المغرب 24 : محمد بودويرة شهدت صباح اليوم الأحد العاصمة الرباط، مسيرة حاشدة لآلاف المتظاهرين، يطالبون من خلالها إطلاق سراح كافة معتقلي حراك الريف. المسيرة الإحتجاجية التي انطلقت من ساحة باب الأحد مروراً بشارع محمد الخامس في جوّ ماطر، تصدرتها عائلات المعتقلين، بالإضافة إلى أحزب اليسار المعارض وجماعة العدل والإحسان ونشطاء الحركة الأمازيغية وقيادات نقابية ونشطاء الجمعيات الحقوقية البارزة في المغرب. وندد المحتجون بالسياسات التي انتهجتها الدولة اتجاه "حراك الريف"، و بالأحكام “الجائرة”، مطالبين السلطات بإطلاق سراح كل المعتقلين وإسقاط الأحكام والمتابعات. وفي كلمة له بإسم عائلات المعتقلين، دعا والد قائد حراك الريف، أحمد الزفزافي، إلى تنظيم مسيرة احتجاجية مماثلة بمدينة الحسيمة التي تعيش “وضعا أشبه بالحصار” على حد قوله. وأكد الزفزافي الأب أن إبنه مُصِر على الإستمرار في إضرابه عن الطعام إلى أن يعود لمسقط رأسه بالحسيمة محمولا على النعش. وفي تصريح صحفي قالت والدة نبيل احمجيق أنّ "على الدولة أن تحكّم العقل والحكمة وتطلق سراح المعتقلين جميعهم من بينهم ابني"، واستهجنت هذه الأحكام الثقيلة التي أُصدرت في حق شباب خرجوا فقط من أجل ملف مطلبي مجتمعي، معتبرة أن الأولى أن تصدر هذه الأحكام ضد كل من يسرق وينهب خيرات البلاد. من جانبها أبدت أم “جلول” قلقها من الإضراب الذي يخوضه المعتقلون والذي يشمل إضرابا عن الطعام والماء أيضا، مستنكرة نقل ابنها لسجن طنجة بدون مبرر قانوني. وفي تصريح صحفي لها، أوضحت نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب الإشتراكي الموحد، أنها “خرجت للاحتجاج اليوم بالعاصمة الرباط، للتضامن مع معتقلي حراك الريف وعائلاتهم، ومن أجل توجيه رسالة إلى الدولة المغربية أن تكف عن المقاربة الأمنية الانتقامية في تعاطيها مع حراك الريف”. وأشارت منيب إلى أن “الدولة تعيد المغرب إلى سنوات الجمر والرصاص، التي كان من المفروض أن نقطع معها”، موضحة “أن ما يقع في المغرب شبيه بالغليان الذي تعرفه المنطقة العربية والمغاربية، لكن مع الأسف الدولة المغربية لا تعمل الحكمة في هذا المجال”.
وأكدت الزعيمة اليسارية أن “الحفاظ على الأمن والاستقرار يمر عبر بناء الدولة الديمقراطية، والحفاظ على قضاء نزيه ومستقل لأنه حجرة أساسية في بناء دولة الحق والقانون”، مشيرة إلى “أن المغرب يعيش اليوم عدة تجاوزات، أبرزها الأحكام الجائرة في حق نشطاء أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بالإنصاف، ورفع أشكال التمييز والتهميش، ضد ساكنة الريف التي تفوق نسبة البطالة فيها 50%”. وأبرزت المتحدثة “أنه كان من المفروض على الدولة أن تفتح نقاشا حقيقيا مع نشطاء حراك الريف، وأن تعاقب المفسدين اللذين بددوا الأموال العمومية، في مشروع الحسيمة "منارة المتوسط"، وغيرها من المشاريع، وأن تعاقب أيضا المسؤولين عن طحن "محسن فكري"، لكنها مع الأسف اختارت أن تعاقب هؤلاء النشطاء”. من جانبه طالب الكاتب الوطني لحزب “النهج الديمقراطي” مصطفى البراهمة، بإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية حراكي الريف وجرادة، وغيرها من الاحتجاجات الاجتماعية، واحترام الحريات والاستجابة للمطالب التي رفعتها مختلف الاحتجاجات التي عرفها المغرب. وإعتبر البراهمة أن الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف انتقامية، وستكرس الاحتقان الاجتماعي، موضحا “أن المقاربة الأمنية التي تنهجها الدولة، والتي طالت الجميع بما فيه الصحفيون ستفجر الوضع بالمغرب، وأمثلة السودان والجزائر خير دليل”. وأبرز المتحدث أن الاحتقان والاستمرار في المقاربة الأمنية سيؤديان إلى انتفاضات بالمغرب مشابهة للعديد من الدول العربية. حسن بناجح عضو الدائرة السياسية لجماعة "العدل والإحسان"، إعتبر مسيرة اليوم المطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف، استمرار لنضالات الشعب المغربي ضد الظلم الذي يلحق بمعتقلي حراك الريف، معتبرا “محاكمة معتقلي حراك الريف سياسية وإنتقامية، ووظف فيها القضاء للحكم بأحكام ثقيلة خارج المساطر والقوانين وأي معايير للعقل في ملفات ضخمة وملفقة”. وشدد المتحدث أنه كان من الأولى على الدولة أن تقابل هؤلاء الشباب باعتراف رسمي ومجتمعي، نظرا للدور الذي قاموا به للتنبيه إلى مواطن الفساد الموجودة، لكنها مع الأسف تعاملت معهم بمقاربة أمنية طالت جميع الملفات الفئوية الرائجة حاليا، مطالبا بإطلاق سراح كافة المعتقلين فورا، وبمعالجة الأسباب التي فجرت حراك الريف، لأنها إن لم تعالج “سنعيش حراكات مشابهة له في ظل سيادة العقلية الأمنية الاستبدادية”، على حد قوله. بشرى الخونشافي، زوجة الصحافي حميد المهداوي، المعتقل على خلفية عدم التبليغ عن مكالمة تهدد أمن الدولة بإدخال دبابات وأسلحة، قالت في تصريح صحفي: "اليوم في هذه المسيرة كأسرة الصحافي حميد المهداوي خرجنا من أجل التنديد بالحكم الجائر الذي صدر في حقه ولنقول كفى من الظلم كفى من الحكرة". وأضاف الخونشافي: "بهذه المناسبة أقول لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان الذي قال إننا نحن في بلاد بناء الديمقراطية، هل في علمك أن الصحافي المهداوي إعتقل لانه صحافي وتوبع بالقانون الجنائي وحوكم ب3 سنوات ظلما وقضى ما يناهز 620 يوم في زنزانة إنفرادية تحت الأرض"، متسائلة: "هل هذا يدخل في إطار الديمقراطية المغربية؟"، مسترسلة: "أقول للوزير هل لك علم بهذا ام ليس لك علم بهذا؟، ماذا فعلت في ملف الصحافي المهداوي الذي عرف عدة خروقات؟". وكانت محكمة الإستئناف في الدارالبيضاء قد أكدت مؤخرا الأحكام الثقيلة التي سبق أن أدين بها المعتقلون على خلفية "حراك الريف"، و بلغت في مجموعها 308 سنوات، نال منها ناصر الزفزافي قائد الحراك و3 من رفاقه 20 سنة سجناً نافذاً لكل واحد منهم.