أصدر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، تقريرا عن حرية الصحافة والتعبير في المغرب سنة 2008. ويفترض أن يستقطب التقرير المذكور اهتماما واسعا، وأن يثير ردود فعل مختلفة، بالنظر إلى الجرأة العالية، التي طبعت رصده لأوضاع المؤسسات الصحفية وهشاشتها المالية والمهنية، وحدة المنافسة بينها، وعوائق وصولها إلى المعلومة، والانعكاسات السلبية لذلك، وغيره، على استقلاليتها الحقيقية، ومصداقيتها وحريتها، واحترامها للحياة الخاصة. ومن الخلاصات المثيرة حقا، التي بلورها تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أن الوضع انتقل من "الخوف على الصحافة من السلطة التنفيذية" إلى الخوف من الصحافة "على حرية الأفراد والمصالح الأساسية للدولة". ولأن المعطيات الواقعية المتعلقة بتظلم الأفراد، الذين تتعرض حياتهم الخاصة للانتهاك، أو يطالهم السب والقذف، لا تسعف مدبجي الخلاصة المذكورة، يشير تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى أن متابعات الصحف وصدور أحكام قضائية ضدها يظل قليل العدد خلال السنة. ويرد التقرير سالف الذكر هذا الوضع إلى سببين: يتعلق السبب الأول بالإجراءات الخاصة، التي تقيد حرية النيابة العامة في تحريك المتابعة، في عدد من الجرائم. ويتعلق السبب الثاني بالأفراد، الذين لا يتابعون ما ينشر ضدهم، أو الذين يفضلون عدم الالتجاء إلى مقاضاة الصحف. وفي ضوء ما سبق يطرح السؤال المثير: هل تحولت الضحية إلى جلاد!؟