أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أن الاستثمار في البحث والابتكار يشكل محورا من بين المحاور التي لا محيد عنها في تطوير مختلف قطاعات الاقتصاد الأزرق. وأوضح السيد الشامي، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لورشة تقديم تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “الاقتصاد الأزرق.. ركيزة أساسية لبناء نموذج تنموي جديد للمغرب”، أن “معرفة الأوساط البحرية تمكن من ضمان نشر واستدامة المناطق البحرية وفق مقاربة إيكولوجية”. وسجل أن من شأن هذا التقرير، وهو ثمرة تفكير مشترك، أن يكون أكثر فائدة إذا تم اعتماده من طرف جميع الفاعلين المعنيين، مضيفا أنه “فقط من خلال عمل مشترك ومنسق يمكننا مواجهة التحدي المتمثل في النهوض باقتصاد أزرق شامل ومبتكر ويحترم التوازنات الطبيعية، ويكون اقتصادا في خدمة التنمية البشرية، وكفيل بأن يشكل أحد ركائز النموذج التنموي الجديد، الذي يوجد حاليا في طور البناء”. وأوضح السيد الشامي في هذا الصدد، أن الاقتصاد الأزرق لا يعتبر قضية قطاع أو إدارة واحدة، بل هو تصور يمكن مجموعة من الأنشطة التجارية وغير التجارية بالتعايش في نفس المجال البحري والساحلي، وذلك من أجل تنمية سوسيو-اقتصادية أفضل لفائدة الساكنة المحلية. وأشاد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بكون المغرب “يتوفر على مؤهل حقيقي في الاقتصاد الأزرق، على اعتبار أن واجهتيه البحريتين الممتدتين على 3500 كيلومتر من الساحل، و1.2 مليون كيلومتر مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة، وبثروة سمكية وموارد متجددة هائلة، تمنحه رأس مال بحري مهم”. وذكر في هذا الصدد، أنه خلال السنوات العشرين الماضية، اعتمد المغرب عدة استراتيجيات قطاعية التي غطت مجموعة من الأنشطة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالاقتصاد الأزرق. وقال السيد الشامي إن “المملكة ستستفيد اليوم من إرساء المزيد من التنسيق عبر تبني رؤية جديدة تقوم على مقاربة شاملة ومستدامة ومتكاملة، قادرة على إطلاق العنان لمؤهلات إحداث الثروة وفرص الشغل، لتثمين مؤهل القطاعات المرتبطة بالاقتصاد الأزرق، مع الحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية البحرية”. وأشار إلى أن التقرير يدعو إلى تبني إستراتيجية وطنية مستدامة وشاملة للاقتصاد الأزرق، تتلاءم مع الخصائص الإقليمية وتشمل القطاعات الاقتصادية التقليدية (الصيد والسياحة وأنشطة الموانئ)، والعمل في ذات الآن على تطوير قطاعات جديدة ذات مؤهلات نمو عالية (تربية الأحياء المائية، والسياحة البيئية، والمنتجات البحرية الحيوية، والتكنولوجيات العضوية، وبناء السفن، والطاقة…). واعتبر السيد الشامي أن المشاريع المتعلقة بتنفيذ هذه الاستراتيجية يجب أن يتم تطويرها بالتشاور مع المواطنين والفاعلين المعنيين، مع هدف أساسي يتمثل في تعزيز الولوج إلى الخدمات والموارد البحرية لجميع الفئات الاجتماعية، مضيفا أنه يمكن إسناد حكامة هذه الاستراتيجية إلى لجنة وزارية مختصة يرأسها رئيس الحكومة، والتي من شأنها تحسين التنسيق بين جميع الفاعلين والسياسات القطاعية. من جهته، أكد مقرر التقرير، السيد عبد الله متقي، أن الاقتصاد الأزرق ينبغي عليه أن يقوم على عدة نقاط، لاسيما تعزيز وزيادة تطوير القطاعات القائمة (قطاع الأسماك، والنقل البحري، والسياحة المسؤولة). وأضاف أنه يجب، كذلك، تنمية القطاعات الناشئة، من قبيل تربية الأحياء المائية، وإطلاق قطاعات جديدة، لاسيما تلك المتعلقة بالتكنولوجيا الحيوية البحرية وإدارة الموارد الجينية، مشيرا إلى أن المغرب هو الأول من حيث التنوع البيولوجي البحري على مستوى البحر الأبيض المتوسط، وأنه ينبغي تثمين وتطوير هذا الرصيد. من جهة أخرى، سلط السيد متقي الضوء على جانب من هذه الاستراتيجية، وهي الحكامة القائمة على تماسك السياسات العامة وتقاربها، والقدرة على التحكيم لتحديد الأولويات والسماح للقطاع بالعمل في إطار التآزر، وكذا على ترسيم حدود الجرف القاري الذي أصبح اليوم قضية في طور التسوية، وكذا على دور التخطيط المجالي البحري ودور الأقاليم، لاسيما في إطار الجهوية المتقدمة، مطالبا بأخذ الاقتصاد الأزرق بعين الاعتبار في خطط التنمية الإقليمية. وأحال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتاريخ فاتح دجنبر 2017، على ذاته تقريرا حول موضوع الاقتصاد الأزرق، وفقا للمادة السادسة من القانون التنظيمي رقم 128-12 المتعلق بتنظيم وعمل المجلس. وفي هذا الإطار، أسند مكتب المجلس إلى اللجنة الدائمة المكلفة بالبيئة والتنمية المستدامة مهمة بلورة تقرير حول الموضوع. وخلال دورته العادية ال 93 المنعقدة بتاريخ 21 دجنبر 2018، صادقت الجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالإجماع على تقرير يحمل عنوان “الاقتصاد الأزرق.. ركيزة أساسية لبناء نموذج تنموي جديد للمغرب”.