اختير الفيلم المغربي "موسم المشاوشة" لمخرجه محمد عهد بنسودة، الذي حصل، أخيرا، على تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان مسقط السينمائي في دورته الأخيرة، للمشاركة في مهرجانين دوليين في الأسابيع القليلة المقبلة. وقال المخرج المغربي محمد عهد بنسودة إن فيلمه "موسم لمشاوشة" سيمثل المغرب في الدورة السابعة للمهرجان الدولي "بنا أفريكان"، التي ستحتضنها مدينة كان الفرنسية، من 21 إلى 25 أبريل الجاري. وأضاف بنسودة في تصريح ل"المغربية" أنه توصل أيضا، برسالة خاصة من المسابقة الرسمية من مهرجان الفيلم المغربي بروتردام "سينمار"، حول مشاركة "موسم لمشاوشة"، في دورته السادسة في هولندا، التي ستعرف مشاركة أربعة أفلام مغربية أخرى هي "اولاد لبلاد" لمحمد إسماعيل، و"الدار الكبيرة" للطيف لحلو، و"المنسيون" لحسن بنجلون، و"البارونات" للمخرج البلجيكي من أصل مغربي نبيل بن يادير. كما ستشهد الدورة أيضا، عرض أربعة أفلام مغربية أخرى خارج المسابقة، هي "خربوشة" لحميد الزوغي، و"نامبروان" لزكية طاهري، و"زمن الرفاق" لمحمد شريف طريبق، و"وشمة " لحميد بناني. من جهة أخرى، أكد بنسودة أن شريطه سيشارك أيضا، في المهرجان السينمائي السادس العابر للصحراء، الذي ستحتضنه مدينة زاكورة في 27 ماي المقبل، مشيرا إلى أن هناك العديد من المهرجانات الدولية الأخرى، التي أبدت اهتمامها بفيلمه الأخير. واعتبر بنسودة الفيلم، ثمرة مجهود جماعي، وتجربة طويلة في المجال السينمائي، الذي دخله منذ حوالي 20 سنة، من خلال وكالة فنية لاختيار الممثلين للمشاركة في الأفلام العالمية، معربا عن أمله في أن يحقق في أفلامه المقبلة، نقلة نوعية في السينما المغربية، التي هي في حاجة ماسة لسينما وطنية، وإيجابية ونظيفة، تعتمد على إمكانيات المغرب، الغني بتراثه المتنوع والغني، بموسيقاه الفلكلورية الجميلة "الحمادشة، وعيساوة، وكناوة، وأحواش.."، وثقافته الدينية العريقة، التي تبلورت داخل أسوار جامعة القرويين كأقدم جامعة عربية ودولية، وتراثه المعماري، الذي مزج بين الهندسة المغربية الأصيلة، والهندسة العربية الإسلامية والأندلسية، التي تعتمد على الزليج المغربي، والفسيفساء، والنقوش البديعة سواء المنقوشة على الجبص أو الخشب، فضلا عن الأزياء التقليدية المغربية المتميزة من قبيل "الجلابة والقفطان...". وأكد بنسودة أنه حاول من خلال فيلمه الاحتفاء بالتراث الوطني المغربي، وإبراز الوجه الحقيقي للمغرب كبلد له خصوصياته، وحضارته المتميزة، معربا عن أمله في أن يساهم الفيلم في إعادة الجمهور المغربي إلى القاعات السينمائية. وتدور أحدات الفيلم في مدينة فاس، والعديد من المدن المغربية التاريخية، وتحديدا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وتحكي قصة الشاب "سليمان" النجار، الذي يجسده هشام بهلول، الذي يسعى جاهدا للظفر بحبيبته "السعدية" ريم شماعو، ابنة أحد أعيان المدينة تاجر "الخليع" "الحاج لمفضل" حميدو بنمسعود، الذي يقع في ورطة نتيجة تعامله مع "الطبوخ" عبد الله فركوس المصارع الشرير، الذي يهابه الجميع، والذي يشترط الزواج من السعدية، مقابل وفائه لإتمام الصفقة التجارية التي عقدها مع الحاج لمفضل لإنقاذه من الإفلاس المحقق. على مدى 100 دقيقة، تتسارع الأحداث في قالب درامي رومانسي، يقترب من الملحمة التاريخية، المبنية على الاحتفالية، وثنائية الصراع بين الخير والشر، والحب والكراهية، والحياة والموت، بسلاسة، قلما نجدها في الأفلام المغربية، يجد "سليمان" نفسه مضطرا بأن يصبح مشاوشيا، للدخول في تحد معلن مع "الطبوخ"، الذي يستعمل كافة الحيل والخدع للظفر ب"السعدية". في جو مشحون بالأحداث الدرامية، يحتفي "موسم المشاوشة" بمدينة فاس وبعض المدن المغربية القديمة، من خلال إبراز القيم الجمالية والروحية للأماكن العتيقة، خصوصا ضريح مولاي إدريس الأول، كما يحاول الشريط رد الاعتبار إلى المواسم الدينية، والمهن التقليدية، والتذكير بالأعراف والتقاليد، التي كانت سائدة في ذلك الوقت. كما يتناول الفيلم تيمة الصراع الأبدي بين الخير والشر، في سينايو يحبل بنهايات غير متوقعة تاركا للمشاهد، طرح العديد من التساؤلات عن مصير "سليمان" الذي يمثل الخير بتسامحه، والحياة بطموحه، وعشقه اللامحدود، وحبيبته السعدية التي ترمز إلى العفة والأنوثة، و"الطبوخ" ومساعده "عوينة" رفيق بوبكر، اللذين مثلا الشر بكل ما يحمله من معنى. بمشاهده المتنوعة، التي تجمع بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة، وغنى التراث، الذي تصحبه موسيقى تصويرية معبرة، من توقيع الفنان المبدع كريم السلاوي، استطاع الفيلم أن يحملنا بالفعل إلى أجواء مغرب القرن التاسع عشر. يذكر أن تصوير "موسم المشاوشة"، الذي صور في مدن فاس، ومكناس، وأرفود، وصفرو، والجديدة، ووارزازات، أول شريط روائي طويل لبنسودة، الذي إخراج ستة أفلام قصيرة، لاقت نجاحا كبيرا، داخل المغرب وخارجه، وتوجت بجوائز مهمة في مختلف المهرجانات الدولية، منها جائزة المهر النحاسي، التي حصل عليها فيلم "الردى"، في مهرجان "الفيسباكو"، الذي احتضنته العاصمة البوركينابية واكادودو، إضافة إلى تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان نفسه عن أفلامه القصيرة " الصمت المغتصب" سنة 2003، و"الجرة" سنة 2005، و"الواجهة" سنة 2006.