دعا حزب الاستقلال الذي يعد القوة الثالثة داخل مجلس النواب، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى تفعيل الفصل 103 من الدستور، الذي ينص على إمكانية سحب الثقة من الحكومة، وذلك إثر الخلاف الحاد بين مكونات الأغلبية حول القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي. وجاء في بلاغ للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن هذا الطلب يأتي بسبب “التصدع المزمن الذي ما فتئت تشهده مكونات الأغلبية -بما فيها الحزب القائد لها- والذي زادت حدته في الآونة الأخيرة في سياق انتخابوي سابق لأوانه”، وكذا بسبب “المناخ السياسي العام الموسوم بالعبثية والهشاشة وسوء الفهم الكبير بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية نتيجة الفشل الواضح للأغلبية الحكومية ومعها الحكومة في تحمل مسؤولياتها”. كما أن هذا الطلب يأتي بحسب ذات المصر بسبب “التذبذب في المواقف والارتجالية في التعاطي مع مشروع قانون الإطار المتعلق بالتعليم، الذي يضرب في الصميم جدية ومصداقية المسعى التوافقي والتفاوضي الذي انخرط فيه حزب الاستقلال بإيجابية من خلال فريقه النيابي، من أجل إخراج هذا الإصلاح الاستراتيجي بما يجعل المصلحة العليا لبلادنا فوق كل اعتبار “. ويوم أمس أجلت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، للمرة الثالثة جلسة التصويت على مشروع قانون الاطار المتعلق بإصلاح التعليم، وذلك بطلب من جميع الفرق البرلمانية. ويثير هذا المشروع جدلا واسعا بسبب تضمنه لمواد تقضي باعتماد اللغات الأجنبية في تدريس بعض المواد. وانتقد حزب الاستقلال حزب العدالة والتنمية الذي يقود الأغلبية الحكومية، واتهمه ب”التحلل من الالتزام بالصيغة التوافقية حول مشروع القانون الإطار حول إصلاح التعليم”، وقال إن ما وقع “مؤشر غير مسبوق في الممارسات السياسية والتشريعية الفضلى، ويتجاوز مضامين مشروع القانون الإطار إلى ما هو أعمق وأخطر يمس استقرار المؤسستين الحكومية والبرلمانية”. وأضاف الحزب أنه انطلاقا من “ممارسته لحقوقه السياسية والدستورية كمعارضة وطنية استقلالية”، فإنه يدعو “رئيس الحكومة إلى تفعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور من خلال ربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، لدى مجلس النواب بتصويت منح الثقة للحكومة حتى تواصل تحمل مسؤوليتها”. وينص الفصل 103 من دستور سنة 2011 على أنه “يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه. لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب. لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة. يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية” وعلاقة بالموضوع، وصف المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، عمر الشرقاوي، مطالبة حزب الاستقلال بتفعيل المادة 103 من الدستور بأنها “خطوة شعبوية وحركة بهلوانية”، وأضاف في تدوينة نشرها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أن “تحريك الفصل 103 من الدستور هو قرار حصري لرئيس الحكومة، وليس استعطاف ساذج من المعارضة، تقول لرئيس الحكومة اقتل نفسك بنفسك”. وبحسبه فإن “الفصل 103 يلجأ اليه رئيس الحكومة بمحض ارادته لتمرير مشروع قانون بالقوة، اذا كان يشعر بمعارضة قوية اتجاهه والحال ان قانون الاطار المتعلق بالتعليم يحظى بموافقة الفرق وليس رفضها، وان العكس هو الحاصل فرئيس الحكومة هو من يتحفظ على النص فكيف لرئيس حكومة متحفظ عن النص يطالب مجلس النواب بالتصويت عليه او اسقاط الحكومة”. وتابع الشرقاوي أنه في حال قبل العثماني طلب حزب الاستقلال فإن حزب الميزان “سيكون مضطرا للانقلاب على موقفه الموافق على المشروع والتصويت ضده لإسقاط الحكومة، وهذا سيسقطه في تناقض صارخ”. وأكد الشرقاوي أنه كان حريا بحزب الاستقلال تطبيق الفصل 105 من الدستور أي ملتمس الرقابة، بدل استجداء رئيس الحكومة لتطبيق المادة 103.