في ظل انطلاق الحملة الانتخابية لتشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية ,والتي حددت لها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تاريخ 23 يوليوز 2016 لانطلاق الاقتراع الذي سيوزع على 16 مكتبا في حين حدد تاريخ فاتح غشت من نفس السنة لنشر قائمة الترشيحات,و حدد تاريخ 24 من أكتوبر للإعلان عن النتائج. غير ان العديد من المتتبعين الإعلاميين للنقاش العمومي المرافق لهاته المحطة التاريخية بامتياز , ابدوا استغرابهم للتعتيم الإعلامي وغياب تغطيات جدية لهذه الانتخابات التي تعد شأنا مجتمعيا غير محصور على الجسم القضائي فقط، بقدر ما هو أمر يهم الشعب المغربي عامة فالعدل اساس النمو الاقتصادي و الاجتماعي، و الأمن المباشر للمواطن و سلامة الأفراد و الممتلكات و ضمان سيرورة الشأن العام الوطني سواء كان إداريا , حزبيا , نقابيا او اقتصاديا ناهيك عن ثقة السياح و المستثمرين،ما جعل ديننا الحنيف يعتبر العدل أساس الملك و بالتالي فسلامة السير العادي لبلادنا في اتجاه النمو الاقتصادي و الرفاه الاجتماعي و ضمان استمرار الاستثناء المغربي رهين بسلامة الجسم القضائي .
غير ان الملاحظ أن هذا الجسم الحساس و الاساسي اصبح يعرف حراكا كبيرا خصوصا بعد دستور 2011 الذي أتاح للقضاة إمكانية تأسيس جمعيات بل و اصبح العديد من القضاة حاضرين في الساحة عبر انشطة و ندوات فكرية، بادلين كل الجهد من أجل التعريف بمجهوداتهم،و نضالاتهم من اجل ضمان استقلاليتهم المادية و المعنوية و بالتالي الرقي بهدا الجسم الحساس، و تحقيق المصالحة بين المواطن و القضاء و الدي يعرف حاليا انتخابات مفصلية ستفرز مسؤولين ساهرين على تنزيل هده المطالب على ارض الواقع، نلاحظ تعتيما اعلاميا على الحدث و انعدام تغطيات بحجم الحدث و تاثيره على المباشر مستقبل الوطن 0 فباستثناء مجهودات رابطة قضاة المغرب و التي نظمت ندوات صحفية في الموضوع معتبرة الامر حدثا دستوريا بامتياز سينزل بموجبه فقرة من فقراته القوية صوت عليها الشعب المغربي كما الدستور برمته , وكانت اخرها الندوة التي ترأس افتتاحها مصطفى الرميد وأشرف على أشغالها الاستاذ نورالدين الرياحي رئيس رابطة قضاة المغرب , و حج لها عدد مهم من قضاة المملكة , وغاب عنها بعض ممثلي باقي الجمعيات المهنية .
كما ثم رصد العديد من الإختلالات في أداء بعض القضاة لحملاتهم الانتخابية , تتأرجح بين ضعف الدعم المقدم لهم والذي لا يتجاوز تغطية مصاريف التنقلات إلى محاكم المملكة لتقديم وشرح البرامج المهيئة , مع ما يرافق ذلك من ملاحظات و إحراجات تخص طرق باب مكاتب القضاة المعنيين بالخطاب بعد قطع مسافات مضنية و ما يرافق ذلك من اكراهات و تحديات و التي كان اخرها تعرض الاستاد عز الدين الخو احد المرشحين و رئيس محكمة انزكان لحادثة سير خطيرة كادت تجعل منه شهيدا لاستقلالية السلطة القضائية لولا لطف الله , في حين و من جهة اخرى لوحظ ان قضاة مرشحين وصفوا بفئة خمس نجوم، و دلك لما تخللت حملاتهم من حفلات وولائم وحجز لفنادق فخمة تركت زملائهم في حيرة من أمرهم بل جعلت بعضهم يتسائلون عن مصادر تمويلها و جدواها و اهداف مموليها , و قد كان لبعض هاته الجلسات الفخمة الخارجة عن السياق قسط من الشكايات والإحتجاج في شأنها , حيث راسل أحد قضاة إبتدائية سيدي قاسم وزير العدل والحريات بخصوصها، ونبه إلى خطورتها قبيل الشروع في الإنتخابات , فأولى لها الوزير إهتمامه البالغ , وكانت من ضمن نقاط جدول الأعمال التي نوقشت أمامه مع المعنيين بالامر بمقر الوزارة0 و تبقى نقطة الضوء المضيئة في مسار الحملة هي رابطة قضاة المغرب و التي اختارت ان تنزّل الاهداف التي ولدت من اجلها على ارض الواقع، إذ إلتزمت الصمت الواحب، و عدم الانحياز الى مرشحيها ضد مرشحي جمعيات اخرى، معتبرة أن جميع زملاء المهنة سواسية، و ان الاختيار للبرنامج و ليس للشخص و ان الجمعيات المهنية ليست قواعد انتخابية، بل ذهبت بعيدا في تجسيد افكارها على ارض الواقع، بتجميد وضعية جميع اعضائها المرشحين داخل مكاتبهم،و لم يتبث أن رئيسها القى كلمة في احدى ندوات منتخبيها، او عبّر عن رغبته في دعم موشّح ضد مرشّح آخر سواء من جمعيتهم او من جمعيات اخرى