أكد الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن مقترح "البوليساريو"، خلال الجولة الثانية من المباحثات غير الرسمية حول الصحراء المغربية "ولد ميتا، لأنه لم يحمل أي قيمة تفاوضية أو سياسية مضافة". الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون وقال الفاسي في عرض قدمه، يوم الخميس المنصرم، أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، إن الوفد المغربي إلى هذه المباحثات "كان مدركا تماما أن هذا المقترح المتحجر، الذي جرت مناقشته نزولا عند رغبة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، في الاستماع لكل الأطراف، ولد ميتا، لأنه لم يحمل في طياته، أي قيمة تفاوضية أو سياسية مضافة .. باعتباره مراوغة تكتيكية فقط، ومجرد عملية استنساخية لمخططات سابقة". وأوضح أن الوفد جدد إدانة المغرب لمحاولات تحريف مسلسل المفاوضات والتشويش على الدينامية التفاوضية التي أفرزتها المبادرة المغربية، إذ فضح خلفيات تعطيل المسلسل التفاوضي من طرف الانفصاليين، بما فيها المراسلات المكررة، الموجهة في كل حين للأمين العام للأمم المتحدة. وأضاف الوزير أنه بموازاة ذلك، حاول الخصوم ترديد شعاراتهم المعتادة، التي ظاهرها الدفاع المزعوم عما يسمى بانتهاكات حقوق الإنسان وأسرى الحرب، والسجناء السياسيين، والمختفين، وباطنها البهتان والخديعة والابتزاز. وأشار إلى أن الوفد المغربي فند ادعاءات "البوليساريو" المغرضة بشأن وجود 151 من أسرى الحرب لدى المغرب، علما أن هذا الملف أغلق نهائيا في 2005، مذكرا بالاستخدام اللا أخلاقي والدعائي الرخيص، من طرف الانفصاليين، لهذه الورقة طيلة سنوات. وبخصوص وجود 500 مما يسمى بالمختفين من "بوليساريو"، قال الوزير إن الأمين العام للأمم المتحدة لم يعد يتناول هذا الموضوع في تقاريره الأخيرة حول قضية الصحراء المغربية، مبرزا أن المغرب تعاون إلى أبعد الحدود مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقدم لها كل التوضيحات الضرورية، فضلا عن تعاونه البناء مع فريق العمل الأممي حول الاختفاء القسري واللاإرادي، الذي قام بزيارة للمغرب في يونيو الماضي، تعد الأولى من نوعها لبلد عربي وإفريقي، اعتبر خلالها المملكة "بلدا نموذجيا" بالنسبة لدول المنطقة. وفي ما يتعلق بما يسمى بالسجناء السياسيين، قال الفاسي الفهري إن الوفد المغربي قام بفضح مغالطات وافتراءات الطرف الآخر بهذا الخصوص، موضحا أن عددا منهم ينعمون بالحرية، وآخرين هم من معتقلي جرائم الحق العام فقط، وخضعوا لمحاكمات عادلة تتوفر على كل الضمانات القانونية في تطبيق كامل للقوانين والتشريعات الجاري بها العمل على مجموع التراب الوطني. وأكد الوفد المغربي، يقول الوزير، أن هذه الحالات رغم زيفها تبقى في النهاية حالات فردية في دولة مشهود لها باحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان. من جهة أخرى، شدد الوفد المغربي على ضرورة تحمل الجزائر لمسؤولياتها والتزاماتها على مستوى القانون الإنساني الدولي، معتبرا أن بعض الحالات المعزولة لا يمكن بتاتا أن تخفي الشمس بالغربال بحكم المآسي والاضطهاد الجماعي والتعسف الذي يعانيه عشرات الآلاف من سكان مخيمات تندوف، في وقت تصر السلطات الجزائرية على رفض فتح هذه المخيمات، ورفض التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لإحصاء هؤلاء الأشخاص وتسجيلهم تمهيدا لضمان حمايتهم وكفالة حقوقهم، طبقا لأحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، خاصة اتفاقية جنيف لعام 1951 . واستهجن الوفد المغربي أيضا، المفارقات الصارخة ل "البوليساريو" بادعاءاتها الباطلة بخصوص تطبيق "قوانين" ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، أو بالأحرى "جمهورية تندوف" فوق التراب الإقليمي الجزائري، في خرق لأحكام القانون الدولي، خصوصا أن الجزائر لم تسجل أي تحفظات حول اتفاقية جنيف الدولية الخاصة بشؤون اللاجئين لسنة 1951. وأكد الطيب الفاسي الفهري، أن المغرب عازم على مواصلة بذل جهوده وتعاونه مع الأممالمتحدة من أجل تذليل العقبات الناجمة عن المواقف الراديكالية والعدائية لخصوم الوحدة الترابية للمملكة. وقال الفاسي الفهري، إن "المغرب عازم على مواصلة بذل قصارى جهوده وتعاونه النزيه والمخلص مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي (إلى الصحراء) لتذليل العقبات الناجمة عن المواقف الراديكالية والعدائية لخصوم الوحدة الترابية". وأوضح الوزير أن هذه العقبات "تؤثر سلبا ليس فقط على تسريع المسار التفاوضي للتوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه، وإنما أيضا على انبثاق فضاء مغاربي مندمج ومستقر وآمن". "ومن هذا المنطلق، يضيف وزير الشؤون الخارجية والتعاون، فنحن مطالبون بالحرص على مزيد من اليقظة، في تناسق محكم ومترابط بين كل التحركات الدبلوماسية الرسمية والشعبية"، مؤكدا أن من شأن ذلك أن "يضفي على جبهتنا الداخلية مستلزمات المناعة والحيوية والتعبئة الدائمة في إيمان راسخ بحتمية إنهاء هذا النزاع الإقليمي المصطنع لتثبيت المشروعية القانونية والتاريخية لقضية صحرائنا المقدسة، التي اعتبرها جلالة الملك محمد السادس "قضية وجود لا مسألة حدود ". و أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن المغرب شارك في المحادثات غير الرسمية حول الصحراء، التي انعقدت بضواحي نيويورك "بمنظور تفاوضي استراتيجي واضح ومتماسك ". وأضاف الفاسي الفهري، الذي كان يتحدث خلال اجتماع للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، أن هذا المنظور "يرتكز بصفة جوهرية على التوجيهات الملكية السامية للتصدي الحازم والمقدام لتآمر الخصوم على مغربية الصحراء كما أكد ذلك جلالته في سادس نونبر الماضي بمناسبة تخليد الذكرى 34 لتنظيم المسيرة الخضراء التاريخية، وكذا على التوجيهات السامية لجلالة الملك الواردة في خطاب يناير الماضي. وفي ما يتعلق بالسياق التفاوضي العام ذكر الوزير بأن الاجتماع، الذي جرى بحضور الجزائر وموريتانيا و(البوليساريو)، تميز بتطبيق قراري مجلس الأمن 1813 و1871، بشأن الدخول في مفاوضات مكثفة وجوهرية، والأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة من طرف المغرب منذ سنة 2006، والتحلي بالواقعية وبروح التوافق، وتعاون دول الجوار مع الأممالمتحدة، وفي ما بعضها لإيجاد تسوية لهذا النزاع، وكذا مسؤولية ودور كل الأطراف المعنية في الدفع بمسار التفاوض للوصول إلى حل سياسي ونهائي متوافق عليه. وأبرز أن هذا الاجتماع جاء في خضم حملات دبلوماسية ودعائية ل (البوليساريو) بدعم قوي وعلني من السلطات الجزائرية، لعرقلة المفاوضات، تدور حول ما يسمى ب "انتهاكات حقوق الإنسان"، مؤكدا أن ذلك تسبب في إرجاء انعقاد الجولة الثانية، التي كان منتظرا أن تجري في دجنبر الماضي بطلب من الطرف الآخر. وشدد الفاسي الفهري، في هذا الصدد، على أن هذه الحملات "جاءت في سياق الضربات الموجعة التي تلقتها الأطروحة الانفصالية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، فضلا عن مجلس الأمن والجمعية العامة، وحركة عدم الانحياز ومجلس حقوق الإنسان، التي دفعت الخصوم، تحت وقع تأثيرات الانحصار إلى اتباع استراتيجية عدوانية تستخدم حقوق الإنسان بطريقة مبيتة في مناطق متعددة، بما في ذلك محاولات يائسة لاختراق دول معروفة بتأييدها وتعاطفها مع بلادنا". كما أبرز الوزير أن هذا الاجتماع، الذي جرى قبل مدة قصيرة من صدور تقرير الأمين العام واجتماع مجلس الأمن في أبريل المقبل لتجديد مهمة بعثة "المينورسو"، انعقد كذلك "وسط تحركات محمومة لمؤسسات الدولة الجزائرية وشخصيات سياسية"، موضحا أن المغرب "أثار رسميا قبيل انطلاق هذا الاجتماع انتباه الأمين العام لخطورة هذه المناورات، مشددا على أن الهدف الرئيسي من العملية التفاوضية هو إيجاد حل سياسي نهائي، وبأن أي سبيل آخر ستكتنفه مخاطر حقيقية على مآل المسلسل التفاوضي". وأشار الفاسي الفهري، بالخصوص، إلى أن الوفد المغربي أبرز خلال مناقشة آفاق الحل التفاوضي، خاصيات مبادرة الحكم الذاتي كمبادرة تفاوضية خلاقة ومنفتحة ومتجاوبة مع المسار الراهن لمجلس الأمن، الذي أصبحت قراراته أكثر توجيهية في حث الأطراف على الدخول في مفاوضات جوهرية وعميقة، على أساس التحلي بالواقعية والتوافق، أخذا بعين الاعتبار "الجهود البناءة وذات المصداقية"، التي بذلها المغرب منذ 2006.