستيك يوهم بها ضحاياه بأنه فعلا ينتمي إلى سلك الشرطة، ليجري إيقافه واقتياده إلى المصلحة الولائية للشرطة القضائية بجامع الفنا، لإخضاعه لتدابير الحراسة النظرية، قبل إحالته على أنظار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، الذي قرر متابعته في حالة اعتقال، طبقا لفصول المتابعة والدعوى العمومية، بتهمة انتحال صفة نظمها القانون. كان سعيد في مرحلة شبابه يحلم أن يحظى بشرف الدخول إلى سلك الشرطة، وهو ما دفعه إلى تقديم ترشيحه لاجتياز المباراة، التي تعلن عنها الإدارة العامة للأمن الوطني، لكن الحظ عاكس سعيد رغم محاولاته المتكررة، من خلال بعض التدخلات، ما جعله يحس بالغبن، جراء عدم الوصول إلى العمل في سلك الشرطة. أصبح سعيد يحس بنوع من التشاؤم، عندما يرى أن أحد معارفه، الذي سبق أن اجتاز معه الامتحان يرتدي الزي الرسمي للشرطة، ما دفعه إلى التفكير في طريقة لارتداء الزي المثير للانتباه بالنسبة له، فاتخذ قراره النهائي وتمكن من الحصول على بذلة رسمية، وقام بارتدائها والتظاهر في الشارع العام بأنه ينتمي إلى سلك الشرطة، وما سهل عليه العملية هو معرفته الدقيقة بجميع حيثيات سلك الشرطة، بداية من الرتب الأمنية إلى طريقة سير المؤسسة الأمنية بولاية مراكش. اعترف سعيد، الذي تجمعه قرابة عائلية مع موظفين بمحكمة الدرجة الأولى والثانية، أثناء محاكمته من طرف غرفة الجنح التلبسية بانتحال صفة ينظمها القانون وارتداء زي رسمي دون سند قانوني. واصل المتهم، الذي ظل يقول في قرارة نفسه "لن أتخلى أبدا عن ارتداء الزي الرسمي للشرطة مهما كانت العقوبات الزجرية التي تنظرني"، (واصل) شرح تفاصيل القضية، التي استأثرت باهتمام الرأي العام المحلي بمدينة مراكش، وشريط إيقافه من طرف عناصر فرقة الدراجين، وأثناء سرده تفاصيل القضية أمام هيئة الحكم، أكد أن ولعه بمهنة الشرطة جعله أمام عدم نجاحه في الامتحانات التي اجتازها، إلى انتحال صفة ضابط، دون مباشرة عمليات النصب والاحتيال. طلب رئيس الجلسة من نائب وكيل الملك تقديم ملتمساته، قبل أن يرفع الجلسة، من أجل التداول في القضية، لتصدر الغرفة الجنحية المذكورة حكما يقضي بإدانة الضابط المزيف بشهرين حبسا نافذا، بعدما ظل لفترة طويلة يتباهى أمام المواطنين باللباس الخاص برجال الشرطة، ليسدل الستار على المحاكمة، التي أثارت ردود أفعال متباينة في أوساط الرأي العام المحلي بالمدينة الحمراء، الذي لم يستسغ قرار الحكم، رغم الإدانة.