تلقفت الصحافة الجزائرية المقربة من الطغمة العسكرية، وتحديدا جريدة الشروق، تصريحات فؤاد عبد المومني التي نشرها على قناة ريفيزيون، بكثير من الحبور المشبع بالفجور، خصوصا عندما تقيأ لها بما تريد أن تسمعه وتروجه للاستهلاك الإعلامي الداخلي. ولعل ما يثير الاستهجان في تصريحات فؤاد عبد المومني أنه انبرى يهذي ويصدق هذيانه، خصوصا عندما اتهم الدولة بالغياب والنكوص في تدبير كارثة الزلزال، مدعيا أن مسالك الأطلس الكبير كانت مفتوحة ومشرعة وسهلة الولوج من كل المنعرجات، وأن السلطات العمومية كان يمكنها التعجيل بعمليات الانقاذ والتحرك حتى على "الدواب". وربما الدابة الوحيدة التي لم تفطن لها الدولة في تدبير هذه الكارثة هي "مطية" فؤاد عبد المومني، الذي أنكر العشرات من الطوافات والحوامات التي كان هديرها يخرق سماء الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات وغيرها من المناطق المنكوبة، ومعها كل تلك الأرتال العسكرية والأمنية التي كانت تزاوج بين عمليات الإغاثة والانقاذ والمبادرات التضامنية الإنسانية. ومن المؤسف أن يبلغ "حقد" فؤاد عبد المومني كل هذا المدى من العتمة والنفاق والتدليس. فالرجل ادعى أن المغرب أخطأ عندما رفض عروض المساعدة الصادرة عن الدول الأجنبية، زاعما بكثير من السطحية والجهل بأن حضور 100 فريق من المنقذين لا يشكل خطرا أو عائقا أمام عمليات الإغاثة في حالة الكوارث! - Advertisement - ونحن هنا، وقبل أي مجادلة، لن نسأل فؤاد عبد المومني عما قدمه للضحايا من مساعدات عينية، وهل زار المناطق المنكوبة ليعرف ما هي مسارات المنطقة ومسالكها الوعرة، كما سوف نستنكف عمدا عن إحراج فؤاد عبد المومني ولن نطرح عليه أية أسئلة تتعلق بما قدمه لصندوق الإغاثة في إطار واجب التضامن الوطني! فنحن نعرف الجواب مسبقا، لأن من يخرج في العلن ليطعن في الدولة في زمن الكارثة، إنما يداري في السر تقاعسه إزاء الضحايا والمنكوبين من أبناء وطنه. ولكي نوضح للقراء كيف أن فؤاد عبد المومني هو مجرد حاقد وشاهد زور، يتحدث عن كارثة الحوز بالسمع والهمس فقط، وأنه ربما تم تسخيره ليهاجم الدولة وفق أهواء الجزائر، يكفي أن تستعرض ما قاله مثلا Peter Beaumont مراسل الجريدة البريطانية الشهيرة" الغارديان" بعد زيارته لمختلف المناطق المنكوبة. فمن جملة ما كتبه هذا المراسل الأجنبي أن "المغرب يتعامل مع الزلزال بشروطه، والانتقادات التي واجهها كانت مصبوغة بعقلية المنقذ الأبيض (الغربي)"، مضيفا أنه "من العدل أن نقول إن هناك مجتمعات تشهد وصول المساعدة ببطء شديد، إلا أن استجابة الحكومة المغربية بشكل عام كانت فعالة إلى حد معقول". وبخلاف فؤاد عبد المومني، الذي شهد شهادة الزور، كتب مراسل جريدة الغارديان "في غضون حوالي 48 ساعة، أعاد المغرب فتح أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى قلب منطقة الزلزال جزئيا، مما فتح ممراً لوصول المساعدات إلى الأشخاص الأكثر تضررًا. وكانت المروحيات العسكرية في البلاد تحّلق دون توقف لعدة أيام، في حين نجح جهد اجتماعي هائل نَظّمه المغاربة العاديون في حشد المساعدة من الناس في جميع أنحاء البلاد". - Advertisement - فمن نصدق إذن: هل فؤاد عبد المومني الذي كان ينظر ( من التنظير) من شرفة منزله مثل أي شاهد زور مأجور، أم مراسل جريدة الغارديان الذي جلس ثلاثة أيام فوق أنقاض الأطلس الكبير، والذي كتب قائلا " أنه من المناسب أن تقدم الدول الأجنبية المساعدة، فإن هذا يعد امتيازًا وليس حقًا أن تتم دعوتك للمساعدة، حيث أن المغاربة هم في أفضل وضع لتحديد ما هو مطلوب. كما يجب على أولئك الذين يقدمون ويرسلون المساعدة أن يتأكدوا من أن جهودهم تساهم في جهود الإغاثة، ولا تعمل على استنزاف الموارد القيمة". وإمعانا في الانتصار لموقف المغرب الناجح في تدبيره لكارثة الزلزال، كتب أيضا ريتشارد شيريف النائب السابق للقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا على أعمدة جريدة " فاينانشال تايمز" مقالا قال فيه "إن أمن الغرب يعتمد على إعادة بناء المغرب"، مضيفا بأن " تعهد المغرب بإعادة البناء بعد الزلزال الذي أودى بحياة ما يقرب من 3000 شخص هو طموح وضروري للغاية. لقد قادت هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 37 مليون نسمة كل مقاييس التنمية الاقتصادية في أفريقيا، وتعتبر نفسها ينبوعًا للاستقرار في المنطقة". وفي سياق متصل، لم يكن فؤاد عبد المومني هو الوحيد الذي اضطلع بدور الشاهد الزور، الذي ينفث حقدا على بلاده في زمن الشدة، وإنما التحقت به كذلك "سبية" محمد زيان المسماة لبنى الفلاح، التي أرجفت من الكذب حتى سالت المآقي أخاديد من الإفك والبهتان! وهنا لا بد من تكذيب ما اختلقه هذان المفتريان من أكاذيب حول زلزال الحوز. فعلى العكس مما زعمه فؤاد عبد المومني ولبنى الفلاح، فقد أشاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، "بالإنجازات المتميزة التي حققها المغرب في تعزيز واستثمار قدراته على الاستجابة"، مبرزا في هذا الصدد، "الإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية عقب زلزال الحوز". وقال هذا المسؤول الأممي في تصريح للصحفيين بجنيف، يوم أمس الجمعة، "إن المغرب حشد موارد هائلة للاستجابة للزلزال وانتشال الناجين من تحت الأنقاض وتوفير الرعاية الطبية وتوزيع المساعدات الأساسية"، كما سلط الضوء على ما اعتبره "السخاء المذهل للجمعيات المحلية والمتطوعين في جميع أنحاء البلاد". إنها شهادات بعض الأجانب، ممن لا تحركهم خلفيات عدمية ولا أجندات مفضوحة، أما شهادة فؤاد عبد المومني ولبنى الفلاح فهي مجرد شهادة زور يصدح بها المتخلفين عن ركب قوافل المتضامنين مع الضحايا والمنكوبين. وإن كان هناك من منكوب حقا فهو فؤاد عبد المومني الحاقد ولبنى الفلاح الجاهلة !