لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائج "الحرب"، الجارية منذ مدة، في حزب التجمع الوطني لأحرار، لكن، هناك أمرا مهما للغاية، هو أن للصراع الدائر بين رئيس الحزب، مصطفى المنصوري، ووزير المالية، صلاح الدين مزوار، الذي ينتمي إلى الحزب نفسه، انعكاسات سلبية..ليس على صورة هذا الحزب فقط، لكن على المشهد السياسي عموما، ويضرب في العمق كل الخطابات الداعية إلى تحديث الحقل السياسي، والتشجيع على الإقبال على المشاركة في العمل السياسي، إذ لا يمكن، بأي حال إقناع أي شاب بضرورة الانخراط في العمل السياسي، وهو يقرأ ويسمع، يوميا، عن حرب تستعمل فيها كل الأسلحة، القانونية منها والمحظورة. واعتمد طرفا الصراع، بشكل كبير، على وسائل الإعلام لفضح حقيقة هذه الحرب، ونشر غسيلها على صفحات الجرائد، بشكل شبه يومي. وتحولت الحرب من صراع حزبي داخلي، قد يحدث في جميع الأحزاب السياسية، إلى مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات. ويرى محمد أتركين، أستاذ في كلية الحقوق بمدينة سطات، أن "الصراع داخل حزب التجمع الوطني للأحرار كان سيكون طبيعيا لو تعلق الأمر بحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي عرف، على مر تاريخه، العديد من الانشقاقات والصراعات الداخلية، لكن، حينما يتعلق الأمر بحزب، كان يعتبر في القاموس السياسي ضمن الأحزاب الإدارية، فهذا أمر غير طبيعي". ويربط أتركين ذلك بأن الأجواء الداخلية في هذا الحزب كانت هادئة، قبل أن ينفجر الوضع في الشهور الأخيرة. ويضيف"في الحقيقة، لم نعتد على مثل هذه الصراعات داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، وأخذ الصراع داخل هذا الحزب أوجها متعددة حول من يمتلك الشرعية، ومن له الحق في الحديث مع أجهزة الحزب، إضافة إلى أنه أخذ منحى آخر، بتحويل الوجهة نحو القضاء". ومنذ بداية الصراع بين المنصوري، الذي يشغل مهمة رئاسة مجلس النواب، ووزير المالية، صلاح الدين مزوار، دخل الطرفان، عبر وسائل الإعلام، في حرب كلامية، ويعتبر المتحدث ذاته أن الصراع في التجمع الوطني للأحرار عرف "تطورات خطيرة، إذ بعدما كان الحزب هادئا، تحول، في لحظة، إلى حزب توجد به ألغام كثيرة، يمكن أن تنفجر في أي وقت، سيما مع دخول رموز هذا الحزب في الصراع". ويتفق المحلل نفسه مع الرأي، الذي يقول إن الحرب الدائرة حاليا داخل الأحرار ترجع إلى التغيرات، التي عرفها الحزب بعد مغادرة رئيسه السابق، محمد عصمان، الذي عمر في رئاسة الحزب مدة طويلة. ويرى أتركين أن المرحلة الانتقالية، التي يمر بها التجمع، هي التي أفرزت مثل هذا الصراع، لكنه استطرد قائلا إن "خطورة الصراع الحالي تكمن في طول هذه المرحلة الانتقالية للحزب، لأن ذلك سيكون له أثر سلبي على صورته ومستقبله، إضافة أن ذلك سيؤثر على الحكومة، على اعتبار أن الأحرار من أحزاب الأغلبية".